مي سمير تكتب: أسبوع فضائح الـ "CIA"

مقالات الرأي


كشف جديد عن عمليات التعذيب فى «جوانتانامو».. وتورط فى محاولة خطف واغتيال مؤسس ويكيليكس.. وعلاقة سرية مع قاتل جون كينيدى
متحور دلتا يمنع بايدن من تحقيق وعده بصيف خال من كورونا

 

شهدت الأيام الأخيرة عددًا من الفضائح المتعلقة بالمخابرات المركزية الأمريكية، والتى كشفت عنها تقارير صحفية وإعلامية دولية، وتأرجحت الفضائح بين اعترافات جديدة عن عمليات تعذيب فى أروقة الوكالة، والتورط فى عمليات اختطاف واغتيال.

 

1- التعذيب

كتبت هيئة محلفين عسكرية رسالة تدين تكتيكات التعذيب التى تستخدمها وكالة المخابرات المركزية ضد إرهابى مدان، وبعد الحكم عليه بالسجن لمدة ٢٦ عاما، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، الأسبوع الماضى، واستمعت الهيئة التى كانت تتكون من مسئولين عسكريين كبار فى الخدمة فعليًا، إلى وصف مفصل للتعذيب الذى تعرض له ماجد خان «٤١ عامًا» أثناء احتجازه فى مواقع سوداء لوكالة المخابرات المركزية.. و«خان» الذى تخرج فى مدرسة ثانوية بالقرب من بالتيمور، كان بمثابة ساعى بريد لتنظيم القاعدة قبل أن يتم القبض عليه.

وتحدث «خان» أمام هيئة المحلفين التى تم إحضارها إلى خليج جوانتانامو حيث تم احتجازه لتحديد عقوبته، وأصبح أول شخص يصف علنا التعذيب الذى مر به، قائلًا إنه عانى من الحرمان من الطعام، والإيهام بالغرق والاعتداء الجسدى والجنسى، وقال إنه تم عزله وهو عار ومقيد بالسلاسل فى الظلام.

وحكمت هيئة المحلفين، يوم الجمعة، التى كان عليها إصدار حكم بالسجن من ٢٥ إلى ٤٠ عامًا بسجن «خان» ٢٦ عامًا، وذكرت وكالة أسوشيتيد برس أن سبعة من المحلفين العسكريين الثمانية كتبوا أيضا رسالة إلى مسئولى البنتاجون يطلبون فيها العفو عنه.

ونشرت التايمز الرسالة المكتوبة بخط اليد المكونة من صفحتين يوم الأحد، وجاء فيها أن «خان» تعرض لإساءات جسدية ونفسية تتجاوز بكثير أساليب الاستجواب المعززة المعتمدة، وبدلًا من ذلك كان أقرب إلى التعذيب الذى تمارسه الأنظمة الأكثر تعسفًا فى التاريخ الحديث».

وأضافت قائلة: «لم يكن لهذا الانتهاك أى قيمة عملية من حيث المعلومات الاستخباراتية، أو أى فائدة ملموسة أخرى لمصالح الولايات المتحدة»، و«بدلًا من ذلك، كان بمثابة وصمة عار على النسيج الأخلاقى لأمريكا».

وفى طلب الرأفة، أشارت الرسالة أيضًا إلى أن «خان» احتجز دون تهمة أو محاكمة لما يقرب من عقد من الزمان، وهو أمر مسموح به للإرهابيين الذين اعتُبروا «أعداء من الأجانب غير المتميزين»، وقالت إن هذه الممارسة تمثل «تجاهلًا تامًا للمفاهيم الأساسية التى تأسس عليها الدستور» و«إهانة للقيم الأمريكية ومفهوم العدالة».

وأفادت وكالة أسوشيتيد برس أن «خان» كان واحدًا من ١٤ معتقلًا ذا قيمة عالية»، تم إرسالهم إلى جوانتانامو بعد تعرضهم للاستجواب فى المواقع السوداء لوكالة المخابرات المركزية التى تم إنشاؤها فى جميع أنحاء العالم خلال بداية الحرب على الإرهاب.

ولا يزال هناك ٣٩ سجينًا بخليج جوانتانامو، على الرغم من إعلان الرئيس جو بايدن رغبته فى إغلاق المعتقل، وينتظر البعض المحاكمة بموجب نظام اللجان العسكرية الذى حُكم على «خان» بموجبه، ولم يتم توجيه اتهامات للآخرين بارتكاب جريمة، لكن الإفراج عنهم يعتبر أمرًا شديد الخطورة.

 

2- اغتيال
بعد ما يقرب من ٤٠ عامًا من وفاته فى أعقاب مشاجرة فى حانة، عاد ريكاردو موراليس المعروف باسم «القرد» - موظف متعاقد مع وكالة المخابرات المركزية، ومناهض شهير لكاسترو، ورئيس الاستخبارات المضادة لفنزويلا، ومخبر فى مكتب التحقيقات الفيدرالى وتاجر مخدرات - إلى دائرة الضوء يوم الخميس، عندما أدلى أحد أبنائه بادعاء مذهل عبر الإذاعة الإسبانية، حيث قال إنه خلال الساعات التى تلت اغتيال الرئيس جون كينيدى فى دالاس عام ١٩٦٣، أدرك موراليس، الذى كان مدربًا للقناصة فى أوائل الستينيات فى معسكرات سرية حيث تدرب المنفيون الكوبيون وآخرون على غزو كوبا، أن لى هارفى أوزوالد، المتهم باغتيال كينيدى، كان متدربًا لديه.

