“عمران” يضرب الصحافة بسلاح “السوشيال ميديا”

العدد الأسبوعي

الدكتور محمد عمران،
الدكتور محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية

السجن ١٠ سنوات لمن يتجرأ ويتحدث عن أسهم البورصة

الهيئة تبرر التشريع الصادم بمصلحة الاقتصاد حتى يتم تمريره


يسود مجتمع سوق المال حالة من الترقب والتوتر بعد أن وافقت هيئة الرقابة المالية خلال الأيام القليلة الماضية، على مقترح تشريعى لتعديل قانون سوق المال رقم ٩٥ لسنة ١٩٩٢، لحظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة فى البورصة. التعديل الجديد الذى سيتم إرساله قريبًا إلى مجلس النواب لمراجعته وإقراره، يضيف مادة جديدة على الباب السادس بالقانون، والخاص بالعقوبات، وتنص على توقيع عقوبتى الغرامة والحبس على من ينشر بأى من وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعى أو المواقع الالكترونية، أى الأخبار أو التوصيات أو المعلومات بشأن شركات البورصة، دون أن يكون حاصلًا على ترخيص من الهيئة.

التشريع المقترح غلظ عقوبة من يقوم بهذا الفعل لمدة تتراوح بين ٣ و١٠ سنوات، لكنه لم يوضح حجم الغرامة البديلة، وذلك فى حالة تحقيق الناشر مكاسب أو خسائر من ذلك، مع قصد إلحاق الضرر بالسوق أو الاقتصاد القومى أو المصلحة العامة- حسبما جاء فى بيان الهيئة الرسمى.

وحسب الهيئة، فإن التعديل يهدف إلى الردع العام للأشخاص الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين، والتسبب فى تحقيقهم لخسائر ونفع شخصى. وكانت المادة ٦٣ من قانون سوق المال تعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على ٥ سنوات، وغرامة تتراوح بين ٥٠ و١٠٠ ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، لمن يباشر نشاطًا متصلًا بالقانون دون الحصول على ترخيص، أو من يتعمد إصدار بيانات غير صحيحة عن الأوراق المالية، أو يحاول التدليس على أسعار السوق.

ووفق ما قاله الدكتور محمد عمران - رئيس هيئة الرقابة المالية، فقد كشفت تقارير مراقبة عمليات التداول على أسهم البورصة، عن وجود العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، تتناول ما يخص التعامل على الأوراق المالية بالبورصة.

وأضاف أن العديد من الأفراد يقومون بالإدلاء ببيانات ومعلومات وتقديم استشارات وتوصيات عن أسهم البورصة، ونشرها على تلك الصفحات الافتراضية بقصد توجيه القرارات الاستثمارية للأفراد، لتحقيق نفع شخصى والإضرار بصغار المستثمرين.

وأشار إلى أن الهيئة لاحظت أن تلك الصفحات تضم عديدًا من المتعاملين بالبورصة، وأن ما ينشر عليها من توصيات يؤثر بالفعل على اتجاهات الأسهم وعلى قرارات الكثيرين من المستثمرين، وتؤدى فى كثير من الأحيان إلى تحريك وتغيير أسعار الأوراق المالية الصادر بشأنها التوصيات.

وهو ما يندرج تحت بند التلاعب بقانون سوق رأس المال، والذى تم تحديده على الأخص فى النشر أو المساعدة فى نشر أخبار مضللة أو غير مدققة، ونشر أخبار تتعلق بقرب تغير سعر ورقة مالية من أجل التأثير على أسعارها والتعامل عليها، ونشر معلومات غير حقيقية أو مضللة عن السوق، بقصد تحريك أسعار الأوامر والتنفيذ نحو اتجاه معين.

وينظم الفصل الثانى من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال فى المادة ٣٢١، تحت اسم حظر التلاعب فى الأسعار، عملية المنع المطلق للتلاعب فى أسعار الأوراق المالية من خلال ١٥ بندًا.

ورصدت «الفجر» مجموعة من الجروبات على الفيسبوك تتناول أسهم البورصة المصرية بالتحليل الفنى والمتابعات وتقديم التوصيات، أكبرها «جروب البورصة المصرية» ويضم ١٨٨ ألف عضو، وجروب «مناقشات يومية فى البورصة المصرية» ويضم ٢٠ ألف عضو.

