ثورة القوانين لمواجهة صناعة الأغذية

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

التهديد خطير للغاية لدرجة أن صانعى السياسات فى الولايات المتحدة أظهروا مؤخرًا قدرًا من الاستعداد المكتشف حديثا لمراقبة صناعة الأغذية، لقد رسم تقرير صادر عن مكتب المحاسبة العامة فى أغسطس، بتكليف من أعضاء الكونجرس فى لجنة الاعتمادات القوية بمجلس النواب لمراجعة الحالات الصحية المزمنة المرتبطة بالنظام الغذائى والجهود الفيدرالية لمعالجتها، صورة قاتمة.

حسب التقرير تعد الولايات المتحدة مثالًا واضحًا لأضرار الأغذية المصنعة، أكثر من ٣٠ فى المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين ١٧ و٢٤ عاما لم يعودوا مؤهلين للخدمة العسكرية الأمريكية بسبب وزنهم، الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائى، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكرى، استحوذت على ٥٤ فى المائة من إنفاق حكومة الولايات المتحدة على الرعاية الصحية البالغ ٣٨٣.٦ مليار دولار، والتى تشمل Medicare وMedicaid، فى ٢٠١٨، وشكلت حوالى ربع إجمالي ١.٥ تريليون دولار فى الإنفاق على الرعاية الصحية فى البلاد فى ٢٠١٨ وارتبطت بوفيات ١.٤٨٧.٤١١-أكثر من نصف الوفيات من جميع الأسباب-.

دعا صناع السياسة من كلا الحزبين مؤخرا إلى عقد مؤتمر فى البيت الأبيض على غرار مؤتمر عام ١٩٦٩ حول الغذاء والتغذية والصحة، أدى هذا الاجتماع، الذى دعا إليه الرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون لمعالجة أزمة الجوع، إلى إنشاء برنامج التغذية التكميلية الخاص للمرأة والرضع والأطفال (SNAP) وبرنامج الغذاء المدرسى، من بين أمور أخرى.

قال السيناتور كورى بوكر، الذى ترأس لجنة فرعية للزراعة فى وقت سابق من هذا الشهر ركزت على تقرير مكتب المساءلة الحكومية: «نواجه الآن أزمة غذاء ثانية»، «على الرغم من كوننا أغنى دولة فى العالم، فقد أنشأنا نظاما غذائيا يشجع بلا هوادة على الإفراط فى تناول السعرات الحرارية الفارغة التى تتسبب حرفيا فى مرضنا وتتسبب فى إنفاق مبلغ متزايد باستمرار من دولارات دافعى الضرائب - حرفيا، تريليونات الدولارات سنويا - على تكاليف الرعاية الصحية لعلاج الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائى».

الجميع يدرك أن حل هذه المشكلة ليس أمرا سهلا، فى السنوات الأخيرة، أطلق مسئولو الصحة العامة حملات كبيرة للتعامل مع ما يعتبره القضية الأسهل ألا وهو لوائح لتقليل استهلاك الصودا من خلال الضرائب والقيود على كيفية إنفاق المساعدات الغذائية سواء على مستوى الولايات المتحدة بأكملها أو على مستوى كل ولاية بمفردها، من بين تدابير أخرى، لقد قاومت صناعة المواد الغذائية، التى ضخت عشرات الملايين من الدولارات فى جماعات الضغط والمساهمات فى الحملات والتأثير على الرأى العام، هذه الجهود بضراوة.

تقول ماريون نستله من جامعة نيويورك إن كلمة «أطعمة فائقة المعالجة» تظهر فى الإرشادات الغذائية الأمريكية فقط فى المراجع، لأنها إذا ظهرت بشكل بارز «فإن صناعة المواد الغذائية سوف تصاب بغضب هائل»، وتشير إلى أنه فى عام ٢٠١٥، عندما أوصت لجنة علمية بتغيير المبادئ التوجيهية لتشجيع الأمريكيين على تناول كميات أقل من اللحوم لأسباب تتعلق بـ «الصحة والحياة»، أقنع أعضاء جماعات الضغط الكونجرس بإدخال لغة فى مشروع قانون الإنفاق الذى يأمر وزارة الزراعة بتغييرها.

وتضيف ماريون نستله: «يمكننا وضع قيود على حجم المأكولات، ووضع قيود على الإعلان والتسويق، وتغيير سياسات الدعم الفيدرالية لدعم الأطعمة الصحية وجعلها متاحة بشكل أكبر»، «هناك الكثير من الأشياء التى يمكننا القيام بها، ولكن لا يمكنك فعل أى شيء دون مواجهة صناعة المواد الغذائية، ولا أحد يريد أن يفعل ذلك لأنهم أقوياء للغاية - فالجميع يأكلون منتجاتهم ويحبونها، وفى أى وقت يتحدث أى شخص عن صناعة المواد الغذائية، عليه أن يواجه اتهامات بـ «بالدولة النانى»، وهو مصطلح بريطانى الأصل ينقل وجهة نظر مفادها أن الحكومة تتبنى سياساتها مفرطة فى الحماية أو أنها تتدخل بشكل غير ملائم فى الاختيار الشخصى.

كان الكونجرس بطيئا فى معالجة أزمة السمنة، كانت الدكتورة فاطمة كودى من جامعة ستانفورد، طبيبة طب السمنة فى مستشفى ماساتشوستس العام وكلية الطب بجامعة هارفارد، من بين أولئك الذين يدافعون عن تمرير مشروع قانون من الحزبين يطلب توفير الرعاية الطبية لتغطية الأدوية والعلاج السلوكى وزيارات أخصائى التغذية وغيرها من العلاجات المعتمدة لعلاج البدانة، تم تقديم مشروع القانون فى كل من مجلسى النواب والشيوخ كل عام منذ عام ٢٠١٣، لكن الكونجرس لم يمرره.

يقول المدافعون إن الأمر سيستغرق وقتًا وبحثًا وضغطًا شعبيًا لتغيير الآراء، فى الوقت الحالى، يتمثل أفضل أمل لإيجاد حل فى تحفيز زيادة كبيرة فى طلب المستهلكين على المنتجات الأكثر صحة، لقد أدركت العديد من شركات الأغذية أن الخيارات الصحية والصديقة للنظام الغذائى مطلوبة، هو ما يعيدنا إلى العلم.

لتغيير الآراء، سيحتاج العلماء - وصناعة الأغذية نفسها - إلى فهم أفضل لماهية النظام الغذائى المتسبب فى أزمة الصحة العامة، «نحن بحاجة إلى فهم أفضل للآليات التى تؤدى إلى الآثار الضارة للأغذية فائقة المعالجة حتى نتمكن من استهداف السياسات وعمليات إعادة الصياغة المحتملة لتحسين صحة المواطنين».

يقول الدكتور داريوش مظفريان، أخصائى أمراض القلب وعميد قسم التغذية فى جامعة تافتس: «نحتاج إلى دفعة وطنية للتعامل مع مشكلة التغذية»، «نحن نغرق فى وباء الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائى».