طارق الشناوي يكتب:"القلب يحب مرتين"

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

في لقائها الأخير بمهرجان (البحر الأحمر)، تحدثت هند صبري باللهجتين التونسية والمصرية، لا أتصورها تتعمد ذلك، المؤشر الذي يوجهها هو من يسأل إذا تحدث المصرية جاءت الإجابة كذلك، ولو تونسيًا ستصبح تونسية، ولو بلهجة ثالثة فلن تخذلها المفردات.

مؤخرًا، تعرضت هند لهجوم ضارٍ لمجرد أنها وجهت تهنئة للفريق التونسي بسبب فوزه في المباراة قبل النهائية على المنتخب المصري.

السؤال الذي تردد بين السطور: ماذا لو فاز الفريق المصرى؟ أجابوا بالنيابة عنها (أنها كانت ستلوذ بالصمت)، وأنا شخصيًا بحكم صداقتنا أثق تمامًا بأنها كانت ستسارع بتهنئة الفريق المصري.

ولم تكن المرة الأولى التي نالتها مثل هذه الاتهامات، كثيرًا ما لعبوا بتلك الورقة.. هند تونسية أبًا عن جد، وهي فخورة بانتمائها إلى تونس الخضراء.. نعم، عشقها لمصر (كتير برشا) لا أحد يزايد عليها، وتحمل الجنسية المصرية بحكم الزواج والإنجاب، وقبل ذلك رصيدها الفني المحسوب بقوة للفن المصري، إلا أنها تونسية (الجينات) والانتماء.

ما المشكلة إذن؟، الفن لا يعترف بجنس ولا جنسية ولا عقيدة دينية.

لا يخلو الأمر عند البعض من قدر ما مشوب بـ(الشوفونية) المقيتة، ولا أستبعد أيضًا أن هناك من لديه حسابات خارج النص، يريد الضرب تحت الحزام.

في شهر نوفمبر الماضى بمناسبة مهرجان (قرطاج)، أقام السفير المصري في تونس إيهاب فهمي حفل عشاء، وكانت أيضًا تتبادل الحوار مع لطفي بوشناق بالتونسية، ومعنا بالمصرية.

تابعت من يدّعي أن الفنان العربي يكفي أن يذهب لمصر لكي تصنع له النجاح.. الحقيقة أن مصر تمنح النجاح لمن يستحق، وإذا شد الرحال للمحروسة عشرة من بلد فإن مقدار النجاح له علاقة وطيدة، ليس فقط بالمناخ، ولكن لأن مصر تنتقي الأفضل والأكثر موهبة ولا تُطل أبدًا على جواز السفر.

في منتصف الأربعينيات، رددت بعض المطربات داخل نقابة الموسيقيين هذا الشعار الفج: (أخى جاوز الظالمون المدى/ جاءت صباح بعد نور الهدى)، يقصدون بالظالمين المطربات العرب، حيث لم يمض سوى عامين فقط على حضور المطربة نور الهدى، التى تبناها يوسف وهبى فنيًا، ثم عادت لبلدها، وبدأت رحلة صباح بعدها، فتهافتت عليها شركات الإنتاج أكثر حتى من نور الهدى.. من أسقط هذا الشعار نهائيا؟ هى نقيبة الموسيقيين المصريين «أم كلثوم»، وقالت: (مصر لكل العرب).

أتذكر عام 2008، تورط نقيب الممثلين الحالى أشرف زكى، وقرر تحجيم تواجد الفنان العربى بعدد محدود من الأعمال، وتصدت له الأقلام وبينهم كاتب هذه السطور، وقلت على الهواء في تليفزيون الدولة الرسمى: (إن القرار سيموت إكلينيكيًا)، وهذا هو بالضبط ما حدث، والغريب أنه أقام ضدى دعوى قضائية، ولم أعلم بها إلا قبل بضع سنوات، وتنازل عنها مؤكدا لى أنه لا يتذكرها، وقبل ذلك لم يقصدها.

البعض ينظر فقط تحت قدميه ولا يدرك أن قيمة مصر وحضارة مصر وفن مصر أنها كانت وستظل السماء المفتوحة لكل ما هو عربى، هذه هى مصر، بعض المصريين لا يدركون قيمة وحضارة وقوة الوطن.

من أحلى الأصوات التي غنت بكل صدق للمحروسة (يا أغلى اسم فى الوجود يا مصر) نجاح سلام اللبنانية وحسين الجسمى الإماراتي، بينما نانسى عجرم فإن عدد أغانيها الوطنية عن مصر أكثر مما غنت لبلدها لبنان.. تغنى شادية قائلة: (القلب يحب مرة ما يحبش مرتين)، بينما هند صبري تحب مرتين (تونس ومصر).

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).