للسعداء عاداتهم فاتبعوها لتسعدوا

منوعات

للسعداء عاداتهم فاتبعوها
للسعداء عاداتهم فاتبعوها لتسعدوا


يقول مارتن سيليغمان، مؤسس علم النفس الإيجابي، إن 60 بالمئة من سعادة الانسان نابعة من عوامل وراثية وبيئية، و40 بالمئة من سعادته نابعة من إرادته، محددًا ثلاثة أصناف من الحياة السعيدة، هي بحسبه: حياة المتعة التي يملؤها الانسان بقدر كبير من متاع الدنيا وملذاتها، وحياة الارتباط التي يربطها الانسان بعمله وأبوته وحبه وراحته، وحياة ذات معنى حين يعي المرء مواطن قوته فيستخدمها ليكون جزءًا من صورة أكبر وأوسع .

السعد معدٍ

إلا أنه بعد التبحر في امور السعد والعيش الهانئ، تفاجأ سيليغمان، كما نقلت عنه صحفية هافينغتون بوست، بأن الأبحاث التي أجريت في هذا المضمار تبين أن لا ناقة للبحث عن السعادة ولا جمل بالاحساس بهذه السعادة الغامرة، وإنما السعادة هي العسل الذي يضاف على الحياة المستورة ، التي تنتج من رجل البحث الحثيث عن الارتباط وعن كل ما له معنى وقيمة في هذا العالم.

وحين التملي بحياة السعداء، يراهم المرء يتبعون عادات يمكن لأي إنسان أن يتبعها في حياته اليومية، لتضيف إليها منحة من السرور. من هذه العادات أن يحيط السعيد نفسه بناس سعداء، لأن السعد معدٍ، وكما يقول المثل العربي جاور السعيد تسعد .

وقد وجد باحثون في ستوديو قلب فرامينغهام، بحثوا في السعادة أكثر من عقدين، أن من يتعامل مع أشخاص سعداء يشعر بالسعادة أكثر من غيره. وثاني هذه العادات الابتسام حين تكون للابتسامة وقعها، لأن الأبحاث تؤكد أن تصنع الانسان الابتسام حين تغمره مشاعر سلبية يمكن أن يزيد المزاج تعكيرًا.

وثالثها، إبداء المرونة دائمًا. فالمرونة، بحسب المختص بالعلاج النفسي بيتر كرايمر، هي ضد الاكتئاب، وليست السعادة. يقول: يعرف السعداء كيف يقفون على أقدامهم بعد السقوط . ورابعها، تقدير ملذات بسيطة، مثل طعم من المثلجات لا أكثر، لأن تقدير الأمور البسيطة مرتبط بتعزيز الشعور بالرضى.

نشوة الخير

ومن هذه العادات أيضًا تكريس بعض من وقتهم لفرح العطاء، لأن التطوع في أعمال خيرية يعزز القدرات الجسدية والعقلية، لن الانسان يشعر بالرضى عن نفسه كجزء من المجتمع، وهذا الشعور شبيه بشعور الانتشاء الذي يسببه تعاطي المخدرات ، كما تقول البروفيسورة كريستين كارتر، فالتبرع للمحتاجين يصيب مركز الرضى في الدماغ، وهو المركز المسؤول عن إفراز مادة دوبامين التي تسبب الشعور بالنشوة .

ومن عاداتهم اختراع نقاش عميق جدًا من محادثة طفيفة، فثمة دراسة أخيرة نشرت في مجلة العلوم النفسية بينت أن من يخوض غمار نقاشات معمقة يشعرون بالرضى عن أنفسهم أكثر، لأن هذه النقاشات توفر لهم المزيد من الفرص للتعبير عن مكنونات أنفسهم.

كما يعتاد السعداء أن يصرفوا المال على الآخرين، لأن ذلك يضاعف الشعور بالرضى، أكثر من أي عملية صرف على النفس. ويعتاد السعداء المحافظة على علاقات وثيقة بالآخرين، من خلال تواصل مستمر، في الواقع وفي العالم الافتراضي لمواقع التواصل الاجتماعي، ورؤية النصف الممتلئ من الكأس، والاستمتاع بالمزيج الموسيقي الذي يولد لديهم مشاعر مختلفة، تتآلف كما الموسيقى في تناغم مرضٍ، والانفصال عن الواقع نهائيًا في بعض الأوقات من خلال الانصراف عن الحضارة نحو الطبيعة، أو عن الصخب نحو التأمل، والاكثار من الصلاة لما تؤسس له من علاقة روحانية مع العالم المادي. فجرعة من التأمل اليومي أو الصلاة والخشوع في ضوء الشموع، يمكن ان تزيح عن قلب الانسان كثيرًا من الهموم التي تنغص الحياة.

يا هناهم!

والمعروف عن السعداء أنهم يقدمون الرياضة على أي نشاط آخر، لأنها تنشط فيهم مادة أندورفين، وهي المادة التي توقد شعلة السعادة في الوجدان البشري. فقد أثبتت الدراسات الحديثة في هذا المجال أن المواضبة على التمارين الرياضية تخفف من أعراض الاكتئاب والقلق والارهاق، بفضل المواد الكيميائية التي تفرزها الغدد من أجل تعزيز الشعور بالسعادة والاسترخاء.

كما يهوى السعداء الهواء الطلق، أي الخروج من المنازل والمناطق المقفلة، حتى لو كان ذلك لنصف ساعة في اليوم. يقول الدكتور ريتشارد رايان، وهو مؤلف العديد من الأبحاث التفسية، إن الطبيعة غذاء الروح، فبدلًا من اللجوء إلى فنجان من القهوة لتعديل المزاج، الأفضل هو الخروج إلى الطبيعة .

وينام هؤلاء السعداء ملء الجفون، وهذا ما يزيدهم سعادة ونضارة، لأن النوم الكافي يوفر للانسان استقرارًا عاطفيًا. ويضحكون عاليًا، أو يقهفهون لأن الضحك خير دواء بالنسبة إليهم، كما يتبخترون في مشيهم، لأن السعادة تغمرهم من رؤوسهم حتى أخمص القدمين، فيبين فيهم سعدهم... يا هناهم!