ومن ضمن الجروبات الشهيرة «استفسارات وبعض التحليلات الفنية لبعض الأسهم فى البورصة المصرية» ويضم ١٨ ألف عضو، وجروب «عيون على أسهم البورصة المصرية» بعدد ١٧ ألف عضو، و«نادى البورصجية» بـ ١١ ألف عضو، و«خبراء البورصة المصرية» بـ ١٠ آلاف عضو، و«حريفة البورصة» بـ ٧ آلاف عضو، و«البورصة ترند» بـ ٥ آلاف عضو.

ووفق التعديل التشريعى الجديد، سيقتصر إصدار التوصيات والاستشارات بخصوص أسهم البورصة على الأشخاص الحاصلين على ترخيص من هيئة الرقابة المالية، وذلك استنادًا على نص المادة ٢٥٨ من اللائحة التنفيذية للقانون.

وتأتى المادة ضمن الفصل السابع من اللائحة، والذى ينظم الأحكام الخاصة بشركات السمسرة فى الأوراق المالية، وتنص على عدم إجازة تقديم الشركة نصيحة لعملائها عن بيع أو شراء أوراق مالية دون توافر أبحاث عنها أو عن السوق، تبرر تقديم تلك النصيحة، مع منع غير العاملين أو المديرين المتخصصين فى الشركة من تقديم مثل تلك النصيحة، وتقوم شركة السمسرة بتوفير البيانات عن الأوراق المالية إلى من يطلبها من العملاء، وبهذا سيكون محظورًا على أى من العاملين بمجال التحليل الفنى والمالى بالبورصة، تقديم استشارات أو توصيات، والأمر سيقتصر فقط على محللين شركات السمسرة المعتمدة.

مصادر بسوق المال كشفت لـ «الفجر» عن كواليس إصدار المقترح التشريعى، مشيرة إلى أن سببه الحقيقى يرجع إلى الجروبات الموجودة على فيسبوك، والتى تقوم بمهاجمة قرارات محمد عمران - رئيس هيئة الرقابة المالية، المشرفة على أنشطة البورصة، والتى يتناول فيها صغار المستثمرين المشكلات التى يعانون منها.

وأضافت المصادر أن المستثمرين أرسلوا بالفعل مذكرات لرئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية، للاعتراض على قراراته وسياساته، لافتة إلى أن التعديل الجديد يهدف إلى منع تلك الأصوات.

وأشارت المصادر إلى أن فكرة الحجب لا تناسب الزمن الحالى، فلا يوجد سوق مال فى العالم كله بها مثل هذه التشريعات، ويمكن لأى مستثمر الحديث عن أى سهم فى الصين أو أوروبا وغيرها.

وأوضحت المصادر أن هناك فى مصر من يناقش أسهم البورصات الأمريكية، وأيضًا الأسواق العربية والتحليلات الخاصة بأسهم موجودة فى كل مكان، وعلى كل منصات التواصل الاجتماعى.

وأكدت المصادر على أن مناقشات المستثمرين الأفراد فى البورصة جروبات فيسبوك، لا تعد تلاعبًا، بل تشجع عمليات التداول فى السوق، والتلاعبات عبارة عن اتفاقات تحدث بين عملاء على الأسهم، مشيرة إلى أن من يقوم بتقديم توصية خاصة بسهم لا يجبر أحدًا على البيع أو الشراء.

ووصفت المصادر مقترح التعديل بأنه ردة إلى الوراء، ونوع من تطفيش المستثمرين وإشاعة الذعر والخوف بينهم، وتقييد للحريات التى نص عليها الدستور فى التعبير عن الرأى من خلال وسائل النشر المختلفة، وذلك دون معالجة لمشكلة التلاعب الأساسية من خلال آليات السوق.

ولفتت المصادر إلى أن الرقابة المالية حاولت تحميل أزمة التلاعبات إلى وسائل التواصل الاجتماعى، وتبرير التشريع بمصلحة الاقتصاد القومى ليتم تمريره، لكن التعديل الجديد حظر أيضا ما يخص عمل الإعلام على الشركات المقيدة بالبورصة، ما يعنى إلزام المواقع الإلكترونية الإخبارية وأقسام الاقتصاد فى الصحف بالحصول على ترخيص للكتابة عن أى سهم أو شركة، ومن ناحية أخرى لا بد أن يحصل أى محلل فنى أو مالى للأسهم على ترخيص من الهيئة أيضًا إذا لم يكن يعمل فى شركة من شركات السمسرة.