الطوق والإسورة.. المصريون اشتروا ٨ أطنان ذهب آخر ٣ أشهر

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

انخفاض سعر الفائدة وانهيار البورصة رفع الطلب ٥١٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى


تسببت أزمة أسعار الطاقة العالمية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فى استمرار ارتفاع أسعار المعادن مدفوعة بعودة الأنشطة الاقتصادية، وتعطل الإنتاج بسبب نقص إمدادات الطاقة، سواء بالنسبة للحديد والصلب أو الألومنيوم، وغيرها. وعلى النقيض تمامًا، كان الوضع بالنسبة لأسعار المعادن النفيسة، والتى شهدت انخفاضًا بنسبة ٣٪ خلال آخر ٣ أشهر، مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية، وسجل سعر الذهب انخفاضًا طفيفًا بنسبة ١٪، محافظًا على قيمته كملاذ استثمارى آمن، وقت الأزمات، نتيجة لارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمى والمحلى.


ويلجأ الجميع إلى الذهب، بداية من البنوك المركزية، مرورًا بالمستثمرين، وصولًا إلى الأفراد، لأن الاستثمار فيه يحدث ويزداد فى حالة وجود عدم اتزان اقتصادى، كما يحدث حاليًا نتيجة لارتفاع معدلات التضخم على المستوى العالمى والمحلى.

وبنظرة سريعة على بيانات مجلس الذهب العالمى، يتضح عودة إقبال المصريين على اللجوء لشراء الذهب والاستثمار فيه، استجابة للأزمة الحالية، وذلك منذ بداية العام، ولكن بشكل أكبر تركيزًا فى فترة الثلاثة أشهر الأخيرة، منذ بدء أزمة الطاقة العالمية.

ويقدر احتياطى مصر من الذهب ٨٠.٦ طن، بما يمثل ١٢٪ من احتياطى البنك المركزى المصرى، حيث يعد هذا الاحتياطى مؤشرًا للقوة الائتمانية للدولة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاة الدائنين، ويمنحها أمانًا خلال الأزمات المالية، بعيدًا عن تقلبات سعر صرف العملات مع الاضطرابات السياسية والاقتصادية.

وتنتج مصر سنويًا حوالى ١٥.٨ طن من الذهب الخام، ويتوزع طلب المصريين على المعدن الأصفر، ما بين المشغولات الذهبية للزينة، وشراء السبائك والعملات الذهبية (الجنيه الذهب).

وتسببت أزمة فيروس كورونا على غير المتوقع فى العام الماضى، وهو العام الأول للفيروس، فى خفض مشتريات المصريين من الذهب، لكن سرعان ما تغير الموقف تمامًا هذا العام، مع انخفاض سعر الذهب بنسبة ٦٪.

حيث تراجعت الأوقية من ١٩٠٨.٦ دولار فى الربع الثالث من عام ٢٠٢٠ إلى ١٧٨٩.٥ دولار للأوقية فى نفس الفترة من العام الحالى، وذلك إلى جانب الخوف من ارتفاع التضخم وتآكل القوة الشرائية للنقود والمدخرات.

وهو ما أعاد البريق للمعدن الأصفر، خاصة مع توقعات باستمرار زيادة سعره بشكل طفيف خلال الفترة المقبلة، مع تزايد الإصابات بكورونا رغم توزيع اللقاحات.

وتشير البيانات التفصيلية لمجلس الذهب العالمى، إلى أن انخفاض سعر الذهب مقارنة بالعام الماضى، شجع المصريون على زيادة الطلب مرة أخرى، حيث تراجع السعر بنسبة ٦.٥٪، من ٨٢٤ جنيهًا لجرام الذهب عيار ٢١ إلى ٧٧٠ جنيها فى سبتمبر الماضى، قبل أن يصعد إلى ٧٧٩ جنيهًا فى أكتوبر، و٧٨٥ جنيهًا هذا الشهر.

وكان سعر الذهب قد شهد ارتفاعا بنسبة ٢٧٪ فى العام الماضى، بحيث وصلت قيمة الأوقية من ١٣٩٢.٦ دولار فى عام ٢٠١٩ إلى ١٧٦٩.٦ دولار فى عام ٢٠٢٠، فى وقت عانى فيه المصريون من التأثير الاقتصادى لفيروس كورونا مع حالة الإغلاق العامة، مما أثر على فوائضهم المالية وأدى إلى تراجع الاتجاه للاستثمار والادخار فى الذهب.

وهو ما تسبب فى انخفاض طلب المصريين على الذهب بنسبة ٢٤٪ فى العام الماضى، مقارنة بعام ٢٠١٩ قبل كورونا، وبلغ إجمالي المشتريات فى العام الأول للفيروس ٢٢ طنًا، بعد أن سجلت ٢٩ طنًا فى عام ٢٠١٩.

وانقسم إجمالي مشتريات المصريين فى العام الماضى من الذهب إلى مشغولات ذهبية بقيمة ١٩.٨ طن، مقارنة بـ٢٦.٥ طن فى عام ٢٠١٩، بتراجع بنسبة ٢٥٪، وسبائك وعملات ذهبية بقيمة ٢.٢ طن، مقارنة مع ٢.٥ طن، بتراجع نسبته ١٢٪.

