مشروع تصنيع البلازما يحقق لمصر نقلة نوعية كبرى (تفاصيل)

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


في ظل جائحة كورونا وتداعياتها الإقتصادية التي فرضتها على كافة بلاد العالم يسير مشروع تصنيع البلازما والإكتفاء الذاتي من مشتقاتها، والذي أطلقته الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة في الخامس عشر من يوليو الماضي، بخطواتٍ ثابتةٍ نحو تحقيق أهدافه محدثًا نقلة نوعية في المجال الطبي لمصر

أعلنت وزارة الصحة أنّ إجمالي مراكز تجميع البلازما التي تم تجهيزها مؤخرًا في مصر بلغت ٧ مراكز من ضمنها مركز التبرع بالبلازما الذي تم افتتاحه أمس، الخميس، بمدينة السادس من أكتوبر لافتةً إلى أن الإنتهاء من أعمال تجهيز ٢٠ مركز تابعين لوزارة الصحة والسكان سيكون خلال المقبل وذلك بالتوازي مع إنشاء مصنع لتجميع وتصنيع مشتقات الدم بالعاصمة الإدارية الجديدة لتوطين تكنولوجيا التصنيع في هذا المجال.

وشهدت مدينة السادس من أكتوبر أمس افتتاح مركز تصنيع وتجميع البلازما والذي يعد أول مركز متكامل في أفريقيا والشرق الأوسط وتم ذلك بالتعاون بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة وشركة جريفولز الإسبانية الرائدة في ذلك المجال

في ضوء ذلك يوضح خبراء " للفجر" مدى أهمية هذا المشروع الضخم الذي يعد طفرة طبية راقية على أرض مصر

مشروع صحي أمني واقتصادي:

قال الدكتور أمجد الحداد رئيس قسم الحساسية والمناعة بهيئة المصل واللقاح، يعد مشروع مشتقات البلازما أكبر المشروعات الصحية التي تتم في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث أن لهذا المشروع بعدين الأول أمني حيث كان هناك معاناة في فترة من الفترات في توفير مشتقات الدم ومات آلاف المرضى بسبب نقص factor 8، مادة تعوض العامل الثامن الذي يتم إنتاجه في البشر بواسطة الجين إف ٨ وعند وجود طفرات في هذا الجين يتعرض الشخص لمرض الهيموفيليا_ أ فلا يستطيع جسمه تكوين الجلطات، لمرضى الهيموفيليا ونقص البلازما عند المصابين بسبب الحوادث فكان المصاب بمرض الهيموفيليا عندما يتعرض لحادث يأتي بنزف كبير ولا توجد مشتقات البلازما اللازمة لعلاجه حيث كان يتم استيرادها وهي تصدر لمصر بكميات محدودة، بالإضافة إلى نقص الألبومين وحقن عامل الريزوس Rh والأجسام المضادة والذين يعدوا من مشتقات البلازما الهامة جدًا لعلاج بعض الأمراض الخطيرة فكان كل ذلك يتم استيراده ولا يوجد سوى ثلاث مصانع على مستوى العالم 


وأضاف الحداد في تصريحات خاصة " للفجر"، عندما نكون بصدد الإنتهاء من إنشاء مصنع لإنتاج البلازما يحقق اكتفاء ذاتي من مشتقات الدم لمصر فهذا بعد أمنى هام جدًا، أما البعد الإقتصادي فسيتمثل في أن مصر ستصبح أكبر مصدر لمشتقات الدم على مستوى الشرق الأوسط ودول أفريقيا 

وتابع، يمكن تلخيص أهمية هذا المصنع طبيًا في توفيره لمشتقات الدم لعدة أمراض خطيرة تؤدي إلى الوفاة مثل العامل الثامن الهام للتجلط لمرضى الهيموفيليا، وتوفير الألبومين لمرضى الكبد، وتوفير حقن عامل الريزوس والأجسام المضادة والبلازما لمرضى ضعف المناعة 

ويرى رئيس قسم الحساسية والمناعة أن هذه الأمراض أخطر بكثير من جائحة كورونا والأطباء وحدهم هم من يدركون كم المعاناة التي كانت تواجهم مع المرضى لتوفير مشتقات الدم، كما أن إمكان الدولة في ظل هذه الجائحة من إنشاء مصنع بهذه الأهمية يعد إنجاز تاريخي.

يخدم طائفة من الأمراض:

قال الدكتور محمد بكير، أستاذ الباطنة بكلية الطب جامعة الأزهر واستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد والحميات، مشروع تصنيع البلازما مستودع علاجي هام لطائفة كبيرة من الأمراض ومصر كانت بحاجة ماسة لمثل هذا المشروع

وأضاف بكير في تصريحات خاصة " للفجر"، يكون مرضى الكبد دائمًا بحاجة ماسة إلى البلازما حيث توجد لديهم مشاكل في التجلط ويلعب توفير البلازما في مثل حالتهم دورًا حيويًا خاصةً إذا كان المريض مريض تليف كبدي وبصدد الدخول إلى عملية جراحية حيث تكون البلازما هي الوسيلة الوحيدة لمعالجة مشكلة التجلط وبدونها يحدث نزيف يعوق أمر دخولهم لإجراء العملية. ويعد توفير البلازما أمرًا هامًا للمريض الذي يتطلب عملية زراعة كبد حيث يحتاج كميات كبيرة من البلازما لإتمام هذه العملية 

