د.حماد عبدالله يكتب: القوى الكامنة فى شعب مصر !!

مقالات الرأي

دكتور حماد عبدالله
دكتور حماد عبدالله

 

يتميز شعب المحروسة بقدرات كامنة نراها ونرصدها منذ عصور سحيقة فى التاريخ المصرى القديم حينما كان يقف المصريون أمام هجوم الطبيعة على الأراضى الزراعية والمبانى الطينية على ضفاف نهر النيل فى مواسم الفيضان حيث يهب المصريون جميعًا لسد مداخل فيضان النهر على الضفاف ورأينا ذلك فى وقت التحاريق حينما ينكمش النيل ويقوم الفلاحون بتوزيع تصافى الترع والمصارف فيما بينهم حتى لا يموت الزرع وتنفق الماشية ورأينا ذلك فى أفلام الأبيض والأسود على سبيل المثال "فؤادة وعتريس" للفنانة العظيمة شادية والراحل محمود مرسى ورأيناه فى الألوان سكوب فى فيلم الأرض للراحل "محمود المليجى" وغيرها من قصص تروى وقوف المصريين أمام النكبات الطبيعية وكان ومازال شعب مصر تحركه قدراته الكامنة فى صد الهجوم فى الحروب منذ الهكسوس، والتتار،والصليبيين، والفرنسيين والإنجليز وحتى اليهود فى العصر الحديث وكان شعب مصر فى أخر الحروب التى خاضتها البلاد (حرب أكتوبر 73) لم يسجل فى أى قسم بوليس حادثة سرقة أو شجار أو أى نوع من الخلافات بين أفراد الشعب أثناء دخول الجيش المصرى حربه المقدسة لتحرير الأرض فى واقعة أكتوبر المجيدة.
والمتابع لتاريخ قدرات الشعب المصرى نجد أن ولاية محمد على باشا لشعب مصر منذ 1805 قد قاد حملة تحديث مصر ومنذ عام 1815 وحتى عام 1825 أصبح لمصر جيش قوى يهابه كل دول العالم المحيطة وهدد محمد على بالجيش المصرى شمال أوربا وجنوبًا حتى جنوب الجزيرة العربية وأصبحت قوة مصر الحديثة مقترنة بتقدم عمرانى وزراعى وصناعى  وفنى ضاهت به أعظم دول العالم فى هذه الحقبة الزمنية وتلى ذلك شق قناة السويس وبناء مصر المعاصرة بغض النظر عن تطور الأداء الإقتصادى إلى الأسوأ مما أدخل مصر تحت سلطان دول دائنة وأنشيىء (بيت للدين) وسط عاصمة المحروسة إنتهى هذا العصر بإحتلال مصر سنة 1882 من الإنجليز وظهرت فى مصر حركات تحريرية ضد الإحتلال ومع بداية القرن التاسع عشر تحركت القوى الكامنة للشعب المصرى وإتسعت بنوابغ المصريين مثقفين، وكتاب وقادة فكر وفن حتى قيام ثورة 1919وظهور حياة نيابية مدعمة بدستور للبلاد دستور 1923وحتى قيام يوليو ثورة 1952وتحركت قوى الشعب الكامنة منذ عام 1957 وحتى عام 1967 قفزت مصر بأبنائها وبقيادة جمال عبد الناصر تحت راية القومية العربية لكى تحرر أشقائها العرب فى الغرب وفى الشرق وفى الجنوب وإزدهرت الصناعة الوطنية وكانت قوى الشعب هى لغة الأغنية المصرية والدراما المصرية وحتى إنكسار الأمة كلها فى حرب 1967وهنا بعدما كانت القوى الكامنة تعمل فى الإزدهار والتنمية تحولت القوى الكامنة لشعب مصر تعمل وتستنفر وكان أهم مظاهر الإستنفار فى الشارع المصرى سواء فى الجامعات أو وسط النقابات المهنية أو محيط العمال أو فى مؤسسات الدولة كلها تعمل على إستعادة كرامة الوطن وإستطاعت القوى الكامنة أن تنفجر بقرار شجاع للراحل أنور السادات وكانت لحظة العبور لإسترجاع الضفة الشرقية لقناة السويس هى قدرة القوى الكامنة لشعب مصر –متمثلة فى أبنائنا على جبهات القتال وخلفه حائط ضخم من مشاعر وحب وصمود المصريين ولعل ما حدث فى شهر يونيو 2013 أيضًا هو تأكيد على القوى الكامنة لدى شعب مصر حينما يشعر بالخطر.
إن القوى الكامنة لشعب مصر مثل طاقة جبارة تكمن حتى إستدعاؤها لوقت يحس فيه الوطن أنه بحاجة لحماية، أو لإزدهار ونحن فى أشد الحاجة لظهور قوى الشعب الكامنة لكى تتقدم فى العلوم وفى الحرص على وحدة الأمة ونبذ الحقد وضرب الفساد والعمل بقلب رجل واحد فمصر باقية وشعب مصر متوارث لجيناته..
والله حارس لهذا الوطن الحبيب مصر !!
[email protected]