كما أخبر موراليس ولديه أنه قبل يومين من الاغتيال، طلب مسئولو وكالة المخابرات المركزية من فريق «التنظيف» الخاص به بالذهاب إلى دالاس للقيام بمهمة، لكن بعد الأحداث المأساوية امروا بالعودة إلى ميامى دون معرفة طبيعة هذه المهمة.

وحسب صحيفة ميامى هيرالد، تدعم المزاعم التى أدلى بها ريكاردو موراليس جونيور، إحدى النظريات القديمة حول اغتيال جون كينيدى، وتشير هذه النظرية إلى أن المنفيين الكوبيين الذين يعملون لصالح وكالة المخابرات المركزية كانوا متورطين، لكن المزاعم تشير أيضا بأصابع الاتهام إلى وكالة المخابرات المركزية، وهو الأمر الذى يعتقد بعض المراقبين أنه يساعد فى تفسير سبب تراجع الرئيس جو بايدن، الأسبوع الماضى، عن رفع السرية عن الوثائق المتبقية فى القضية.

وقال نجل موراليس «٥٨ عامًا» إن آخر مرة أخذه والده وشقيقه إلى تدريب الرماية فى إيفرجليدز، قبل عام من وفاته فى عام ١٩٨٢، أخبرهم أنه شعر أن نهايته كانت قريبة لأنه كشف الكثير من المعلومات عن عمله مع وكالة المخابرات المركزية إلى صحفى فنزويلى، وكان يكتب مذكرات، ولذلك شجع أبناءه على طرح أسئلة عليه حول حياته.

يقول نجل موراليس أن شقيقه سأل: من قتل جون كينيدي؟ وكانت إجابته: لم أفعل ذلك ولكننى زرت دالاس مرتين قبل الحادث، مضيفا أنه كان ضمن فريق يعمل على تنظيف مسارح العمليات الخاصة بالمخابرات المركزية الأمريكية لضمان عدم إبقاء أى أثر للسى آى إيه.

وقال ابنه فى البرنامج الإذاعي: «بعد الاغتيال، لم يكن عليهم فعل أى شيء وعادوا إلى ميامي»، وأضاف أن والده أخبرهم أنه لم يكن على علم بأى خطط تتعلق باغتيال كينيدى، وأنه كان يعلم أن كينيدى قادم إلى دالاس، ولذلك تخيل أن شيئا ما سيحدث لكنه لم يكن يعرف الخطة، وقد أبلغه والده أن «فى هذه الأنواع من المؤامرات وهذه الأشياء الكبيرة، لا أحد يعرف ما يفعله الأطراف الآخرون».

كما يزعم الابن أن والده كان يعرف المتهم باغتيال كينيدى أوزوالد أيضًا، وأضاف: «عندما رأى صورته بعد الاغتيال أدرك أن هذه هى الشخصية نفسها التى التقى بها فى ميدان تدريب وكالة المخابرات المركزية».

وقدم موراليس جونيور رواية مماثلة لصحيفة ميامى هيرالد فى مقابلة يوم الخميس الماضى، مضيفا أن والده قال إنه لا يعتقد أن أوزوالد قتل كينيدى لأنه شاهده يطلق النار فى معسكر التدريب، وقال إنه لا توجد طريقة يمكن لهذا الرجل من خلالها إطلاق النار على نحو جيد. وقال إنه يعتقد أن والده قال الحقيقة فى وقت كان يخشى على حياته، بعد أن فقد الحماية الحكومية، بينما كان لى هارفى أوزوالد متهمًا فى اغتيال كينيدى.

ويناقض تقرير صدر عام ١٩٧٩ من لجنة مجلس النواب حول الاغتيالات مع استنتاج لجنة وارين لعام ١٩٦٤ بأن جون كينيدى قتل على يد مسلح واحد، وبدلا من ذلك، خلصت اللجنة إلى أنه من المحتمل أن يكون الرئيس الأمريكى قد قُتل نتيجة مؤامرة، وأن هناك احتمالًا كبيرًا أن مسلحين أطلقوا النار عليه.

وقالت لجنة مجلس النواب التى أجرت مقابلة مع موراليس، إنها لا تستطيع استبعاد احتمال تورط المنفيين الكوبيين، وكانت هناك تقارير سابقة تفيد بأن مجموعة من المنفيين الكوبيين المناهضين لكاسترو، بمن فيهم زعيم منظمة ألفا ٦٦، مانويل رودريجيز أوكاربيررو، اجتمعوا فى منزل فى دالاس قبل أيام من الاغتيال، وأن أوزوالد شوهد وهو يزور المنزل أو تواجد بالمنطقة، ووفقا لهذه النظرية فقد تم التخطيط لقتل جون كينيدى، وإلقاء اللوم على كاسترو حتى تغزو الولايات المتحدة الجزيرة من قبل المنفيين الكوبيين الذين شعروا بالخيانة، بسبب عدم دعم كينيدى لعملية خليج الخنازير عام ١٩٦١، واتفاقه مع الزعيم السوفيتى نيكيتا خروتشوف بعد نهاية أزمة الصواريخ الكوبية، على عدم غزو كوبا.

