زلزال الحكومة فى البورصة.. طرح "آى فينانس" يشعل صراع نادى المليار دولار

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


لا صوت يعلو فى الأوساط الاقتصادية فوق صوت طرح شركة آى فينانس فى البورصة - شركة التكنولوجيا المالية الحكومية - ويترقب الجميع التداول المنتظر لأسهمها، خاصة مع الإقبال الكبير من المؤسسات خلال الطرح الأولى الذى جرى خلال الأيام القليلة الماضية.

وهو الأمر الذى دفع الشركة لزيادة النسبة المطروحة ١٠٪، ليصل إلى ٤١٧.٧ مليون سهم، لكن تجربة طرح آى فينانس فى البورصة أثار عدة تساؤلات حول أدائها المتوقع، وأداء سوق المال خلال الفترة المقبلة.

تعمل الشركة فى مجال التكنولوجيا المالية، وهو القطاع الأكثر نشاطاً ورواجاً فى العالم حالياً، نتيجة لأزمة فيروس كورونا، وللشركة منافس قوى فى السوق هو شركة «فورى» التى تعتبر الأولى فى خدمات الدفع الإلكترونى فى مصر، والمملوكة للقطاع الخاص، وبدأ التداول على أسهمها فى أغسطس ٢٠١٩، وحققت صعوداً صاروخياً.

كما أن آى فينانس تواجه منافسين آخرين، هى أكبر ٩ شركات فى سوق المال المصرية من حيث القيمة السوقية، أو ما يطلق عليها نادى المليار دولار، وتتراوح قيمتها بين مليار إلى ٦ مليارات دولار.

والقيمة السوقية هى رأس المال السوقى، وتعنى إجمالى عدد الأسهم مضروباً فى آخر سعر للسهم على شاشات البورصة، وتعد إحدى الإشارات السريعة على قوة الشركة، دون النظر للميزانية وقيمة الديون، وغيرها.

ويتربع البنك التجارى الدولى على رأس قائمة نادى المليار دولار، ثم بنك قطر الوطنى، ثم فورى، والشرقية للدخان، والمصرية للاتصالات، وأبو قير للأسمدة، والسويدى إلكتريك، وموبكو للأسمدة، والإسكندرية للحاويات، وطلعت مصطفى.

وتشير التوقعات إلى أن طرح آى فينانس، وهو الأكبر فى البورصة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، سيؤدى إلى حدوث تغييرات كبيرة فى قائمة الكبار، واشتداد حدة الصراع على صدارة نادى المليار دولار.

والشركة هى الشريك الرقمى الأول للحكومة، وتأسست عام ٢٠٠٥ كأكبر كيان مدفوعات الكترونية مملوكة للدول، ومطور للبنية التحتية للمدفوعات الرقمية، والكيان الوحيد المرخص له حصرياً سداد وتسوية معاملات الدفع والتحصيل الحكومية.

ويتوزع هيكل ملكية آى فينانس قبل الطرح كالأتى: بنك الاستثمار القومى ٦٤٪، والبنك الأهلى المصرى، وبنك مصر، والشركة المصرية للمشروعات الاستثمارية والشركة المصرية للبنوك بنسبة ٩٪ لكل منها.

وتقترب قيمة الشركة من مليار ونصف المليار دولار، وتمتلك ٥ شركات تابعة، هى آى فينانس لتكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية، وشركة تكنولوجيا تشغيل البطاقات الذكية، ومنصة خالص لخدمات المدفوعات الرقمية، ومنصة تكنولوجيا تشغيل الأسواق الإلكترونية، وشركة آى نابل لخدمات التعهيد.

وتتطلع الشركة إلى جمع ٣.٦ مليار جنيه من عملية الطرح فى البورصة، لتمويل خطط توسعية فى استثماراتها المحلية من خلال شركة «اى تاكس» لتكنولوجيا وتشغيل الحلول الضريبية، وشركة «اى هيلث» للخدمات الصحية الرقمية، والتى ستوفر حلول تقنية لمنظومة التأمين الصحى الشامل.

