أحمد أبو المجد يكتب: الفيلم الأخضر (2)

مقالات الرأي

بوابة الفجر

السينما ليست شيئًا يحدث فقط على الشاشة!، السينما هي ناقل ومطور أساسي  للوعي المجتمعي، وتعتبر السينما بمثابة مرآة للثقافة المجتمعية وأداة لمحاكاة الواقع.

واستكمالًا لحديثنا عن "الفيلم الأخضر" في المقال السابق، نتناول هنا أهمية إدراج الرسائل الاجتماعية في الأفلام والسرد المرئي للقصص على مستوى المحتوى والإنتاج كليهما.

في العادة ترسخ السينما انطباعات في ذهن المُشاهد والتي تترك صورة ذهنية تجاه القضايا المُختلفة، وهذا من شأنه يؤثر علي السلوكيات المجتمعية.

فضلًا عن أن المُشاهد يضع نفسة لا شعوريًا في موضع الفنانين ويتقبلون الطريقة التي يتصرفون بها والحلول التي تُعرض لمشاكلهم. وهنا يتضح من خلال  ذلك دور السينما في تشكيل الوعي العام للجماهير.

ويدور في خاطري أسئلة مهمة عن كيفية تعزيز القطاع السمعي البصري لرؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة والأهداف العالمية 17 التي تنبثق عنها، وكيفية الترويج لتلك الأهداف التنموية ودمجها في الأفلام من خلال السرد الإبداعي، وكيفية الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتوفير حياة كريمة مع المحافظة على نفس الفرصة والحق في حياة كريمة للأجيال القادمة.

وأرى أن التعزيز يتمثل في إعداد رسائل اجتماعية من شأنها إظهار السلوكيات الإيجابية من خلال الأحداث ذات القيمة المضافة لتحسين الوعي المجتمعي والسلوكي، فضلًا عن الإنجازات التي حققتها الدولة ومشاركة رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

وهنا يجيب أن نذكر الهدف السادس من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الذي يقر أن الإدارة المستدامة للمياه تتجاوز مجرد إمدادات مياه مأمونة وخدمات صرف صحي إلى معالجة سياق المياه الأوسع مثل جودة المياه وإدارة مياه الصرف وندرة المياه وكفاءة الاستخدام وإدارة موارد المياه وحماية وترميم النظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه.

لذلك، يجب مكافحة تهديد استدامة المورد المائية عن طريق إدارتها بمزيد من الفعالية وترشيدها واستخدامها الاستخدام الأمثل وهذا أحد التحديات التي تجابهه الإدارة المصرية منذ سنوات على أرض الواقع، ويا حبذا لو ينقل الأمر إلى الأعمال الفنية لإحداث تأثير على العقل الجمعي.

وبموازاة الهدف السادس، فإن مصر تهتم بالموارد المائية من جوانب مختلفة، بداية من المحافظة عليها ثم إدارتها مرورا  بالدفاع عن حقوقها التاريخية في المياه، لا سيما وأن نسبة موارد المياه من نهر النيل تقدر بنحو 55 مليار متر مكعب سنويًا، بجانب 5 مليارات من المياه الجوفية والأمطار، وذلك في المقابل احتياج مائي يصل لنحو 114 مليار متر مكعب سنويًا من المياه (حسب تصريح وزير الموارد المائية في 28 مارس 2021).

ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال مصادر عدة  منها إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا.

ولا يخفى على الغالبية تدشين الإدارة المصرية للعدد كبير من المشروعات القومية الكبرى بهدف ترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد منها في الوقت ذاته، بداية من مشروع تأهيل الترع، والعمل على مشروع التحول من الري بالغمر لنظم الرى الحديث، بالإضافة إلى إنشاء محطات معالجة مياه في بعض المحافظات.

وهنا نعود إلى دور السينما الذي يتمثل في نشر السلوكيات والعادات التي من شأنها التقليل من استنزاف مصادر المياه العذبة في الطبيعية وأيضًا نشر التوعية لتجنب الإسراف في استخدام المياه المخصصة للري والاستخدامات الزراعية.

وأعتقد أن معالجة سلوكيات المواطنين قد تبدأ بتناول تفاصيل دقيقة في الأعمال الفنية مع الحفاظ على تماشى محتوى وسياق الأعمال الفنية مع اهداف التنمية المستدامة ونشر السلوكيات الإيجابية وتجنب الرسائل التى تؤثر على الوعى الجمعى بشكل سلبى بطرق مباشرة وغير مباشرة، كذلك ظهور فنان/ة بدور توعوي حتى لو في لقطات محدودة يحث بضرورة الاهتمام بالمياه وعدم الإسراف فيها، لكي تتحول تدريجيًا تلك السلوكيات إلى عادات من شأنها أن تحدث تغيرات إيجابية في المجتمع.

في الوقت الحالي يجب علينا جميعا العمل معا لتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه من خلال الإدارة الرشيدة للموارد المائية.

أحمد أبو المجد
- سفير للتنمية المستدامة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية
- استشاري تحليل النظم المالية بالمملكة المتحدة وخبير برمجيات مايكروسوفت
- نائب الأمين المساعد لمنظمة دعم الدولة للإعلام السياسي.