طارق الشناوي يكتب: الجوائز لمن يستحقها!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي




كتبت، أمس وقبل إعلان الجوائز بساعات، أنى غير موقن بحصول فيلم (ريش) على جائزة! أشرت إلى بعض التجارب السابقة التى تتكرر فى عالمنا العربى، عندما يثار لغط حول فيلم أو نجم أو مخرج، قد تؤثر إدارة المهرجان السلامة، وتستبعده أساسًا من الترشيح، المهرجان تعامل مع الأمر باحترافية محافظًا على مكانته التى حققها فى دوراته السابقة، بقيادة المدير العام انتشال التميمى، ولم يفرض شيئًا على لجنة التحكيم التى تمتعت بكامل حريتها.

حصل (ريش) على جائزة أفضل فيلم عربى، وهى الجائزة الثالثة التى يحصل عليها خلال أسبوع واحد فقط وذلك بعد جائزتى مهرجان (كان) فى أكتوبر الماضى.

حيث نال جائزة الأفضل من مهرجان سينمائى بالصين، ثم جائزة أفضل فيلم عربى من مجلة (فاريتى). حصول الفيلم على جائزة (الجونة) سيفتح شهية البعض لمواصلة الحديث عن الفيلم الموصوم عند عدد من الفنانين والصحفيين بالإساءة لسمعة مصر، وهو اتهام يماثل الخيانة الوطنية، ورغم ذلك يتم إطلاقه عشوائيًّا.

الوجه الإيجابى للصورة أننا لأول مرة ننتقل بالحديث بدلًا من فساتين النجمات إلى شريط سينمائى.

أعجبنى أن مؤسس المهرجان المهندس سميح ساويرس فى كلمته القصيرة بالختام أشاد برجال الحماية المدنية الذين أطفأوا ببسالة الحريق، الذى نشب قبل الافتتاح، وصعد بهم إلى مقدمة المسرح ونالوا أكبر قسط من التصفيق، ملمح اجتماعى تلعبه فى كل الدنيا المهرجانات، وكثيرًا ما نغفل عنه فى مصر، الإطلالة الاجتماعية لا تتناقض أبدًا مع العمق الثقافى، بل تزيده توهجًا.

تم تكريم الفنان الفلسطينى الكبير محمد بكرى بجائزة (الإنجاز) رغم عدم تمكنه من الحضور، عُرض شريط تضمن أعماله الفنية، قبل أن تتسلم الفنانة الفلسطينية مى عودة جائزته المستحقة وتلقى كلمة بالنيابة عنه.

الفيلم الحائز الجائزة الذهبية كان حقًّا هو الأجمل والأروع وغيرها من أفعال التفضيل، (الأعمى الذى لم يحب تيتانيك) إخراج الفنلندى تيمونيكى وحصل الممثل بيترى بويكولاينن أيضًا على جائزة الأفضل.

البطل كفيف وقعيد، ومصاب بالسرطان، وينتظر أيامه الأخيرة ورغم ذلك يشع حضورًا وتحديًا ويمنحنا الأمل فى الحياة، يربطه بالعالم الخارجى تليفونه المحمول، يتعرف على فتاة تعانى من أمراض خطيرة، يشعر بميل عاطفى ويقرر رغم كل تلك المحاذير أن يزورها فى بيتها وفى الرحلة يقابل الملائكة والشياطين، يحمل الشريط خصوصية فى التعبير بكل العناصر الصوتية والبصرية.

المهرجان فى عامه الخامس يقفز درجات إلى أعلى، مساحة تواجده على الخريطة العالمية إنجاز ينبغى دراسته جيدًا، صار يشكل عامل جذب للرعاة لكى يضخوا أموالًا تحمى المهرجان اقتصاديًّا، أهم ميزة نجح فى تحقيقها وهو قطعًا لا يقصد أنه حث الدولة على زيادة مساحة الدفء لمهرجان القاهرة.

كل التفاصيل التى رأيتها منذ اندلاع الحريق تؤكد أن هذا المهرجان وُلد ليعيش وينتعش ويتجدد.

ويتبقى سؤال سيلقى ظلالًا كثيفة على حياتنا الثقافية، هل يجوز استخدام سلاح الإساءة لسمعة مصر؟ فى عام 1976 تعرض فيلم (المذنبون) لسعيد مرزوق لحملة شرسة على اعتبار أنه يحمل إساءة للوطن، تصادف ذلك مع انطلاق مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى أولى دوراته برئاسة كمال الملاخ، رفض الملاخ الإذعان لتلك الأصوات المتشنجة وحصد بطل الفيلم عماد حمدى جائزة أحسن ممثل، وصار (المذنبون) واحدًا من أفضل ما تفخر به السينما المصرية، هل وصلت الرسالة، ولّا نقول كمان؟!.

[email protected]

المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).