ووفقا لمصادر بسوق المال، فإن طرح شركة آى فينانس هو طرح ضخم، وله وزن شبيه بطروحات المؤسسات الكبيرة مثل شركة موبينيل، والمصرية للاتصالات، وسيدى كرير، وذلك كنتيجة للقيمة السوقية الكبيرة للشركة، وهو ما سيجذب نوعية مميزة من المستثمرين سواء من الداخل أو الخارج.

وتضيف المصادر، أن هؤلاء المستثمرين من النوعية طويلة الآجل، التى تحتفظ بالأسهم ولا تسعى للمضاربة والربح السريع فقط، وهو ما سينشط سوق المال ويخلق حالة من التنوع فى الأسهم.

وتتوقع المصادر أن تقوم شركة آى فينانس بسحب جزء من وزن سهم البنك التجارى الدولى، وهو ما سيحدث بعض التوازن فى المؤشر الرئيسى للبورصة، والذى يتحكم فيه سهم البنك، وسهم فورى.

أما بالنسبة للمنافس الأكبر بقطاع التكنولوجيا المالية، وهو شركة فورى، فيبدو أن الأمور كلها تسير فى صالح شركة آى فينانس، وبحسب تقرير مالى صادر مؤخراً عن شركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، فإن قيمة شركة آى فينانس البالغة ٢٢.٣٧ مليار جنيه (١.٤٢ مليار دولار)، هى أعلى بنسبة ٣٨٧٪ من القيمة السوقية لشركة فورى عند طرحها، والبالغة ٤.٦ مليار جنيه.

وحددت شركة آى فينانس سعر السهم بـ ١٣.٩٨ جنيه، وهو سعر أعلى من سهم فورى عند الطرح بنسبة ١١٦٪ والبالغ ٦.٤٦ جنيه، لكن رغم ذلك شهدت تغطية للاكتتاب العام بأكثر من ٦١ مرة، ووصلت نسبة الأسهم المطروحة إلى ٢٦.١٪ بعد الزيادة، فى مقابل نسبة ٣٦٪ من الأسهم كانت قد طرحتها فورى.

وعلى مستوى مؤشرات الأداء، أوضح التقرير أن عدد نقاط بيع شركة آى فينانس بلغ ٣٢٦ ألف نقطة، مقارنة مع ٢٣٢ ألف نقطة بيع لشركة فورى، بزيادة ٤٠٪ لصالح الأولى.

وأشار التقرير إلى أن قيمة المعاملات التى تم تنفيذها من خلال نقاط البيع التابعة لشركة آى فينانس ١.٠٥ تريليون جنيه، بارتفاع نسبته ١٨٢٧٪ عن المعاملات التى نفذتها شركة فورى البالغة ٥٤.٥ مليار جنيه.

وأضاف التقرير أن صافى ربح آى فينانس بلغ ٢٧٦ مليون جنيه، وهو أعلى بنسبة ١٤٤٪ من صافى ربح فورى البالغ ١١٣ مليون جنيه، كما أن إيرادات الشركة الأولى بلغت ٩٠٤ ملايين جنيه، وهى أعلى بنسبة ٢٢٪ من إيرادات فورى البالغة ٧٤٣ مليون جنيه.

وترى المصادر أن المقارنة بين الشركتين ليست فى محلها، لأن شركة فورى تمارس نوعًا واحدًا من النشاط الذى تمارسه شركة آى فينانس، وهو المدفوعات الإلكترونية، فى حين تدير شركة الحكومة معاملات تصل إلى ٢ تريليون جنيه، خاصة مع بدء تطبيق نظام الجمارك الجديد وأنظمة الفاتورة الالكترونية والربط مع هيئة السكك الحديدية.

