عبدالحفيظ سعد يكتب: الحرام الشرعى.. المحلل كارثة تضرب المجتمع.. والخطاب الدينى سلاح المتشددين

مقالات الرأي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تصعيد عملائها المباشرين لإدارة الجماعة وتحميل مسئولية الفشل والفساد المالى للأمين العام المعزول

عملية غسيل سمعة مدفوعة فى الغرب بهدف جلب التعاطف مع الجماعة الإرهابية

على مدار الأسبوع الماضى، شهد تنظيم الإخوان الإرهابى تحركات غير تقليدية، وعملية تغيير للسلطة والنفوذ داخل الجماعة، وذلك بتمكين إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد من قيادة الجماعة منفردا، بعزل مجموعة من قيادات الجماعة وعلى رأسهم محمود حسين الأمين العام للتنظيم، وستة آخرين من أبرز من يقود حاليا.

وجاءت العملية بشكل مثير خاصة أن الكشف عنها لم يأخذ طابع السرية، كما هو معتاد فى الجماعة، لكنه أخذ شكلا علنيا بل إنه شهد عملية ترويج له على القنوات التابعة للتنظيم الإرهابى والتى تصدر من لندن وإسطنبول.

وخصصت هذه القنوات بثها عن العملية والترويج للقائد الجديد إبراهيم منير والهجوم على خصومه من فريق محمود حسين والذى وصل لحد القدح فى ذمتهم المالية والنبش فى عملية السرقات من أموال الجماعة وعملية شراء العقارات والسيارات الفارهة لقادة التنظيم الذين يعيشون فى تركيا.

وظهر التنظيم فى عملية صراع داخلى والغريب أن إعلامهم الخاص، هو من يروج لهذه الخلافات فى مشهد غير مألوف على التنظيم الذى يحترف السرية ليس داخله فحسب ، بل فى تحركاته وعلاقاته الخارجية، لتثير العلانية ونشر الفضائح المتبادلة لإعلان القرارات الجديدة عدة علامات استفهام: أولها لماذا تتعمد الجماعة التحدث بكل فجاجة عن الفضائح المالية والأخلاقية لقادة التنظيم؟ وهل الخلافات والصراعات بين قادته حقيقة أم هى للعبة أخرى لهذا التنظيم الإرهابى؟ وما يخطط له التنظيم؟

ولكى نتمكن من وضع إجابات على الأسئلة السابقة، علينا أن نذهب بعيداً عن القاهرة أو إسطنبول التى تدور على أرضها الخلافات المعلنة. ونتحرك إلى حى «كريكلوود»، حيث مقر التنظيم الدولى للإخوان فى شمال العاصمة البريطانية لندن، بالإضافة إلى شارعى «هانجر لين» و«كراون هاوس» فى غرب عاصمة الضباب.

فى هذين الشارعين تبدأ القصة التى يتحرك وفقها رءوس الجماعة ولا تنقلها قنوات ولا أذرع الجماعة الإعلامية، حيث يقع فى الشارعين ما يزيد على ٢٠ مقراً لمنظمات ومراكز إخوانية فى لندن وعلى سبيل المثال، مؤسسة قرطبة التى يديرها أنس التكريتى ومنظمة الإغاثة الإسلامية، و«النداء الإنسانى» و«الإغاثة الإسلامية البريطانية» و«اليد الإسلامية»، والعديد من المركز الأخرى التى تدير الجماعة.

ونجد أن كل هذه المنظمات يديرها أعضاء فى تنظيم الإخوان من بلدان شتى، المشترك بينهم أنهم يحملون الجنسية البريطانية، وهم على علاقة جيدة بالمخابرات البريطانية، وذلك على غرار إبراهيم منير المعروف بين الإخوان أنفسهم، أنه رجل المخابرات البريطانية فى التنظيم.

وتصل العلاقة القوية بين الأجهزة البريطانية بعناصر الإخوان البريطانية أنها تمنحه الحماية من أية ملاحقة لعملهم التنظيمى، مثال التقرير الذى رفع لمجلس العموم البريطانى عن أنشطة الإخوان الإرهابية، والذى لم يتخذ البرلمان البريطانى قراراً بشأنه، والتجاوز عن رغبة رئيس الوزراء البريطانى فى حينها ديفيد كاميرون الذى كان يتحدث عن وجود إدانة لأنشطة الإخوان وعلاقتهم بالتنظيمات الإرهابية، ولكن أغلق الحديث عن أنشطة الإخوان الإرهابية. وسربت الصحف البريطانية وقتها معلومات، بأن إغلاق الملف جاء بناء على أوامر من المخابرات البريطانية.

