هل تتسبب الأزمة الأخيرة بلبنان في قلب الطاولة على حزب الله؟

حزب الله اللبناني
حزب الله اللبناني

تمتع حزب الله اللبناني بكيان سياسي وعسكري، واجتماعي كبير بالإضافة لقاعدة جماهيرية ونفوذ كبير بين أوساط الطائفة الشيعية فى لبنان حيث ترجع جذوره الفكرية إلى الصحوة الإسلامية الشيعية، وفي العام والنصف الماضية دفعت تصرفات حزب الله إلى اصطفاف شريحة كبيرة من اللبنانيين ضده بعد اختلاف الحزب مع حركة أمل التي كانت تهيمن على التمثيل الشيعي في لبنان، فضلًا عن الانقسامات الداخلية التي شهدها الحزب واعتباره مستودع المواد المخدرة للعالم العربي.

وفى هذا التقرير تستعرض "بوابة الفجر" أفعال الحزب التى عرضت لبنان للحرب الأهلية وخلقت عداوة بينها وبين العالم:


-دول العالم تصنف حزب الله اللبناني ضمن قائمة الإرهاب

يرى السياسيون الأميركيون أن حزب الله اللبناني هو عامل تهديد إرهابي عالمي، وقد صنفته الولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية واعتبرته منظمة إرهابية أجنبية عام 1997، كما اتخذوا العديد من أعضاء حزب الله، ومن بينهم حسن نصر الله، إرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص. 
أخذت شبكة حزب الله الدولية تتوسع فى لبنان، وتنتشر فى سوريا وتدعمها فى حربها المستمرة ضد اسرائيل، حيث إنها غير مستعدة لفتح حرب صريحة مع إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة، وأتضح ذلك من خلال ردها الصامت على غارة إسرائيلية بطائرة من دون طيار (درون) على بيروت في أغسطس 2019، والجدير ذكره أن حزب الله يعتمد بشكل أساسي على العمليات السرية والأنشطة الإرهابية، خاصة فى التعامل مع إسرائيل أو الولايات المتحدة التى ستعلن الحرب على إيران، كما وازدادت الخلافات وتصاعدت التوترات فى نفس العام حيث هاجم حزب الله قاعدة للجيش الإسرائيلي فى سبتمبر 2019 ويعتبر هذا أول تبادل جاد عبر الحدود، منذ أكثر من أربع سنوات مما أضطر جيش الدفاع الإسرائيلي إلى شن حرب ضد حزب الله استمرت أسابيع فى مايو 2020، بإلاضافة لتدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران بشكل رسمي بعد ضربة امريكا الجوية الأميركية يناير 2020 التى نتج عنها مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وهو المسؤول عن العمليات الخارجية للفيلق، ولم تمر الهجمة بسلام فقد توعد نصر الله بأن حزب الله سيهاجم القوات الأميركية، لكنه لن يستهدف المدنيين الأميركيين، وفى نفس الوقت كان حزب الله أكثر إلحاحًا في فنائه الخلفي فقد فشل فى  تشكيل الحكومة اللبنانية، برئاسة حسان دياب، المدعومة من حزب الله وإيران فى  يناير 2020.

-أنشطة حزب الله الإرهابية فى الفترة الماضية


خاض حزب الله في الأسبوعين الماضيين مجموعة من التحديات، مما أكد أن الأمور ليست على ما يرام، فقد حدثت إشتباكات بين أعضاء حزب الله وبعض المسلحين الذين ينضمون لحزب سُنّي أخر ودارت معركة دموية بالقرب من مدخل بيروت الجنوبي على خلفية قضية ثأر، حيث قام أحد أفراد الجماعة بقتل عضو في حزب الله متهمة بقتل شقيقه، وخلال تشييع جنازة العضو في حزب الله، شن مسلحون هجوم مسلح على موكب الجنازة، مما أسفر عنه مقتل عدد من الأشخاص، وتحول الوضع إلى معركة ضارية بين الطرفين، وتفاديًا لحدوث تصعيد تكون له عواقب طائفية طلب حزب الله من الجيش اللبناني التدخل لإنهاء العنف.

أساء حزب الله اللبناني للعالم أجمع وقتما أتخذ المخدرات مصدرًا للدخل ليس فقط للربح، ولكن لتدمير الطاقات البشرية للدول المستهدفة فقد أتلفت النيجر أكثر 17 ألف طن من الحشيش فى إبريل 2021 متجه من لبنان إلى ليبيا ﻭقد بلغت قيمته ﺣﻮﺍﻟﻲ 37 ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺩﻭﻻﺭ، كما كشفت اليونان عن  ضبط أكثر من 4 أطنان حشيش مخدر مخبأة في شحنة آلات صنع الحلويات المتجهه من لبنان إلى سلوفاكيا، وقيمتها نحو 33 مليون يورو، بالإضافة لضبط السعودية أكثر من 5.3 ملايين حبة كبتاجون، حيث أن السعودية لها خبرات واسعة في ضبط شحنات المخدرات القادمة من لبنان وسوريا، والتي يمثل حزب الله عنصرا رئيسيا في تهريبها.
 

