بالأرقام.. الحكومة لم تدعم المواطن فى موازنة كورونا الثانية

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تجاهلت زيادات معاشات فئات مختلفة.. وخفضت دعم التأمين الصحى

 

كشفت أحدث دراسة صادرة عن المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، عن مجموعة من المشكلات الهيكلية فى إعداد الموازنة العامة للدولة ٢٠٢١، والتى بدأ العمل بها فى يوليو الماضى، وتعتبر الثانية منذ بداية أزمة كوفيد – ١٩.

الدراسة حملت عنوان «الإعداد السليم للموازنة العامة كمحرك للتغيير»، وشملت تقييما لمنظومة إعداد الموازنة، ورصدًا لمدى تحقق القواعد المالية العامة، والتى تشمل: الشمول والشفافية والواقعية والاتساق والترابط والمساءلة.

وقالت الدراسة إن الموازنة الحالية أخلت بمبدًا الشمول، وذلك فى ظل وجود الصناديق الخاصة والهيئات الاقتصادية خارجها، كم أخلت بقواعد محاسبية مختلفة، ما يؤدى إلى عدم قدرة الجهاز المركزى للمحاسبات ومجلس النواب على مراقبتها.

وأشارت الدراسة إلى أن ذلك يتسبب فى عدم قيام تلك الجهات بالغرض من وجودها، وهو إضفاء نوع من المرونة على عدد من التعاملات المالية، بحيث تستفيد الموازنة من تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأوضحت أنه يتم استخدام الموارد لتمويل عجز الهيئات، إلى جانب عدم التزام بعض الصناديق والحسابات الخاصة بتوريد النسب المقررة من إيراداتها للموازنة العامة للدولة.

ولفتت إلى أن هناك اختلالا فى مبدأ الشفافية نتيجة لانفراد سلطة وزير المالية بالمنح والمنع بموجب القانون، وغموض وضع الاحتياطات والضمانات، بالإضافة إلى عدم نشر المستندات المتعلقة بالموازنة فى توقيتاتها المناسبة، وعلى سبيل المثال يصدر الحساب الختامى - وهو تقرير عن التنفيذ الفعلى للموازنة فى العام المالي- بعد إصدار موازنة العام التالى بوقت طويل.

وأضافت الدراسة أن الإخلال بمبدأ الشمول والشفافية أدى إلى عدم التحقق الكافى لمبدأ الواقعية، بحيث تعد المخصصات وفقا للاحتياجات حسب أولويات خطة الدولة للتنمية.

وضربت مثالًا على ذلك، قائلة إنه بتحليل موازنات ٥ أعوام متتالية، تم ملاحظة عدم التغير نهائيًا أو بفارق بسيط ثم الثبات مرة أخرى لمخصصات بعض البنود، وهى دعم تنمية الصعيد ( ٢٠٠ مليون جنيه للثلاث سنوات الأولى، ثم ٢٥٠ مليون جنيه لآخر عامين) لافتة إلى القيمة ضعيفة نسبيًا.

وبالنسبة لبند معاش الطفل، استمر على قيمته ٧٠ مليون جنيه خلال الخمس سنوات، وفى المقابل انخفض بند دعم المزارعين من ١٠٦٤ مليون جنيه لأول عامين إلى ٥٦٤ مليون جنيه، ثم ٦٦٥ مليون جنيه آخر عامين، وذلك بنسبة ٣٧.٥٪.

وأضافت الدراسة أن الإخلال بتلك المبادئ أدى إلى عدم التمكن الكامل من التحليل الدقيق، وبالتالى المساءلة المالية للجهات الحكومية المختلفة، فيما يتعلق بمبدأ المساءلة.

وفيما يتعلق بمدى الوفاء بالاستحقاقات الدستورية الخاصة بالإنفاق العام على الصحة والتعليم، فلم تشهد تغييرات جوهرية بالرغم من جائحة كورونا، بل أقل عمَّا تعلنه الحكومة بسبب قيام وزارة المالية بضم بنود إضافية لموازنة التعليم، كان لها أثر مباشر على القطاع.

وأوضحت أن الانفاق على الصحة تراجع خلال الخمس سنوات الأخيرة من ١.٦٪ فى موازنات ٢٠١٥ و٢٠١٦ إلى ١.٢٪ فى موازنات عام ٢٠١٨ وعام ٢٠١٩ التى بدأت خلالها جائحة كورونا، وتنتهى فى يوليو ٢٠٢٠.

وبلغت النسبة فى موازنة عام ٢٠٢٠ حوالى ١.٤٪، وتمت زيادتها إلى ١.٥٪ فى الموازنة الحالية لعام ٢٠٢١، وبذلك لم تصل المخصصات إلى معدلات عام ٢٠١٥.

