العالم فى حالة تأهب.. الفيروس الجديد يحمل ٣٥ طفرة جديدة وقد يكون قادرًا على الهرب من الجهاز المناعي

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

سيخبرك علماء الفيروسات أن التنبؤ بالكيفية التى قد يتطور بها فيروس جديد هو مهمة حمقاء لا طائل منها، فالوضع لا يختلف كثيرا بالنسبة لفيروس كورونا، فلا أحد يعلم ماذا يحمله المستقبل فيما يتعلق بهذا الفيروس.

تشير طبيعة الاختلافات، من الناحية النظرية، إلى أن المتغير الجديد من فيروس كوفيد-١٩ أو متغير أوميكرون قد يكون أفضل فى الوصول إلى الخلايا البشرية أكثر من أقربائه من المتغيرات الفيروسية الأخرى، كما قد يكون أفضل أيضًا فى قدرته على تجنب تفعيل الأجسام المضادة من التطعيم أو العدوى السابقة، لطالما اعتقد علماء الفيروسات أن المتغير الذى يجمع بين هاتين الميزتين «سيكون أمرًا خطيرًا جدًا»، وفقا لنوبار أفيان، أحد مؤسسى شركة مودرنا-إحدى الشركات المصنعة للقاحات فيروس كورونا- لكنهم اعتقدوا أيضًا أن من غير المحتمل أن يظهر مثل هذا المتغير، يقول أفيان: «أوميكرون هو هذا المتغير بالضبط»، لقد أضافت طفراته الجديدة وانتشاره السريع على ما يبدو شيئًا مخيفًا، وفقًا لتلك الحقائق، فى ٢٦ نوفمبر الماضى، صنفت منظمة الصحة العالمية أوميكرون على أنه «متغير مثير للقلق»، وهو المتغير الخامس من الفيروس الذى سيتم تحديده على هذا النحو.

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن السلالة الجديدة تنطوى على أخطار «عالية جدًا» مما قد يسفر عن زيادة معدلات العدوى فى جميع أنحاء العالم، حتى الآن، على الرغم من ذلك، شوهد هذا الارتفاع فى جنوب إفريقيا فقط، وقد تستمر الأمور على هذا النحو، من الممكن أن تكون الزيادة فى عدد الإصابات لها أسباب أخرى أو أن بعض العوامل التى ساهمت فى انتشار المتغير الجديد فى جنوب إفريقيا غير متوفرة فى أى مكان آخر.

هناك سابقة لهذا، حيث عانى جنوب إفريقيا من موجة متغير يسمى بيتا فى نهاية عام ٢٠٢٠، لكن هذه الموجة لم تنتشر على نحو كبير فى أى مكان آخر، واجتاح متغير ألفا أوروبا، ولكنه لم يظهر أبدًا فى جنوب إفريقيا، يُعتقد أن أسباب انتشار المتغير فى مكان ما وليس مكان آخر هى أسباب بيئية إلى حد كبير، على الجانب الآخر، تم اكتشاف دلتا لأول مرة فى الهند منذ عام تقريبًا، وأظهر مستوى من القابلية للانتقال جعله يتفوق على السلالات الأخرى، حيث انتشر فى كل مكان تقريبا، وأثبت نفسه على أنه السلالة المهيمنة وغالبا ما تسبب فى موجات جديدة فى مختلف أنحاء العالم، واحتمالية أن يتفوق أوميكرون الآن على دلتا - إما من خلال كونه أكثر قابلية للانتقال بطبيعته، أو من خلال كونه أفضل فى التغلب على المناعة السابقة، أو قليلا من كليهما - يجعل العالم فى حالة توتر بينما تفقد الأسواق رباطة جأشها.

على المستوى الجينى، يختلف أوميكرون عن نسخة فيروس كوفيد-١٩ الأصلية التى ظهرت فى الصين فى أكثر من ٥٠ مكانًا، ولكنه يختلف أيضا عن الإصدارات الحديثة الأخرى للفيروس، فهناك ثلاثة تفسيرات محتملة لهذا.

إحداها أن أحد أسلاف أوميكرون تمكن من الدوران لمدة عام تقريبا دون أن يتم اكتشافه بينما كان يلتقط العديد من الطفرات أكثر من أى متغير آخر،وهذا التفسير يبدو غير مرجح.

والاحتمال الآخر هو أن أحد أسلاف أوميكرون قفز داخل وخارج مجموعة الحيوانات خلال العام الماضى، والتقط عددًا كبيرًا من الطفرات هناك،العديد من الطفرات جديدة تماما، ولم يشهدها العالم من قبل فى أى متغير سابق، مما يضفى بعض المصداقية على هذه الفرضية.

لكن الاحتمال الثالث يبدو الأكثر ترجيحا، لأسباب ليس أقلها إنه تم توثيق ظواهر مماثلة من قبل، ويفترض هذا الاحتمال أن متغير سابق من سلالة «كوفيد-١٩» قد أصاب شخص ما بجهاز مناعة ضعيف (شخص مصاب بالإيدز على سبيل المثال)، مثل هؤلاء الأشخاص غير قادرين على التخلص من الفيروس، ويمكن للفيروس أن يتطور داخلهم لعدة أشهر، مما يؤدى إلى تراكم الطفرات أثناء ذلك، توفر أجسادهم ما يسميه شارون بيكوك من جامعة كامبريدج «صالة رياضية تطورية» حيث يمكن للمتغيرات أن تبنى قوتها وتتعلم بعض الحيل الجديدة.

فى هذا الإطار من المهم أن نتذكر أن السلالة البريطانية التى نعرفها الآن باسم «دلتا»، وهى المسيطرة على العالم الآن بالفعل، حصلت على ١٧ طفرة إضافية، أما المتغير الجديد أوميكرون فقد شهد حدوث أكثر من ٥٠ طفرة، منها نحو ٣٥ طفرة فى بروتين الحسكة، الموجود فى البروزات الموجودة على سطح فيروس كورونا، أى تغييرات بتلك البروزات قد تحسن من قدرة الفيروس على التوافق مع المستقبلات فى الخلايا البشرية، على جانب آخر فإن هذه الطفرات قد تساعد الفيروس على أن يتخفى بشكل أفضل من جهاز المناعة البشرى.

إذا أثبت أوميكرون أنه يتمتع بمزيج من القابلية العالية للانتقال والقدرة على التهرب من الجهاز المناعى، فإن هذا يعنى أن العالم ينتظره بعض الشهور الصعبة، على الأقل على المستوى الاقتصادى.

فى الأيام والأسابيع المقبلة، سيكشف أوميكرون عن ألوانه الحقيقية، يمكن أن يكون فى غاية الخطورة، لكن فى العامين الماضيين منذ أن بدأ الناس فى ووهان يصابون بمرض جديد غريب، تعلم الكثير عن فيروس «كوفيد-١٩»، وكيفية علاجه وكيفية التعايش معه، وهذا على الأقل يجب أن يكون مصدرًا لبعض الراحة.