-حزب الله الإرهابي يرسل تهديد لدول العرب

أن نبرة التهديد التى اتخذها حزب الله جاءت فى غير موضعها حيث أنهم يعادون بعضهم، فقوله نمتلك 100 ألف مقاتل مدربين ومسلحين في وجه خصومه، وعندما نعلم أن هؤلاء الخصوم ليسوا عدوًا خارجيًا، وإنما شركاء في الوطن وهذا ما قد يزيد من حدة الخلافات الداخلية فى لبنان وبالتالي في الحزب هو الخاسر الأول.

والجدير تأكيده أنه لا شيء في لبنان أقوى من سلاح حزب الله، كما أن هذا واقعًا يعيشه لبنان منذ العقدين الأخيرين، فقد شُكلت وحُلت العديد من الحكومات ومازال الحزب قائم، كما ويسمي قضاة التحقيقات في جرائم الحزب وتشن عليهم حملات التشويه والتشكيك، بالإضافة للغة التهديد والترويع التى يساق بلد بأكمله إلى الهاوية، وتأتي السخرية السوداء إذ يحذر نصرالله من جر لبنان إلى الحرب الأهلية، فيما يهدد اشقائه في لبنان، بجيش من 100 ألف عنصر سلحهم راعيه الإيراني،وفى هذا الصدد رفضت السعودية التعاون من لبنان تحت هيمنة إيران عليه، وكانت تشير بشكل واضح لحزب الله، وجاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي تعليقًا على تداعيات تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بخصوص حرب اليمن، مما أثار غضب الرياض ودول خليجية مما أدي لإصدار قرار سعودي بقطع السعودية جميع الروابط بينها وبين لبنان وسحب سفيرها من أراضي لبنان وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض ووقف كل الواردات اللبنانية إليها، وقد تبعتها البحرين ثم لحقت بهما الكويت، فضلًا عن ذلك قرار الإمارات بسحب دبلوماسييها ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.


-الحزب الإرهابي هو سبب أزمة لبنان مع السعودية


اختلفت الآراء في لبنان بعد التصريحات الأخيرة لوزير الإعلام، جورج قرداحي فيما يتعلق بحرب اليمن، خاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول الخليجية بحق لبنان ومقاطعتها، وعلى ذلك فقد هاجم الشعب اللبناني حزب الله الإرهابي وألقى عليه مسؤولية التوتر الحاد بين لبنان والسعودية، على الرغم من تأكيد الحكومة ورئاسة الجمهورية أن هذه التصريحات هي رأي قرداحي الشخصي ولا تمس مجلس الوزراء كما وأنها صدرت قبل توليه منصبه في الحكومة اللبنانية، كما أن تصريحات قرداحي لا تعكس وجهة نظر الدولة اللبنانية.


وقال الدكتور حسام الحداد خبير الجماعات المشكلة الأساسية التي تواجهنا الآن هي تحديد المفاهيم، وبداية من حق السعودية أن تدافع عن سياساتها وتوجهاتها أيا كانت وأيا كان موقفنا منها، نعم نحن نرفض عزلة لبنان وأي قرار يضر بالشعب اللبناني، ولكن لتحديد المفاهيم أولا ومن خلال تحديد المفاهيم سوف نعلم جيدا من الذي يضر بمصالح الشعب اللبناني، ففي اتفاق الطائف نزع السلاح من كل الطوائف اللبنانية، إلا سلاح حزب الله ووافقت السعودية على هذا على اعتبار أن حزب الله يمثل المقاومة وأنه في المواجهة للدفاع عن القضية الفلسطينية.
وأضاف الحداد فى تصريحات خاصة لـ "الفجر" أنه ومن منتصف الثمانينيات وحتى الآن استطاع حزب الله بجدارة أن يهمن على لبنان دون أي مسئولية وأن يسيطر بشكل كبير على صناعة القرار اللبناني، مما أدى في النهاية للأزمة التي تعيشها لبنان الآن، دون اتخاذ خطوات حقيقية في الملف الرئيسي الذي هو سبب وجوده من الأساس "القضية الفلسطينية" فلا نرى منه إلا إصدار بيانات شجب وإدانة لموقف هنا أو تصرف هناك.

وواصل متسائلًا: “فماذا فعل الحزب في ملف المقاومة، النتيجة صفر مثله في هذا مثل حركة حماس تماما، أنهم لا يعملون الا لصالح أنفسهم وصولهم للسلطة أو الهيمنة عليها، تحت دعوى أنهم فصائل مقاومة، وتصريحات الأمين العام بأنه يملك 100 ألف مقاتل ليست تهديدا لإسرائيل كما يظن البعض بل هي تهديد مباشر لأي حكومة لبنانية سوف تتولى السلطة وضغط على الشارع اللبناني بأن ما يريده حزب الله وأمينه العام سوف يكون بغض النظر عن احتياجات الشعب اللبناني، السعودية وقفت كثيرا بجانب لبنان بشكل عام وبجانب حزب الله بوجه خاص، ولقد حان الوقت فعلا لمراجعة المواقف وتحديد المفاهيم ففي السياسة لا احد يوقع لأحد على بياض وليس هناك مواقف أبدية بالمواقف تتغير حسب المصالح”.