وتابع، أن البلازما يمكن أن تمثل وسيلة علاجية لبعض الأمراض الخاصة بالكبد، وسيوفر مشروع تصنيع البلازما الصفائح الدموية اللازمة لمرضى الكبد أيضًا وذلك بعد أن يتم فصلها من مشتقات الدم الأخرى، كما أن مريض الإستسقاء الكبدي يكون لديه نقص في الألبومين، البروتين الأساسي الموجود في الدم، ويحتاج الأطباء لعملية بذل لتعويض هذه المادة والتي للأسف لم تكن متوفرة في مصر بالشكل الكافي فكان يضطر الأطباء إعطاء المريض كمية أقل من الكمية المطلوبة لمعالجة المريض فتتعثر عملية العلاج. كذلك المرضى المعانون من تكسير الدم يحتاجون إلى فصل البلازما الأمر الذي يعني إزالة البلازما من دم المريض وتعويضه ببلازما طبيعيه والذي يعد علاجًا حيويًا للأمراض المناعية التي تتمثل في عدة أشياء منها نقص البلازما أو تكسيرها 

ولفت إلى أن هذا المشروع سيخدم مرضى الأعصاب مثل الذين يعانون من مرض التصلب العصبي المتنافر أو التهاب الأعصاب المناعية، فمرض التصلب العصبي المتنافر قائم على وجود أجسام مضادة تهاجم الأعصاب وجزء من الخطة العلاجية لعلاج ذلك يكون من خلال إزالة البلازما من دم المريض والتي تحوي هذه الأجسام المضادة وتعويضه ببلازما شخص طبيعي، وكذلك متلازمة guillain barre، جويلان باريه مرض يؤثر على الأعصاب الموجودة في جميع أنحاء الجسم ويحدث بسبب مهاجمة الجهاز المناعي أجزاء من الجهاز العصبي، والتي يكمن علاجها في فصل البلازما

وأوضح أنّ هناك مرض يعرف بنقص الصفائح الدموية الخبيث الذي يؤثر على الجهاز العصبي بصفة عامة ويصحبه تكسير في خلايا الدم وقصورًا في وظائف الكلى وتشنجات، ويتم علاجه بشكل رئيسي عن طريق فصل البلازما ويتم استهلاك كميات كبيرة من البلازما حيث يستخدم في الجلسة العلاجية الواحدة عشر وحدات من البلازما، بالإضافة إلى مريض الهيموفيليا أو أمراض التجلط التي تحتاج مستحضر cryoprecipitate، منتج دم مجمد محضر من البلازما.

واختتم أستاذ الباطنة تصريحاته قائلًا، هناك كثير من المستحضرات العلاجية الأخرى التي سيوفرها هذا المشروع كالهيموجلوبين الهام لعلاج مرض تكسير كرات الدم الحمراء المناعي ونظيره تكسير الصفائح الدموية المناعي واللذان يحتاجان في علاجهما إلى كمية كبيرة من مادة الهيموجلوبين المكلفة على المريض حيث كانت تصل تكلفة الجلسة العلاجية الواحدة إلى ٣٠ ألف جنيه الأمر الذي يمثل عبء كبير على المريض وقد يدفعه إلى عدم استكمال علاجه، بالتالي توفير هذه المستحضرات في مصر بلا شك سيخفض من تكلفتها وسيفتح آفاق جديدة لعلاج أمراض كان من الصعب علاجها.

له دور خاص في مجال القلب:

قال الدكتور محمد عزيز، استشاري القلب وعميد معهد القلب القومي، مشروع تصنيع البلازما هام جدًا ويعالج مجموعة من الأمراض وأهميته بالنسبة لمجال القلب تكمن في توفير البلازما اللازمة في العمليات الجراحية 
وأضاف عزيز في تصريحات خاصة " للفجر "، هناك ثلاث حالات تتمثل فيهم أهمية البلازما التي سيوفرها هذا المشروع بالنسبة لمجال القلب، الأولى في حالة المريض الذي بصدد الدخول لعملية القلب المفتوح تُكتب له مادة الهيبارين قبل ماكينة القلب الصناعي تحديدًا وذلك حتى تؤدي إلى زيادة نسبة السيولة في الدم فإذا لم تصل نسبة السيولة للنسبة المطلوبة يلجأ الطبيب إلى البلازما حتى تساعد على رفع السيولة فإذا كان هناك عجز في البلازما يدخل المريض في مشاكل خطيرة، وبعد الخروج من ماكينة القلب الصناعي يحدث قصور ونقص في عوامل التجلط والبلازما غنية بعوامل التجلط فضروري استخدامها في هذا التوقيت أيضًا.

وتابع: يكتب أطباء القلب أدوية سيولة لمريض جلطات القلب، فإذا كان مريض القلب يتبع أدوية السيولة وأخذ جرعة زائدة وزادت نسبة السيولة لحوالي ٨ أو ١٠ يدخل المريض في حالة نزيف فيبدأ ينزف دم من فمه وأنفه ويمكن أن تدهور حالته ويحدث نزف حول القلب والعلاج الوحيد في هذه الحالة هو البلازما وهذه هي الحالة الثانية

ولفت إلى أن الحالة الثالثة تكون في حالة إجراء عمليات جراحة القلب أيضًا حيث يمكن أن يحدث للمريض نقص مفاجئ شديد في سوائل الجسم وهنا يتوجه الأطباء إلى إعطاءه محاليل تكون لها صفة الثبات في الدورة الدموية من ضمنها البلازما.