طارق الشناوي يكتب: يطفئون النيران بالبنزين

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 

كم مرة شاهدت فى الأعمال الدرامية شخصية فنانة صاعدة تقدم تنازلات حتى تحتل مكانة على الخريطة؟!.. عشرات المرات فى كل المسلسلات والأفلام التى تتماس فى جزء مع كواليس الحياة الفنية نتابع هذه الشخصيات ببساطة، وآخرها مثلا مسلسل (بين السماء والأرض) شخصية (اللبيسة) نجلاء بدر، وكيف وضعت خطتها لتصبح نجمة لتنتقم من سيدتها سوسن بدر، وقدمت تنازلات على كل المستويات!.

هل اعترضت الرقابة وقالت مثلا إنها تنال من سمعة مصر والفنان المصرى وطالبت بمصادرته؟.. أبدا، عادى جدا.. هل تحركت النقابات الفنية وقتها مدافعة عن الشرف الضائع؟ أبدا ولا الهوا.. هل اعتبرها الجمهور مفاجأة وانزعج وتساءل «معقول يحصل كده؟!»؟!، على العكس لم تُثر حفيظة ولا استغراب أحد.. إنها من الشخصيات الدرامية (الأرشيفية) التى كثيرا ما تابعناها على كل الشاشات، ولها قطعا ظلٌّ من الحقيقة.

سبق قبل بضع سنوات أن أدانت المحكمة أحد المخرجين بالسجن، عندما أثبتت ضده تهمة الابتزاز التى أقامتها أكثر من فنانة شابة.. والآن، أحد الفنانين يمثُل أمام القضاء بنفس الاتهام.. ما هى إذن المشكلة عندما أعلنت مطربة على فيديو متداول أنهم يحاولون الحصول على الثمن أولا قبل أن يمنحوها فرصتها؟!، الفيديو عمره عام، وأعادت قناة (الجزيرة) بثه مؤخرا، وبعدها بدأت التداعيات.

بيانات رسمية من اتحاد النقابات الفنية تذكّر العالم بأمجادنا، وتنفى عن الوسط الفنى أى ظواهر سلبية، رغم أن تلك التجاوزات نتابعها فى العالم كله، هل (إحنا غير كل العالم)؟.. إزى وإمتى وفين؟.

لماذا يسارع رئيس اتحاد النقابات الفنية ومعه نقيب الممثلين بالنفى؟، واضطر أشرف زكى على سبيل (التجويد) أن يذكّر الناس بأن زوجته روجينا وشقيقته ماجدة زكى تعملان بالفن ولم يحدث لهما شىء من هذا القبيل. النقابات فى مصر تحيل دائما (الحبّة إلى قُبة). هذا الفيديو كان سيمر دون تعقيب من أحد، لولا تلك البيانات العنترية.

لا أتحدث عن نصيب ما قالته المطربة الصاعدة بالضبط من الصحة، فلست هنا فى مقعد القاضى، إلا أن الأمر بالنسبة لى وارد جدا، وفى النهاية لا ينال من الوسط الفنى حتى ترد عليه النقابات ببيان ضخم الجثة عريض المنكبين يؤكد أننا بلد أم كلثوم وفاتن حمامة.. هل من الممكن أن ينسى أحد مصر ومبدعيها، ويأخذ من حادث عابر دلالة على تفشى الرذيلة فى الوسط الفنى؟!، تلك الواقعة من الممكن أن تحدث اليوم وغدا وقبل 100 عام.

التحرش والابتزاز الجسدى ظاهرة عالمية.. وهكذا نتابع منظمة عالمية (مى تو) (أنا كمان) تحفز النساء على أن يبوحن بأسماء من تحرش بهن، والأمر بالمناسبة ليس مقصورا فقط على الوسط الفنى.

فى (هوليوود) أكثر من نجمة شهيرة حكت عن وقائع مماثلة، بعضها يعود لعقدين أو ثلاثة من الزمن، وعدد من كبار المخرجين والمنتجين تمت إدانتهم، ولم نسمع أن هناك من أصدر بيانا يؤكد أن صفحة (هوليوود) ناصعة البياض.

النقابات الفنية فى مصر كثيرا ما أراها متخبطة فى ردود أفعالها، وإذا أصدرت واحدة بيانًا لوذعيًا، سارعت الأخرى بعدها مباشرة (ونتعت) بيانًا أكثر منه (لوذعية)!!.

إنهم بحسن نية يشعلون الحرائق عندما يطفئون النيران بصب مزيد من البنزين!!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).