وتقول نظريات أخرى، إن وكالة المخابرات المركزية متورطة فى المؤامرة باستخدام المنفيين الكوبيين، بينما ساعدت فى إنشاء رواية مزيفة لتصوير أوزوالد على أنه شيوعى مؤيد لكاسترو، حتى يمكن إلقاء اللوم على الزعيم الكوبى فى عملية الاغتيال، ولم ترد وكالة المخابرات المركزية على الفور على رسالة بريد إلكترونى تطلب تعليقات حول المزاعم الجديدة.


3- اختطاف
وفى فضيحة أخرى قد تهز مكانة الولايات المتحدة الأمريكية فى العالم، وليس فقط المخابرات المركزية الأمريكية، أشار موقع ياهوو نيوز إلى أنه فى عام ٢٠١٧، عندما بدأ جوليان أسانج، مؤسس ويكيليكس، عامه الخامس فى سفارة الإكوادور فى لندن، خططت وكالة المخابرات المركزية لاختطافه، مما أثار جدلًا ساخنًا بين مسئولى إدارة ترامب حول شرعية مثل هذه العملية وطابعها العملى.

ويكشف تحقيق ياهو نيوز، الذى يستند إلى محادثات مع أكثر من ٣٠ مسئول أمريكيًا سابقًا، لأول مرة عن واحدة من أكثر النقاشات الاستخباراتية إثارة للجدل فى رئاسة ترامب، ويكشف عن تفاصيل جديدة حولها، وحسب التحقيق ناقش بعض كبار المسئولين داخل وكالة المخابرات المركزية وإدارة ترامب اختطاف أو قتل أسانج، وذهبوا إلى حد طلب «اسكتشات» أو «خيارات» لكيفية اغتياله، وقال مسئول كبير سابق فى مكافحة التجسس إن المناقشات حول اختطاف أو قتل أسانج حدثت «على أعلى المستويات» فى إدارة ترامب، مضيفا أنه فيما يبدو لم يكن هناك حدود لما يمكن أن تصل إليه هذه العملية.

وحسب تحقيق ياهوو نيوز، كانت هذه المحادثات جزءًا من حملة غير مسبوقة للسى آى إيه موجهة ضد ويكيليكس ومؤسسها، وكتبت الصحفية البريطانية أنه بينما كان أسانج على رادار وكالات الاستخبارات الأمريكية لسنوات، فإن هذه الخطط لشن حرب شاملة ضده اندلعت بسبب نشر ويكيليكس المستمر لأدوات اختراق حساسة للغاية لوكالة المخابرات المركزية، والمعروفة باسم «Vault7»، والتى تسببت فى «أكبر خسارة للبيانات فى تاريخ وكالة المخابرات المركزية».

وكان مايك بومبيو، مدير وكالة المخابرات المركزية، الذى تم تعيينه حديثًا فى عهد الرئيس ترامب، يسعى للانتقام من ويكيليكس وأسانج، الذى التمس اللجوء فى سفارة الإكوادور فى لندن منذ عام ٢٠١٢ لتجنب تسليمه إلى السويد، بسبب اتهامات اغتصاب تطارده، وقال مسئول سابق فى الأمن القومى فى إدارة ترامب، إن بومبيو وغيره من كبار قادة الوكالات «كانوا منفصلين تماما عن الواقع لأنهم كانوا محرجين للغاية بشأن Vault7، وأضاف: «كانوا يرغبون فى رؤية الدماء».

ودفع غضب وكالة المخابرات المركزية من موقع ويكيليكس، إلى وصف بومبيو المجموعة علنا فى عام ٢٠١٧ بأنها «جهاز مخابرات معاد»، وفتح التصنيف الباب أمام عملاء الوكالة لاتخاذ إجراءات أكثر عدوانية، ومعاملة المنظمة، كما تفعل مع وكالات التجسس المعادية، حسبما قال مسئولون سابقون فى المخابرات الأمريكية لموقع ياهو نيوز. وفى غضون أشهر كان جواسيس الولايات المتحدة يراقبون اتصالات وتحركات العديد من موظفى ويكيليكس، وامتنعت وكالة المخابرات المركزية عن التعليق ولم يرد بومبيو على طلبات للتعليق.

وقال بارى بولاك، محامى أسانج فى الولايات المتحدة لموقع ياهو نيوز: «بصفتى مواطنًا أمريكيًا، أجد أنه من المشين للغاية أن تفكر حكومتنا فى اختطاف أو اغتيال شخص ما، دون أى إجراءات قضائية لمجرد أنه نشر معلومات حقيقية».