كيف حاول الإخوان حرف المسار السياسي في السودان منذ نجاح الثورة؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


منذ سقوط نظام الإخوان في أبريل ٢٠١٩ والذي حكم السودان على مدى ثلاثون عامًا ويستخدم الإخوان أدواتهم لتهيئة المسرح متمنين عودة عقارب الساعة إلى الوراء والوصول إلى السلطة مجددًا وهم يستندون في تحقيق ذلك إلى شبكة واسعة من مراكز النفوذ المالي والعسكري والإعلامي تمكنوا من بنائها على مدار الثلاث عقود التي قضاها البشير في الحكم

يختلف أمر السودان عن باقي الدول التي مرت بتجارب مع تنظيم الإخوان حيث أن الجماعات الإخوانية متغلغلة في مفاصل السودان نتيجة وصولها إلى السلطة عام ١٩٨٩ واستمرارها إلى ٢٠١٩ فهي تعد بذلك أول جماعة إخوانية تسيطر على الحكم بشكل كامل على مستوى العالم العربي. ولذلك كان أمر تفكيك بنية تنظيم الإخوان من قبل اللجنة الوطنية في غاية الصعوبة.

وبناءًا على ما سبق واستنادًا على قاعدة الإخوان المادية التي تقدر بنحو أكثر من ١٠٠ مليار دولار حاول الإخوان إحداث فوضى في السودان تحت مسميات برز منها خلال الآونة الأخيرة مساعي الوصول إلى اتفاق جوبا للسلام أو حل لمشكلة تهميش شرق السودان وهم في الحقيقة يسعون إلى السلطة من وراء ذلك بدليل مطالبهم الصريحة بحل السلطة بدلًا من حل مشكلاتهم ونتيجة لتلك المحاولات تورطت السودان في خسائر قدرت بنحو ٧٠٠ مليار دولار وأُقعِد اقتصادها

محاولات الإخوان الصريحة لإحداث الفوضى
في السابع عشر من أغسطس عام ٢٠٢٠، تظاهر ثلاثة آلاف شخص، ينتمون إلى الإخوان، في الخرطوم اعتراضًا منهم على الإنتقال السياسي ورغبةً في إفشال الفترة الإنتقالية التي تم التوصل إليها كحل مؤقت بعد الإطاحة بالبشير في ٢٠١٩

وفي الثامن من فبراير الماضي كشف عبد الله حمدوك رئيس الوزراء عن وجود حكومة جديدة تحوي سبع وزراء من مجموعات متمردة كانت ناشطة في ظل النظام السابق

أعقب ذلك سبتمر الماضي حيث المحاولة الإنقلابية الفاشلة بقيادة اللواء عبد الباقي البكراوي وبالتعاون مع قادة سلاح المدرعات بضاحية الشجرة جنوب الخرطوم وكلٍ منهم يتنمي للنظام السابق حيث تنظيم الإخوان، وفيها تم الدخول إلى مبنى التلفزيون السوداني وحاول الضباط إذاعة استيلاءهم على السلطة لكن تمكن الجيش من إحباط هذه المحاولة الإنقلابية

وفي السادس عشر من أكتوبر الحالي، قام موالون للنظام السابق بنصب خيام واعتصموا أمام القصر الرئاسي حيث مقر السلطة الإنتقالية وكانوا ينادوا بحل الحكومة وإقامة حكومة من المكون العسكري التابع لنظامهم

واليوم حيث الخامس والعشرين من أكتوبر، اعتقل عسكريون مسؤولين سياسيين ووزراء حكوميين على رأسهم رئيس الحكومة عبدالله حمدوك الذي وضعته العسكر تحت الإقامة الجبرية، لتكون هذه المحاولة الإنقلابية السادسة والأبرز من ضمن المحاولات التي تقع منذ مطلع ٢٠٢٠ والتي تعقب المظاهرات المدعومة من الجانب الإخواني التي بدأت منذ الحادي عشر من أكتوبر الحالي.

عدم استقرار السودان
في هذا الصدد قال الدكتور طارق فهمي، الخبير في الشؤون السياسية، عدم الإستقرار في السودان هو المرشح بقوة في الفترة المقبلة. والعناصر الإخوانية موجودة في قيادات الدولة على المستويين العسكري والمدني وبحدوث سلسلة الإعتقالات وما تبعها من وضع حمدوك تحت الإقامة الجبرية تكون السودان في مواجهة سيناريو مفتوح ولا بد من تصحيح المسار العبثي الذي يلعب به الإخوان

وأضاف فهمي في تصريحات خاصة " للفجر"، المخاوف قائمة حيث توجد دعوة للنزول إلى الشوارع وسط ما يجري من اعتقالات ومحاولات انقلابية تنتهك الوثيقة الدستورية وتجمع المهنيين السودانيين رافض تمامًا أي محاولة إنقلاب عسكري من أي جهة وبالتالي دعى المواطنين للنزول لحماية الثورة وهناك تحركات شعبية في الشارع السوداني لمواجهة أي انقلاب قد يحدث منوهًا إلى أنّ تصحيح المسار سيتطلب إقامة حكومة مدنية تضم كافة الأطراف الأخرى

وتابع الخبير في الشؤون السياسية، في ظل التحركات العسكرية الكبيرة من الواضح أن مجلس الوزراء وعبد الفتاح البرهان أمامهما بعض الوقت لتنفيذ التحول الديمقراطى

وأوضح أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تراقب الساحة السودانية والمبعوث الأمريكي إلى القرن الأفريقي جيفري فليتمان التقى مع عبد الفتاح البرهان وحمدوك ومحمد حمدان دقلو وتوصلوا إلى أن حل الخلافات لن يأتي بالأمور السلمية وهناك تبادل في إلصاق الإتهامات نتيجة الأزمات التي تشهدها السودان وبالتالي الوصول إلى حل لن يكون قريبًا وليس بالأمر السهل هناك أطراف إخوانية تكسب من المشهد وبقاءه بهذه الصورة، بل إن تصعيده هدف من أهداف الجماعة الإخوانية لن يكون رحيل الإخوان من مفاصل وقطاعات الدولة السودانية سهل حيث يوجد لديهم موروث ضخم نتاج فترة البشير فمن الصعوبة القول بأن دورهم سيزول أو سيتحللو سريعًا. الوضع غير مستقر في السودان وسيكون له تأثيرات على منطقة القرن الأفريقي

أسباب ساعدت الإخوان على الفوضى
في هذا الصدد قال محمد قسم الله، الخبير السياسي من السودان، أحد الأسباب التي دعمت الإخوان وساعدتهم في تحقيق الفوضى منذ الإطاحة بالبشير هو تحويل الدولة إلى دولة حزب فالمؤسسات الحكومية والوزارات تأتمر بأمر الحزب نتيجة سيطرة العناصر الإخوانية على أهم الوظائف القيادية في الدولة

وأضاف قسم الله في تصريحات خاصة " للفجر"، وأخطر ما انتجته ثورة السودانيين هو لجان المقاومة وهي وحدات صغيرة تستخدمها الاحزاب في تمرير اجندتها وتتم تغذيتها عن طريق الإخوان بالشعارات والأموال مستغلين حداثة سن عضويتها ومحدودية تعليمهم وهي قطاعات عريضة في كل مدن السودان، المشكلة أنّ الجميع استخدم هذه اللجان في المدن والأحياء والمناطق وظلت تتضخم كل يوم حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه الآن وبات الخطر يجثو على المجتمع