منال لاشين تكتب: ستاتنا وجواريهم

مقالات الرأي

منال لاشين
منال لاشين

دراما رفعت قدر المرأة وعملها.. وأعمال أهانت النساء وضربت قيمة الشرف

 

أحيانا تسمح لى الظروف بمتابعة مسلسل أو مشاهدة فيلم جديد، ولكننى أعشق الأعمال القديمة، واعترف أننى أتابع الأعمال الفنية الوطنية بمشاعرى وأفرح بها، ولا أدقق جيدا فى أداء الممثلين أو المخرج أو التصوير أو غيره من عناصر العمل، وأما الأعمال الاجتماعية، فدائما يغلبنى بمنتهى الصراحة ستات المسلسل أو الفيلم، وكيفية معاملة الرجال لهم، وأفرح قوى لو فى مسلسل يقدم دراما ممتعة وقيم تقدير المرأة كزوجة وأو أم أو امرأة عاملة، وتزداد فرحتى بنموذج الأسرة المتوسطة أو الفقيرة التى تشبه الأسر التى كونها أبى وأمى رحمهما الله وملايين من جيلها.

وبالطبع لا أتوقع أو أقصد أن تكون كل الدراما وردية، وأو أن يتدخل أحد فى اختيارات أصحاب العمل من مؤلف ومخرج وغيرهم من فريق العمل، ولكن ما أن يعرض العمل حتى يكون ملكًا للمشاهدين ومن حقهم التعليق عليه من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الدولة والرئيس السيسى يدعم المرأة ولا يوجد ما يمنع أن تخصص بعض الأعمال لدعم صورة المرأة المصرية ومحاربة اضطهاد المتطرفين أو المحافظين، ومواجهة القيم التى هاجرت إلى مصر وخربت صورة أو بالأحرى تركيبة الأسرة المصرية، والعلاقة بين الأزواج فى الأحوال العادية.

ولاشك أن العمل الأيقونى فى مجال دعم عمل المرأة هو فيلم (مراتى مدير عام) بطولة الثنائى شادية وصلاح ذو الفقار إنتاج ١٩٦٦، فى هذا العمل يضرب أصحابه عصفورين بفليم واحد، يواجهه رفض الرجل الشرقى أن تكون زوجته العاملة رئيسة له، وذلك على خلفية أن الرجل هو سيد المنزل فكيف يتحول إلى مرءوس خارج جدران البيت، أما العصفور الآخر فهو الشخصية المحافظة على خلفية دينية، وقد لعب هذا الدور براعة الممثل الراحل شفيق نور الدين، ففى البداية ينظر لمديرته على إنها مجرد أنثى تنقض الوضوء، ولكنه بعد أن يقنع بكفاءتها يصل إلى إنها إنسانة والسلام عليها لا ينقض الوضوء، أو بالأحرى يصبح أقل تشددًا.

والمتتبع للأفلام التى تناولت عمل المرأة يمكن أن يلاحظ إنها واكبت أو عكست نظرة المجتمع والدور الذى ينتظره من المرأة، فى عام ٥٠ يقدم يوسف وهبى (الأفوكاتو مديحة)، وتلعب مديحة يسرى دور محامية فاشلة تركت أهلها وتقاليدها، ولم تتول أى قضية، وينتهى الفيلم بأن تترك مديحة المحاماة معترفة بفشلها وتتزوج ابن عمها.

أما فى عام ٥٢ يتقدم فيلم الأستاذة فاطمة لفاتن حمامة خطوة، فتظهر المرأة المحامية ذكاءً فى قضية إنقاذ حبيبها، وتثبت كفاءتها، ولكنها تتخلى عن العمل طوعا لتتحول إلى ست بيت، فى عام ١٩٦٤ يظهر فيلم للرجال فقط حيث تنجح المرأة فى مجال التنقيب.

وبعد عامين ومن قلب دولة عبد الناصر ينطلق فيلم (مراتى مدير عام ) لينتصر ليس لعمل المرأة فقط، بل لفكرة المشاركة بين الزوجين.

ولا يشترط أن يكون المسلسل أو الفيلم عن عمل المرأة، فقد لفت نظرى فى مسلسل (أبو العروسة) معاملة الأب لزوجته وبناته، ورفضه أن يضرب ابنه أخته لأنها أخطأت، فيقول له الأب (سيد رجب): إحنا مبنضربش بناتنا، لأن الأب الذى يرفض أن يضرب ابنته، سيرفض بالتأكيد أن يقوم زوجها فيما بعد بضربها.

وتابعت بعض حكايات (إلا أنا) المخصصة لدراما المرأة، وأعجبنى حكاية (أمل حياتى) وأخيرا أعجبت بالبطلة فى حكاية (على الهامش) لقدرتها على البدء من جديد.

ولكننى فؤجئت ببعض الأحداث والرؤى فى مسلسل عرض مؤخرا (إجازة مفتوحة) للمؤلف أحمد محمود أبو زيد، وصراحة لم أبلع بعض القيم التى يروج لها المؤلف أو بالأحرى العمل الخاصة بالمرأة وعملها وعلاقتها بزوجها.

هل لا يزال البعض يروج أن المرأة المحامية التى تتولى قضايا الأحوال الشخصية معقدة لأنها مطلقة أو لم تتزوج؟ هل هذه الصورة التى ننظر بها للمحامية المتخصصة فى قضايا الأحوال الشخصية؟.

أما الكارثة التى لم أستطع حقيقى حقيقى بلعها هى علاقة أخت البطل سارة بزوجها الصعيدى، وحط تحت كلمة الصعيدى مائة خط، بالتأكيد أدرك أننا لا نعيش فى مجتمع مثالى. وأعرف أن هناك نساء يستحقن العقاب، وأن هناك زوجات وأسر ترضى بأن تستمر ابنتهم مع زوجها الذى يضربها أو يتزوج عليها أو يخونها، كل ذلك شاهدته ولا أنكر وجوده فى المجتمع، أما أن يصل الأمر بأن يدفع جميع الأبطال سارة أن تعتذر لزوجها وتعود له بعد جريمته فى حقها فهذه سقطة درامية وأخلاقية، فزوج سارة شكك فى شرفها واتهمها بأنها تقيم علاقة جنسية مع زميلها الطبيب وأن الطفل الذى تحمله ليس ابنه، وأصر على أن يجرى تحليل _(دى إن إيه) ليتأكد أن الطفل من صلبه، وبعد كل ذلك تذهب له سارة معتذرة بناء على نصيحة الأسرة، فبصراحة حاجة جديدة (لنج ) فقد تربينا قبلى وبحرى على أن الاتهام بالشرف خط أحمر لا يمكن أن تقبله المرأة أو أسرتها.

بالطبع إزاء هذه الكارثة لم أتوقف كثيرا عن موقف المؤلف من عمل المرأة والإيحاء طوال المسلسل بأن طموح المرأة فى عملها يخرب بيتها ويضيع أولادها.

حقيقى فى ناس بترجعنا للوراء مائة عام، إلى زمن الجوارى.