في ظل التطورات الأخيرة.. كيف تعقد المشهد داخل إثيوبيا؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

يتصاعد القلق تجاه احتدام النزاع المستمر منذ عام في إثيوبيا مما دفع جميع الحكومات إلى أمر رعاياها الموجودة في  إثيوبيا بالجلاء العاجل، فيما تستمر قوات التيجراي والقوى المتحالفة ضد حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بالزحف إلى العاصمة، أديس أبابا.

 

وتفيد التقارير الميدانية باشتداد المعركة منذ يومين واضطرار آبي أحمد للوصول إلى الخطوط الأمامية ليباشر المعركة بنفسه والتي اشتعلت، أمس، على أربعة جبهات هي إقليمي عفر وأمهرة، وباتي شمال شرق إثيوبيا، وشواربيت التي تبعد ٢١٨ كيلومتر فقط عن أديس أبابا، فيما يتولى دميكي ميكونين مهمة تصريف الأعمال بصفته نائب رئيس الوزراء

 

وشهدت جبهة باتي التي تبعد ٤١٤ كيلومتر عن العاصمة قتالًا عنيفًا أظهرت فيه قوات التيجراي تفوقها واستمرت في توجيه هجمات متتالية على قوات عفر الخاصة والموالية للحكومة حتى كادت تستولي على مدينة ميلي الواقعة على الطريق الدولي الرابط بين جيبوتي وأديس أبابا إلا أن قوات آبي أحمد طلبت تعزيزات عسكرية وحصنت المتبقي من قواعدها هناك 

 

طريق مسدود

وتستمر حكومة آبي أحمد بتضليل الأخبار بعدما قامت منذ شهور بحجب معظم وسائل الإعلام من ممارسة أعمالها، لكن بعض المعلومات تصدر من جبهة التيجراي التي باتت تحظى بدعم ومساندة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية خصوصًا بعد منع آبي أحمد وصول المعونات الإنسانية للمتضررين المدنيين التابعين للقوات المضادة له

 

واتهم كبدي دسيسا وزير خارجية إثيوبيا السفارة الأمريكية بنشرها معلومات كاذبة عن الحرب الدائرة في إثيوبيا، وقال إن قرار السفارة الأمريكية بجلاء رعاياها المتواجدين في إثيوبيا ليس له داعي ويضر العلاقات التاريخية بين الدولتين

 

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، نشر في بيان عن اطلاع الولايات المتحدة على التقارير التي تفيد بانتقال رئيس الوزراء الإثيوبي إلى جبهة القتال وأن حل النزاع في إثيوبيا اتخذ طريقًا مسدود.

 

الأوضاع في إثيوبيا تؤثر على القرن الأفريقي

وفي هذا الإطار قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية،  يتسم المشهد السياسي والعسكري الراهن في أثيوبيا بحالة من التعقيد الشديد وعدم الاستقرار؛ ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى تصاعد المواجهات العسكرية شمالي البلاد بين الحكومة الأثيوبية برئاسة آبي أحمد المتحالفة مع قومية الأمهرة، والجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية.

 

وأضاف فهمي في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، التطورات العسكرية الأخيرة أثرت في أثيوبيا مواقف القوى الدولية التي عبرت عن قلقها من تصاعد العمليات العسكرية هناك، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تقسيم أثيوبيا عرقيًا، وتمثلت أبرز ملامح الموقف الدولي في المساعي الأمريكية المكثفة لإنهاء الصراع في أثيوبيا، حيث وصل المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي  جيفري فيلتمان لأثيوبيا، وعدم توقف المواجهات العسكرية رغم الوساطة التي يقوم بها مبعوث الإتحاد الأفريقي "أولوسيجون أوباسانجو" (رئيس نيجيريا السابق) بسبب رفض "آبي أحمد" أية وساطات خارجية واعتبار أن الصراع الحالي مسألة داخلية تقودها جماعة إرهابية يمكن القضاء عليها عسكريًا.

 

وأوضح أن هناك ثلاث سيناريوهات محتملة لتوقعات الحرب الدائرة في إثيوبيا حاليًا، السيناريو الأول، استمرار الصراع المسلح، ويستند هذا السيناريو إلى استمرار المعارك العسكرية بين الحكومة الفيدرالية وجبهة التيجراي، في ظل تشدد كافة الأطراف بشان التسوية والحل، وهو ما يرجح اتجاه الأوضاع نحو مزيد من التصاعد على كافة المستويات السياسية والعسكرية واتجاه البلاد إلى الانزلاق في حرب أهلية طاحنة، ومن ثم زيادة حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد، وبالتالي اتجاه واشنطن لفرض مزيد من العقوبات ضد أثيوبيا.

 

ويمثل السيناريو الثاني، نجاح تحالف الجبهة المتحدة بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي في اقتحام أديس أبابا، وإسقاط حكومة "آبي أحمد" وتشكيل حكومة جديدة من التحالف التُساعي، ومن ثم عودة التيجراي للحكم مرة أخرى. والسيناريو الثالث، التهدئة وقبول الجلوس على مائدة المفاوضات لإجراء حوار بين الحكومة الفيدرالية وجبهة التيجراي، ويرجح ذلك عدم قدرة أي من الطرفين حسم المعارك المسلحة لصالح أي منها، مع تزايد الضغوط الدولية وخاصة الأمريكية لوقف هذا الصراع تجنبًا لتمدد آثاره السلبية لدول منطقة القرن الأفريقي ومن ثم تهديد مصالحها الاستراتيجية هناك.

 

خطر على إفريقيا

من جهة أخرى قال الدكتور محمد شاكر، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، الحرب وعدم استقرار الأوضاع في إثيوبيا يشكل خطرًا على بعض الدول الأفريقية إلا أنه لا يمثل مصلحة لدول أخرى.

 

وأضاف شاكر في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الصراع في إثيوبيا لن ينتهي قريبًا على كل الأحوال ولن تظهر دعاياته على القرن الأفريقي حاليًا.

 

جذور الأزمة الإثيوبية

وتعود جذور الأزمة الحالية إلى عام ٢٠١٨ عندما تولى آبي أحمد الحكم في أديس أبابا وأعلن صلاحيات سياسية كان منها تنحية قادة الجيش والمخابرات الإثيوبية، حيث كانوا من قومية التيجراي، وتنصيب قادة من قوميتي الأمهرا والأورومو حيث ينتمي آبي أحمد

 

وتعمقت جذور الأزمة بعد إعلان آبي أحمد تأجيله للإنتخابات التي كانت مقررة في أغسطس ٢٠٢٠ متخذًا جائحة كورونا سببًا لذلك مما أدخل قوميات إثيوبيا خصوصًا قومية التيجراي في نزاع دستوري أعلنت بموجبه قيامها في التاسع من سبتمبر ٢٠٢٠ بتنظيم الإنتخابات لكن الحكومة الإثيوبية قمعت الإنتخابات ورفضت نتائجها

 

واشتدت حدة الخلاف وتحول النزاع بين آبي أحمد وجبهة تحرير تيجراي إلى نزاع مسلح منذ نوفمبر ٢٠٢٠ عندما طرد آبي أحمد كل القوميات الأخرى الموجودة في الحكومة وأعلن تشكيل حكومة جديدة

 

واستعادت جبهة تحرير تيجراي في يونيو الماضي، السيطرة على العاصمة ميكيلي بعد نزاع شديد مع حكومة آبي أحمد الذي كان استخدم الطائرات المسيرة ودك بيوت قبائل التيجراي وخلف ضحايا بالمئات ولم تعرف الأوضاع الإثيوبية الإستقرار منذ ذلك الحين.