ورغم كل تلك النقاط التى ليست فى صالح فورى، إلا أن الأخيرة أجرت خلال الأيام القليلة الماضية، أول صفقاتها للاستثمار خارج مصر، فى إشارة لتوسعات وخطط جديدة بعد توقيع عقد للمساهمة فى تطوير منصة تكنولوجيا الخدمات المالية «كاشى»، التابعة لمنصة سوق الخاصة بالإعلانات المبوبة والتسويق الإلكترونى فى السودان، بالإضافة إلى أن تجربتها فى البورصة على مدار عامين تعد استثنائية، حيث ارتفع سهمها بقيمة ٣٣٠٪ خلال عام ٢٠٢٠، و٢٥٪ خلال العام الحالى، ويراهن المستثمرون على مستقبل «فورى» فى ظل استمرار أزمة كورونا والاعتماد على المعاملات الإلكترونية.

وتشتهر فورى التى تأسست عام ٢٠٠٨، بتقديم خدمات الدفع الإلكترونى للمواطنين، سواء كانوا يتعاملون مع البنوك أم لا، مثل سداد الفواتير وشحن الهواتف المحمولة، والتذاكر الإلكترونية، والاشتراكات، وغيرها.

وارتفع سعر سهم الشركة فى البورصة من ٦.٤٦ جنيه عند الطرح إلى ١٦.٣٩ جنيه مع إغلاق جلسة تداول ١٤ أكتوبر الحالى، بارتفاع يقترب من ١٥٤٪، الأمر الذى رفع القيمة السوقية للشركة إلى ٢٨ مليار جنيه، وهو ما يتجاوز ١.٧ مليار دولار، لتصبح أول يونيكورن مصرى (شركة ناشئة يتجاوز رأسمالها المليار دولار).

وبذلك تخطت القيمة السوقية لفورى عمالقة مقيدين بالبورصة منذ سنوات طويلة، ولديهم أصول ضخمة، مثل السويدى، وطلعت مصطفى، والمصرية للاتصالات، وهيرميس، وإعمار.

وتأتى فورى فى المرتبة الثالثة بعد بنك قطر الوطني- الأهلى، وتتجاوز الشرقية للدخان، عملاق ومحتكر صناعة التبغ فى مصر، رغم ضخامة أصولها، وذلك بعد أن انضمت للمؤشر الرئيسى للبورصة فى فبراير الماضى، وبدأ التداول عليها بمؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة.

من جانبها توقعت شركة أسطول لتداول الأوراق المالية، أن يواجه سعر سهم فورى ضغوطاً على المدى المتوسط، ما لم يظهر نمواً فى الربع الأول من العام المقبل، لأن الشركة قد تفقد ميزتها النسبية باعتبارها الممثل الوحيد لقطاع التكنولوجيا المالية فى مصر، وذلك بعد طرح آى فينانس.

وتوقعت الشركة فى تقريرها، نمو قيمة المدفوعات التى تمر من خلال فورى بمعدل نمو سنوى يبلغ ٣٣٪، ليصل إلى ٤٠٠ مليار جنيه بحلول ٢٠٢٥، وذلك بسبب اسم العلامة التجارية، والتوسع فى قطاعات مختلفة، وشبكتها المنتشرة من نقاط البيع، وعلاقتها القوية مع التجار، ما يمكنها من أن تكون المستفيد الرئيسى من نمو هذا القطاع.

وقالت أسطول إن القيمة العادلة لسهم فورى هى ١٩ جنيهاً، وفى المقابل رأت برايم أن سعر سهم شركة آى فينانس يمكن أن يرتفع إلى ١٧ جنيهاً عن السعر النهائى المحدد فى الطرح، وهو ما اتفقت معه مصادرنا التى توقعت أن يتجاوز ذلك إلى ٢٤ جنيهاً. وتوقعت أسطول، تضاعف المدفوعات غير النقدية بحلول ٢٠٢٥ لتصل إلى ١٠٪ من الناتج المحلى الإجمالى لمصر، و١٧٪ بحلول ٢٠٣٠.