ولا يقتصر النفوذ الأمنى لعناصر الإخوان فى لندن على مجرد الحماية من التحركات التنظيمية فقط، بل إن الأمر يصل إلى حد التحقيق معهم حول الأنشطة المالية وعملية غسيل الأموال وجمع التبرعات بطرق متحايلة والتى ينفذها عناصر الإخوان بكل أريحية، بل يتم الحفاظ على مصالحهم المالية واستثماراتهم التى تصل وفقا لتقارير سبعة مليارات إسترلينى، بل تسهل السلطات البريطانية عمليات تبييض الأموال لهذه الاستثمارات فى الجزر التابعة لها والتى تعمل دون رقابة مالية أو قضائية فى تتبع غسيل الأموال.

ولا نحتاج هنا دلائل عن العلاقة الأمنية والمخابراتية بين تنظيم الإخوان الإرهابى والأجهزة البريطانية، خاصة أن الدلائل عليها، توضحها الوثائق السرية البريطانية والتى نشرتها محطة «بى بى سى» تحت عنوان «بريطانيا استغلت اسم الإخوان المسلمين فى حربها السرية»، وذلك فى أكتوبر ٢٠١٩.

1- فساد وفضائح أخالقية

ونتيجة للعلاقة بين الطرفين الممتدة منذ أكثر من تسعة عقود، نجد أن الأجهزة البريطانية، بالإضافة لتقارير بحثية غربية رصدت وجود حالة من الانهيار والتفتت داخل تنظيم الإخوان الإرهابى بالإضافة لانشقاقات تنظيمية، بترك التنظيم والانضمام لجماعة أكثر تطرفا، أو نبذ فكر الإخوان نهائيا، نتيجة انتشار الفساد الأخلاقى والمالى بين القادة وحالة الرفض الشعبى لهم، مما يهدد باندثار التنظيم.

يضاف لذلك أن انهيار التنظيم لم يكن مقصورا على انهيار فى مصر فقط، وذلك نتيجة التحركات الأمنية الأخيرة فى تتبع أموال التنظيم السرية لدى رجال أعمال لم يكونوا محسوبين تنظيما على الجماعة، بل انحسار التنظيم بدأ يضرب فروعه فى عدة دول، مثل الخسارة الفادحة فى آخر انتخابات بالمغرب، وكذلك الضربة التى تعرض لها التنظيم فى تونس، والانشقاقات الداخلية بين صفوف تنظيم الأردن..

2- خطة غسيل السمعة

ومن هنا بدأ تحرك الأجهزة البريطانية، بتنبيه مجموعات التنظيم المرتبطة بها فى محاولة منها للعمل على تحريك المياه الراكدة فى التنظيم، ومحاولة البحث عن «كبش فداء» يحمل المسئولية عن انهيار التنظيم فى الفترة الأخيرة، وأنها السبب فى انهيار التنظيم.

ويفسر ذلك عملية «الجرسة» التى تبعت الإعلان عن عزل الأمين العام للتنظيم محمود حسين وباقى القيادات الست، بل تم إخراسهم تماما حتى من الرد على الاتهامات المالية والأخلاقية التى تعرضوا لها من القنوات والبرامج التابعة للتنظيم مثل الحوار ومكملين والشرق، والتى سخرت برامجها خلال الأيام الماضية للتحدث عن الخلافات ووقائع فساد مجموعة الأمين العام للتنظيم ومجلس شورى الجماعة فى تركيا.

وطبقا لمصادر داخل التنظيم فإن مجموعة الإخوان المعزولة تعرضت لتهديدات مباشرة بالتصفية والتهديد لتسليمهم للسلطات المصرية عبر تركيا، وذلك فى حالة عدم التزامهم الصمت وتسليم أموال التنظيم ومفاتيح التحركات وإدارة المواقع الإلكترونية التابعة للتنظيم، وأن عليهم الخروج من المشهد نهائيا مقابل التغاضى عن جزء من الأموال التى حصلوا عليها فى الفترة الأخيرة.

ومن هنا نجد أنه وفقا للخطة فإنه بعد عملية تحميل المجموعة المعزولة المسئولية عن الفشل، يتم إسناد عملية مدفوعة لمراكز غسل السمعة فى الغرب للعمل على تحسين صورة الجماعة، وكذلك ممارسة الضغوط على مصر من أجل خروج بعض قادتهم، بل إن الأجهزة البريطانية ربما تعمل على إعادتهم للمشهد مرة أخرى أو محاولة على الأقل لمنع انهيار التنظيم، ربما بهدف استخدامهم فى جولات وأهداف أخرى كما اعتاد منهم.