طارق الشناوي يكتب: أفلام قرطاج داخل جدران السجن

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

فى العالم يمارس السجناء العديد من الأنشطة الفنية والرياضية، الغرض الأساسى من توجيه العقاب هو أن يعود النزيل للمجتمع بعد أن يسدد الثمن من حريته، وفى (تونس) وقبل نحو عشر سنوات أضيف لحقوق السجناء حق آخر لم يفكر فيه أحد من قبل، وهو مشاركة السجناء فى العُرس الثقافى (قرطاج) الذى صارت تحياه تونس سنويا.

 

المهرجان لم يسع للانضمام منذ إنشائه عام 1966 للاتحاد الدولى للمنتجين، مثل مهرجان (القاهرة)، وهذا يتيح له التحرر من عدد من القيود مثل اختياره للأفلام داخل المسابقة الرسمية، ولا يشترط مثلا ألا يسبق عرضها فى مهرجان آخر، يختار الأفضل حتى لو لم يكن عرضا أول، ولا يخضع جغرافيا للعروض داخل المدينة التى تحمل اسم المهرجان، (قرطاج) يضع ضمن أولياته أن يخرج بأفلامه لباقى المحافظات.

 

الملمح الخاص هو عروض داخل السجن، وبناء على اختيار السجناء وقع اختيارهم فى ختام المهرجان على فيلم (ريش) الذى سيعرض مساء اليوم، قى سجن (برج الرومى)، احتل الفيلم قسطا كبيرا من أسئلة (الميديا) فى تونس.

 

أكدت فى كل الحوارات فى تليفزيون تونس الرسمى وعدد من الفضائيات، أن لا أحد قد أصدر أوامر مباشرة أو غير مباشرة بالتعتيم على (ريش)، والبيان الرسمى الصادر من (حياة كريمة) رحب برسالة الفيلم، والعديد من الجرائد والفضائيات تناولته بحرية سلبا وإيجابا، أغلب الآراء حتى غير المؤيدة أو المتحفظة، أشارت إلى أن استخدام سلاح (سمعة مصر) لا يجوز أن يشهره أحد فى وجه من يختلف معهم، أغلب الفنانين الذين نسب إليهم الزج (بسمعة مصر) أكدوا براءتهم تماما من هذا الاتهام، ولكن من حقهم قطعا إعلان رفضهم الفيلم، برر البعض مغادرته دار العرض لارتباطه بموعد سابق، ما عدا شريف منير لأنه سجلها بالصوت والصورة، ولم يقتنع حتى الآن أن اعتراضه على الفيلم حق مشروع، ولكن عليه الاعتذار عن إلقاء ماء النار فى وجه من يختلف معهم مشككا فى ذمتهم الوطنية، لم نتعود مع الأسف أن نتحلى بثقافة الاعتذار رغم الجرأة المتناهية فى توجيه الاتهامات.

 

 

تعلن نتائج لجان التحكيم الساعة التاسعة مساء اليوم، وليس من صلاحيات من يشارك فى عضوية اللجنة أن يدلى قبل إعلانها برأيه، لأنه يجرح فى هذه الحالة نزاهة التحكيم، بعد إعلان النتيجة قطعا من حقى الإشارة للكثير، حتى ما حدث فى الكواليس والمناقشات، ما دام أنها لم تكشف سرا لا ينبغى له الذيوع.

 

 

المهرجان يوفر للجميع الفرص المتعددة للمشاهدة، حتى الأفلام التى تعرض مكتوب عليها ترجمة فقط فرنسية، هناك نسخ لأعضاء اللجنة بترجمة إنجليزية، يسعى المهرجان فى دوراته القادمة أن يتيح فى العرض الجماهيرى ترجمتين فرنسية وإنجليزية، مثلما يحدث فى مهرجان (كان) على سبيل المثال، وهو ما صارت توفره ببساطة التقنيات الحديثة.

 

 

تعدد التخصصات داخل اللجنة، وأيضا الجنسيات، يمنح الرؤية أبعادا متعددة للاقتراب إلى شاطئ العدالة، حتى لو بدت بعيدة المنال، فلا يوجد فى التقييم الفنى عدالة مطلقة، الفن لا يتعامل بمعايير صارمة فى دلالتها ونتائجها، كان وسيظل هناك هامش مقنن من الخلاف فى التلقى، وهو ما يشير إلى رحابة سماء الفن فى استيعاب كل شىء، بينما هناك من ضاق أفقهم عن استيعاب أى شىء!!.

 

 

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم)