"بلغته يترك عدن".. مصور يكشف تفاصيل تورط الحوثي في اغتيال صحفية يمنية بعد استهداف زوجها

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

دنَت الساعة من الثالثة عصرًا، يُوغل بسيم جناني، في دراسته للغة الألمانية، ولكن رنات هاتفه المتواصلة غير المعتادة من صديقه المقرب بمدينة عدن لا تتوقف، ليتلقَّى نبأ استهداف تفجير إرهابي سيارة الصحفي محمود العتمي، واغتيال زوجته الصحفية اليمنية، رشا الحرازي، اِمتعض من الحادث، وظل يجترَّ كلام المصور الصحفي الناجي، عندما أخبره بأن مصادر إعلامية في أماكن سيطرة الحوثيين نبَّأته بتجميع معلومات عنه من قبل الجهاز الأمني الحوثي "نصحته يتجه لمدينة سيئون بحضرموت ويترك عدن لأن الموضوع خطير.. لكنه كان منتظر وضع زوجته طفلهما الليلة".

 

 

سخِط  صاحب الـ (40 ربيعًا)، على الأوضاع داخل اليمن، عقب اجتياح المقاتلين الحوثيين للعاصمة صنعاء، واستيلاؤهم على السلطة بقوة السلاح في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، واستهداف الصحفيين. بسطَ لِسانة بتفاصيل الحادث "الفاعل زرع عبوة لاصقة تحت كرسي الزوجة لذلك كان الانفجار من جهتها وأودى بها الموت برفقة جنينها الذي خرج من بطنها على الأرض.. وأصيب محمود في يده وجروح في قدمه اليمنى"، ضرب كفًّا بكفّ وحادَ عن جَوهر  حديثه، واصفًا شجاعة صديقه الصحفي في نشر جرائم الحوثيين، وكيفية استبساله في مواجهة عمليات استهدافه أكثر من مرة. ربَط على قلبه نجل عمومته، عندما أخبره بحالة "العتمي"- المتعاون مع قناة "العربية"- بأن حالته مستقرة رغم وضعه الحرج، وأن هناك فريق طبي مرافق له، وحراسة أمنية مشددة، وأنهم بانتظار تحديد الأطباء إتمام علاجه في المستشفى العسكري أو سفره إلى الخارج.

 

 

تمر الساعات بطيئة وموحشة على جناني، كونه يفصله مسافة كبيرة لمرافقة صديقه الناجي، وإن الاطمئنان عليه فقط عن طريق أبناء عمومته "طوال الليل ضليت معاهم على الجوال بشوف هيحصل ايه"، متخوفًا من اختراق أمني للمستشفى خاصة أن المريض نقل إلى ثلاثة مستشفيات، محملاً المسئولية للحكومة الشرعية في اليمن، بسبب اختراق الفاعل طريق ساحل أبين بحي خور مكسر، والذي يعتبر تحت سيطرة الحكومة "وهم أيضًا مسؤولين عن حماية النازحين الذيت هربوا من جحيم الحوثي بالحديدة"، اِشتدَّ حنَقه متسائلًا "إزاي امرأة على وشك الوضع تذهب للطبيب تحدد موعد ميلاد طفلها تغتال في الطريق ويصاب زوجها ويترك ابنهم الوحيد (جواد) اللي عمره سنتين فقط مع جدته بدون أب وأم؟!".

 

 

فطِن جناني، إلى خُطورة رسالة "العتمي"، في السادس من أكتوبر المنصرم، عبر تطبيق "الواتساب"، و إعتضد بها في إدانه جماعة الحوثي في استهداف المصور الصحفي" المتهم الرئيسي مليشيا الحوثي اللي نقلوا معلومات عن محمود.. كما أنهم سبق واستهدفوه أكثر من مرة في الحديدة وعدن إلى أن اعتقل شقيقه سنتين وخرج في صفقة تبادل من سنة.. كما أنهم وزعوا تهم مضللة وغير صحيحة بأن محمود يتخابر مع التحالف بحكم عمله كصحفي في كشف جرائم الحوثي، وعمله في قناة كبيرة مثل العربية سبب مهم أن الحوثيين يتخلصوا منه لصداها الإعلامي الكبير.. وحملته الإعلامية وعلى مواقع السوشيال ميديا ضد جرائمهم بعدما أقدمت ميليشيات الحوثي على إعدام (9 أشخاص) بالرصاص، في الثامن عشر من سبتمبر الفائت، في صنعاء، بعد أن اتهمتهم في التورط بمقتل رئيس مجلسها السياسي، صالح الصماد. 

 

 

اتَّقد الشاب اليمني-الذي لا زال مستهدف من جماعة الحوثي-حماسًا، متذكرًا حديث العتمي طوال الوقت "ماسمعنا عن تهديد لزوجته فنشاطها كان بسيط وليس لها علاقة بالسياسة ومحمود كذلك كرث وقته لأحداث الحديدة بعد خروجه من مدينه باجل بمحافظة الحديدة وبث أخباره من عدن عقب رؤية إعدام واستهداف أصدقائه في كلية الإعلام كونهم كاشفين للحقيقة،  26 سنه عمرة العتمي مفيش ليه أي نشاط سياسي ولكن الأحداث تفرض حالها خاصة بعد اغتيال نبيل القعيطي صديق محمود في عدن.. كيف يمر هذا بدون در فعل كشف الجريمة".

 

 

ما برحت تتجلى ذاكرته أيضًا بأحداث اليمن على مدى سبع سنوات من الحرب كانت هذه السنة إحدى أطول حروبه وأكثرها رعبًا وعنفًا. أَنَى في حديثه "العتمي كلم اكتر من زميل صحفي المرة دي باستهدافه وكانه كان قلبه حاسس إن الموضوع جاد والمرة دي هينفذوا حاجة". تبصَّر جناني لكلام صديقه وبحسب خبرته في رحلة الهروب الكبيرة حتى الأن من المليشيا- التي تشير الإحصاءات الأولية للأمم المتحدة إلى  جرائمها بسقوط أكثر من 330 ألف قتيل على الأقل وعشرات الألوف من الجرحى والمصابين على جانبي النزاع بينهم عدد كبير من المدنيين، أطفالٌ ونساءٌ ورجال- "الحوثيون يحكموا بالنار والحديد.. والأمل ضئيل في تصحصح الأوضاع لكن أمالنا بالله كبير.. وسنحارب الظلم والقهر من آخر نقطة بالعالم".