عبدالحفيظ سعد يكتب: الشعب الليبى الشقيق

مقالات الرأي




تعود ليبيا لواجهة الأحداث من جديد مع قرب الموعد الذى حددته البعثة الأممية على إجراء الانتخابات بنهاية ديسمبر المقبل، وذلك تنفيذا لخارطة الطريق التى وضعها المؤتمر الليبى للحوار بجنيف فى مطلع فبراير الماضى.

ورغم الدعم الظاهرى من الأطراف الدولية والإقليمية على ضرورة الالتزام بالموعد المحدد لإجراء الانتخابات، بما يساهم فى تحقيق الاستقرار فى البلد الذى يعانى من الاقتتال الداخلى منذ سقوط نظام معمر القذافى فى ٢٠١١، لكن مسار الأحداث فى ليبيا للآن لا يبشر لإمكانية الوصول لإجراء الانتخابات فى موعدها المحدد، وإمكانية تعقيد المشهد والعودة مرة أخرى للمربع صفر، وذلك لعدة أسباب سواء لصراعات الفرقاء الليبيين فى الداخل أو صراعات القوى الخارجية ووجود مرتزقة أجانب على التراب الليبى.

فنجد فى الداخل بعد إقرار البرلمان الليبى لقانون الانتخابات والشروع فى تقسيم الدوائر، إلا أن هذه الخطوة وجدت محاولات لعرقلة إجراء الانتخابات خاصة من بعض الأطراف الداخلية خاصة من مجلس الدولة والمعروف عنه سيطرة تنظيم الإخوان عليه بقيادة خالد المشرى، والذى دعا لتأجيل الانتخابات عاما آخر إلى ما بعد إجراء الاستفتاء على الدستور. ويدرك الإخوان ومن يحركهم أن إجراء الانتخابات فى الوضع الحالى، سوف يلقون هزيمة كبيرة، خاصة فى ظل الانتكاسة التى ضربت التنظيم فى دول المغرب العربى بعد ما حدث فى تونس، وخسارتهم الكبيرة فى المغرب.

ونجد أن الأمر لا يقتصر على مجلس الدولة فقط، بل إن وجود أصحاب مصالح ونفوذ خاصة من الميليشيات المسلحة التى تسيطر على محيط العاصمة طرابلس تجد أن إجراء الانتخابات ووضع البلاد على المسار السياسى، سوف ينهى وجودها على الأرض وستطالب بتفكيك نفسها أو المواجهة، وخسارة نفوذها المالى أو على الأرض.

ويزيد من ضبابية الموقف، أن الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، لم تعبر عن موقفها بشكل رسمى عن موعد الانتخابات، أو الموافقة على قانون الانتخابات الذى أقره البرلمان قانون الانتخابات مؤخراً، أو اتخاذ خطوات بديلة فى حالة عدم الموافقة على قانون الانتخابات.

ويضاف للعراقيل الداخلية ومحاولة الأطراف التى تخشى الانتخابات سواء الرئاسية أو البرلمانية لتقويض نفوذها فى ظل الوضع الحالى، نجد أن هناك أطرافا خارجية تتدخل بشكل مباشر فى ليبيا، لا تحبذ الذهاب للانتخابات، خاصة أن تدرك الخطوة التالية فى حالة نجاح الانتخابات وتشكيل الهيئات الدستورية المنتخبة، هى المطالبة بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب من ليبيا.

وهنا يبرز الدور الروسى والدور التركى والذى لهما قوات على الأراضى الليبية، وترفضا المطالب الأممية أو حتى الليبية بخروجهما من داخل ليبيا، وتتحجج أن استدعاءهما للتدخل فى ليبيا جاء بناء على طلب من أحد الأطراف. ولذلك فى حالة استقرار الأوضاع فى الداخل الليبى ووجود هيئات دستورية منتخبة سوف يضع فى موقف حرج بإنهاء وجودهما على الأراضى الليبية.

ونجد أن على النقيض من بعض الأطراف الإقليمية للعمل على استمرار الأوضاع غير المستقرة فى ليبيا، تقف دول الجوار العربى لليبيا، خاصة مصر والجزائر وتونس للعمل على دعم أية مسارات تساهم فى تحقيق الاستقرار داخل ليبيا، وتخليص البلاد من حالة الاقتتال الداخلى والعمل على تصفية الأجواء بين مكونات الشعب الليبى، من أجل إعادة إعمار ليبيا.

ويأتى الموقف العربى وعلى رأسه مصر، والذى تمثل فى التحركات الدبلوماسية والسياسية، لإدراك أهمية استقرار ليبيا يساهم فى تحقيق الأمن، بخاصة أن وضع ليبيا الحالى يشكل خطرا عليها فى ظل وجود تحرك لتنظيمات إرهابية على أراضيها والتى تشكل قاعدة لهجمات إرهابية على دول الجوار. ويضاف لذلك أن استقرار الأوضاع يساهم فى تحريك عجلة الاقتصاد الليبى بما يساهم بالنفع المشترك مع دول الجوار والمشاركة فى عملية إعمار ليبيا.

ويأتى على قمة أولويات الموقف العربى وعلى رأسه مصر، لدعم الاستقرار فى ليبيا أنه سيساهم فى إنهاء معاناة الشعب الليبى الشقيق، والذى يعانى من التفكك والتشرذم ونهب ثرواته فى ظل استمرار عدم الاستقرار، والذى لا يستفيد منه إلا القوى التى لا يهما سوى مصالحها حتى لو كانت على جثث شعب ليبيا.