وعلى النقيض، عوض المعدن الأصفر خسائره فى مصر خلال فترة الـ ٩ أشهر الأولى من العام الحالى، حيث ارتفع حجم الطلب مرة أخرى وبلغ ٢٣ طنًا، مقارنة بـ ١٥.٢ طن فى نفس الفترة من العام الماضى، بنسبة ارتفاع ٥١.٣٪.

وتتوزع المشتريات على ٧.٩ طن فى الربع الأول من العام، ثم ٧ أطنان فى الربع الثانى، ثم ٨.١ طن فى الربع الثالث، وهو ما يمثل شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر الماضية، بزيادة تقترب نسبتها خلال الربع الأخير فقط من ٤٠٪، وهو انعكاس واضح لأزمة التضخم العالمى والمحلى، وعدم انتهاء أزمة الوباء رغم توزيع اللقاحات، وتراجع فائدة شهادات البنوك.

وتقدر مشتريات المصريين خلال الـ ٩ أشهر الأولى من العام الماضى بـ ١٥.٢ طن، موزعة بقيمة ٧.٥ طن فى الربع الأول، ثم ١.٩ طن فى الربع الثانى، وهو يمثل شهور أبريل ومايو ويونيو، والتى تعتبر بداية تفشى كورونا فى مصر، ثم ٥.٨ طن فى الربع الثالث.

وتنقسم هذه المشتريات ما بين مشغولات ذهبية بقيمة ١٣.٩ طن، و١.٤ طن سبائك وعملات ذهبية، وبالنسبة للمشغولات الذهبية بلغت خلال الربع الأول ٦.٩ طن، والربع الثانى ١.٧ طن، والربع الثالث ٥.٣ طن، فى حين أن قيمة السبائك كانت فى الربع الأول ٠.٦ طن، ثم ٠.٣ طن فى الربع الثانى، و٠.٥ طن فى الربع الثالث.

فى المقابل، قفزت مشتريات المصريين من المشغولات الذهبية فى أول ٩ أشهر من العام الحالى إلى ٢١ طن بنسبة زيادة ٥١٪، موزعة على ٧.١ طن فى الربع الأول، ثم ٦.٥ طن فى الربع الثانى، ثم ٧.٤ طن فى الربع الثالث.

بينما وصلت السبائك والعملات الذهبية إلى ١.٨ طن، بزيادة ٢٨.٥٪، موزعة بقيمة ٠.٧ طن فى الربع الأول، ثم ٠.٥ طن فى الربع الثانى، و٠.٦ طن فى الربع الثالث.

ووفقًا لتقرير شركة جى وورلد للاستثمارات البديلة عن الذهب فى مصر، يصل عدد مصنعى ومنتجى المشغولات الذهبية فى مصر إلى حوالى ٥٠٠٠ ورشة ومصنع، ويوظفون حوالى ٥٠ ألف عامل على مستوى الجمهورية.

وتقوم هذه الورش والمصانع بـ ٣ أنشطة، هى تصنيع الذهب عيار ١٨، وتصنيع الذهب عيار ٢١، والذى يمثل ٨٠٪ من إجمالي مبيعات المشغولات الذهبية فى مصر، وأخيرًا صقل وتشذيب الماس.

وحسب التقرير، يتركز ٦٠٪ من منتجى المشغولات الذهبية وبائعى التجزئة فى القاهرة، و١٧٪ فى محافظة بنى سويف، و١٠٪ فى السويس، و٥٪ فى المنصورة، و٤٪ فى قنا، و٣٪ فى طنطا، و١٪ فى الإسكندرية.

ويتواجد أكثر من ٢٠ ألف تاجر تجزئة للمشغولات الذهبية فى مصر، يقومون بتوظيف حوالى ٦٠ ألف عامل.

وعلى العكس تمامًا، جاء تأثير أزمة كورونا على صادرات مصر من الحلى والأحجار الكريمة (الذهب)، حيث شهدت قفزة كبيرة بنسبة ٧٦٪ فى أول ٩ أشهر من العام الماضى، مع ارتفاع سعر الذهب وتراجع مشتريات المصريين منه، لتصل إلى ٢.٤ مليار دولار، وفقا لبيانات المجلس التصديرى لمواد البناء.

وذلك نتيجة لزيادة الطلب العالمى مع حالة الإغلاق العام فى دول العالم، ولجوء المستثمرين والأفراد للاعتماد على المعدن الأصفر، كملاذ استثمارى آمن فى بداية أزمة تفشى الوباء.

بينما تراجعت هذه الصادرات إلى ٨٣٩ مليون دولار، بنسبة ٦٦٪ فى نفس الفترة من العام الحالى، وذلك مع انخفاض الطلب الخارجى، نتيجة لتوزيع اللقاحات وعودة الأنشطة الاقتصادية، مما قلل فكرة الإقبال على وضع المدخرات فى الذهب والاستثمار فيه، وسجلت صادرات مصر قبل الوباء فى نفس الفترة من عام ٢٠١٩، حوالى ١.٤ مليار دولار.

وتأتى فى صدارة قائمة أبرز الدول المستوردة للحلى المصرى هذا العام، كندا بقيمة ٤٤٠ مليون دولار، تليها الإمارات بقيمة ٢٩٠ مليون دولار، ثم أستراليا بقيمة ١٠٣ ملايين دولار، ولبنان بقيمة ٢ مليون دولار، وتركيا بقيمة ١.٥ مليون دولار.