د.حماد عبدالله يكتب: النقابات المعطلة !!

مقالات الرأي

دكتور حماد عبدالله
دكتور حماد عبدالله


لا شك أن أهم أضلاع المجتمع المدنى وأركانه ودعائمه هى النقابات المهنية والعمالية فالنقابة وظهورها مع عصر الألة ومنذ التحول من طاقة البخار إلى طاقة البترول ثم إلى الطاقة النووية وتغيير شكل الحياة مع بداية الثورة الصناعية نهايات القرن السابع عشر وبدايات القرن الثامن عشر وأصبح للنقابات دورًا هامًا فى تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل والدولة وأصبحت النقابات العمالية هى من القوى التى يعمل لها ألف حساب فى الدول التى مارست الحياة الصناعية فيها شعوبها وأغلبها اليوم هى الدول السبع أو الثمانى العظام فى العالم والمعروفة (G8 ) ولكن وبإنتقال أساليب الحياة إلى أرجاء الكرة الأرضية وحسب مناخ ونظام كل مجتمع مستقبل لهذه الأساليب تتبلور طريقة التعامل بين أضلاع المثلث (عمال، إدارة، نقابة) ولعل إتحاد نقابات عمال مصر هو من أقدم الإتحادات النقابية فى منطقة الشرق الأوسط إن لم يكن من اقوى الإتحادات العمالية المنتظمة فى دول الشرق كله ولعل التوجهات الإشتراكية ثم الإنفتاحية ثم التوجه للإقتصاد الحر فقد عانى النظام الحالى من تعسر فى (الولادة) وعسر (فى الهضم) منذ تخلينا عن النظام الإشتراكى ولو إسمًا ولكن فى واقع الأمر ما زال هذا النظام ناخرًا فى عظام الوطن فنحن ما زلنا نحتفظ ب 50% نسبة عمال وفلاحين فى إنتخاباتنا المحلية والشعبية والبرلمانية وفى نفس الوقت لا تسمح قوانيننا بعد تعديلها أن نقول للعامل (إنت خارج الخدمة) حتى ولو كانت هناك أسباب جوهرية بل نحن نشترط فى برنامج الخصخصة والتحول الإقتصادى على أن "يعول" أى مستثمر أو أى كيان جديد يرغب فى شراء أو حيازة مرفق أو وضع عام  أن يعول " عمالة " وأن لا يعمل على الاستغناء عن أحد منهم وبالعكس مطلوب رفع مرتباتهم  وتطوير قدراتهم الفنية والعلمية مع ما يتراءى للمستثمر الجديد فى إدارة كيانه الاقتصادي....ولعل فى النظم الاشتراكية تتشكل مجالس النقابات من خلال إنتخابات شكلية فالكل يعلم من الذي يقبله النظام ومن الذي سترشحه الإدارة المركزية للحزب أو الإتحاد الاشتراكي أو أي مسمى من مسميات الشمولية السياسية... 
وبالتالي فإن قلما أن نسمع عن إضراب أو عن إختلاف يظهر على شاشة تليفزيون وصفحة جريدة ولكن الكل يتوائم من خلال ما هو متاح للإدارة فى تلبية طلبات العمال ومع ذلك فإن رغم التطور الكبير الحادث اليوم ورغم أن العملية أصبحت قانونية بحته حق الإضراب وحق التظاهر ووضعت اللوائح والشروط للقيام بذلك فى أى موقع من مواقع الانتاج إلا أن القانون نظم أيضًا  كيفية الوصول لمرحلة الاضراب الشامل بعد مجموعة من اللقاءات مع ممثلي النقابة وممثلي الإدارة وكذلك فى امكانية التفاوض حول الطلب والتفاوض حول موعد الاضراب  ومدته  ومكانه وكيفية تصعيد الإضراب من ساعة إلى ساعتين فى اليوم ثم تحديد موعد أخر لذلك حتى يتنفس المتفاوضون وهم أضلاع المثلث ( الإدارة – العمال – النقابة) والنقابة كلما كانت قوية ومعبرة عن القاعدة العمالية التى إنتخبتهم كان دورهم أجدى – وأنفع للجميع  إلا أن مظاهر الضعف الشديد الذى نراه اليوم فى التشكيلات النقابية العمالية وما يترتب عن ذلك من أشكال إضرابات فى مصانعنا دون حل ودون وصول لنتائج إيجابية لدليل على شيئين إما أن الانتخابات العمالية أفرزت أسوء ما فى هذا المجتمع من ناحية القدرة على القيادة والعمل العام أو شيىء أخر وهو أن أصبحت النقابات معطلة ومرفوعة من الخدمة ونحتاج لنظام أخر ربما نظام (أبوى) أو (شيخ البلد) (شهبندر الصناع والتجار) شيىء أخر أرى أنه ينقص دائرة الإتصال هناك حلقة مفقودة فى المسألة !!
  Hammad [email protected]