من ناحية أخرى، قدمت الدراسة تحليلًا لمدى الترابط بين الموازنة وخطة الدولة للتنمية، وهو ما اتضح منه عدم وجود اتساق بينهما، فبالرغم من أن الخطة نصت على دعم المواطنين أثناء الجائحة، إلا أن الحكومة لم ترصد أى زيادة فى معاش تكافل وكرامة البالغ ١٩ مليار جنيه، كما خفضت دعم التأمين الصحى على الأطفال من ٢١٤ إلى ٢١٠ ملايين جنيه، أى بنسبة تقترب من ٢٪، والتأمين الصحى لغير القادرين (التأمين الصحى الشامل) من ٨٦٥ إلى ١٦١ مليون جنيه، بنسبة ٨١٪.

وتستهدف الخطة حماية البيئة وإقامة صناعات صديقة لها، لكن فى المقابل فإن الموازنة تستهدف تخفيض مخصصات قطاع حماية البيئة بنحو ١٥٪ إلى ٢.٨ مليار جنيه، مقابل ٣.٣ مليار جنيه فى موازنة ٢٠٢٠.

وفيما يخص قطاع الزراعة، تستهدف الخطة ٢٥ مليار جنيه كاستثمارات حكومية فى القطاع، يخصص معظمها لاستصلاح واستزراع الأراضى، لكن فى المقابل وضعت الموازنة مخصصات للقطاع إجماليها يتعدى المليار جنيه فقط.

وتنقسم هذة المبالغ كالتالى: ٢٢٥ مليون جنيه استثمارات فى الثروة المائية والحيوانية، و١٣٦ مليون جنيه لتمهيد واستصلاح الأراضى، و٦٦٥ مليون جنيه كدعم للمزارعين، ولم يوضح البيان المالى للموازنة سبل صرف باقى مبلغ الـ ٢٥ مليار جنيه وفقا للخطة.

وقالت خطة الدولة إنها تستهدف إنشاء ٢٢٥٦ مدرسة تضم ٣٥ ألف فصل، وتقدر تكلفة إنشاء فصل دراسى واحد حوالى ٥٠٠ ألف جنيه وفقًا لرئيس هيئة الأبنية التعليمية، وبذلك تحتاج هذه الفصول إلى ١٧.٥ مليار جنيه، فى وقت تبلغ فيه موازنة هيئة الأبنية التعليمية نفسها ٦.٥ مليار جنيه فقط.

وتقدر الاستثمارات الكلية لقطاع التعليم فى خطة الدولة بـ ٦٥.٣ مليار جنيه، بينما لم يظهر فى الموازنة سوى ٣٩.٦ مليار جنيه فقط، وبالنسبة لاستثمارات قطاع الصحة فتبلغ فى الخطة ٦٤.٤ مليار جنيه، بينما لم يظهر فى الموازنة سوى ٢٦.٤ مليار جنيه.

وأشارت الدراسة إلى أن الموازنة تعانى من المركزية الشديدة وضعف الموارد المالية المخصصة لدواوين عموم المحافظات، وعدم عدالة توزيعها، حيث خصصت موازنة ٢٠٢١ ما يقدر بـ ٤٣ مليار جنيه لدواوين المحافظات بنسبة ٢.٣٪ فقط من المصروفات العامة.

واستحوذت دواوين عموم محافظات القاهرة والإسكندرية والبحيرة وسوهاج وقنا والمنيا (٥ محافظات من أصل ٢٧ محافظة) على نسبة ٤٠.٦٪ من جملة الاعتمادات المخصصة لدواوين عموم المحافظات.

ولذلك طالبت الدراسة بحدوث تنسيق كامل بين وزارتى التخطيط والمالية، والعرض المفصل لأى زيادة فى النفقات أو استحداث مصروفات لم ترد بالموازنة المعتمدة من مجلس النواب، والحصول على موافقة المجلس قبل الإنفاق الفعلى، بجانب تبنى موازنة البرامج والأداء ليكون الشكل الوحيد لموازنة الدولة لكافة الجهات، بحيث تضمن تنفيذ الأهداف وتسهل مهمة الرقابة، والتشديد على مبدأ وحدة الموازنة واتخاذ الإجراءات التنظيمية لدمج موازنات الوزارات التى لها موازنتان فى موازنة واحدة.

وتشمل تلك الوزارات: التضامن الاجتماعى، التعليم العالى والبحث العلمى، الإسكان والمرافق، النقل، ووزارة السياحة والآثار.