الخبير الاقتصادي السعودي خالد الجاسر لـ "الفجر": السيسي أنقذ الاقتصاد المصري.. وإنجازات ولي العهد السعودي تتحدث عنه (حوار)

تقارير وحوارات

الخبير الاقتصادي
الخبير الاقتصادي السعودي خالد الجاسر

السعودية نجحت في تطبيق رؤية 2030.. وولي العهد نهض بالاقتصاد السعودي 

دول الخليج قوى اقتصادية ضخمة.. والإصلاح الإقتصادي في مصر ناجح جدآ

العلاقات بين القاهرة والرياض أصبحت قوية جدًا 

 

قال الخبير الاقتصادي السعودي خالد الجاسر، رجُل الأعمال السعودي عضو اللجنة العقارية سابقًا، أن السعودية تسعي إلي تنوع مصادر الدخل كما أنها لا تعتمد على مصدر واحد فهذا نجحت في تصدي جائحة كورونا.

 

وأكد الخبير الاقتصادي السعودي خالد الجاسر في حوار خاص ل "الفجر"، أن الاقتصادية المصرية أصبح في تعافي منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر.

 

◄ هل نجحت السعودية في تنفيذ رؤية 2030 من الناحية الاقتصادية؟

برامج «رؤية 2030» التي أطلقت في 25 أبريل عام 2016، تتلخص في ثلاث عناصر وهي (مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح)، يصبون جميعًا في مشاريع إقتصادية من شأنها تعزيز رفاهية المواطنين من جهة، وعدم التأثر الإقتصادي والمالي بتذبذبات أسعار النفط، والتي كرست الدور الإقتصادي عمليًا للمملكة، بالوصول إلى مستويات تنموية ملموسة، وفق منهجية مدروسة بمشاركة القطاع الخاص كمحور رئيس في مشروع التنمية الإقتصادية في البلاد، رغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا على العالم، ورغم ذلك ظلت إنجازات المملكة حاضرة في صناعة النجاح وتذليل الصعاب بالكفاءة والمرونة في وجه المتغيرات، لتظل السعودية إقتصاديا الأولى عالميا في استجابة الحكومة ورواد الأعمال لجائحة كورونا، وفق تصنيف تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال، مع التفوق والريادة في التنفيذ لتواصل تطورها على جميع الأصعدة واحداث نهضة شاملة بحصولها مكانة متقدمة كأهم الدول تأثيرا في المنطقة والعالم، بل وإن السوق السعودية المالية والسلعية كان ضمن أفضل الأسواق العالمية، حتى استحقت قيادتها العالم في إستضافة مجموعة g20 الإقتصادية بنجاح منقطع النظير.

 

 وقد رأينا الطموحات قد بلغت عنا السماء بمواصلة برنامج صندوق الإستثمارات العامة مضاعفة أصوله إلى 4 تريليونات ريال (1.06 تريليون دولار) تراكميًا بنهاية عام 2025 حيث صعدت أصول الصندوق محققا مستهدف الرؤية لعام 2020 بأكثر من 150 % إلى 400 مليار دولار "1.5 تريليون ريال"، فيما كانت أصوله 152 مليار دولار "570 مليار ريال" بنهاية 2015 قبل الرؤية، ليُصبح بذلك أحد أكبر صناديق الثروة السيادية عالميًا بما يرسخ مكانته في رسم ملامح الإقتصاد العالمي.

 

 وكأن رؤية المملكة 2030 "مرحلة انتقالية" رئيسة للاقتصاد السعودي وانطلاقها المُستقبلي، فنحن أكثر تفاؤلا بأن وتيرة النمو ستتسارع مع زوال الجائحة وعودة الأمور لطبيعتها بالكامل، لنكون إحدى أسرع دول مجموعة العشرين نموًا في الناتج المحلي غير النفطي في السنوات القادمة، كذلك، نجحت المملكة في استقطاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، لتصل إلى 17.625 مليار ريال سنويا بنسبة ارتفاع وصلت إلى 331% بعد أن كانت 5.321 مليارات ريال قبل إطلاق الرؤية.

 

إذًا حققت الرؤية العديد من الإنجازات في شتى المجالات، من خلال إنشاء وتمديد وإعادة هيكلة 14 برنامجا تطويريا، كتطوير شبكات المحمول والإنترنت وشبكة الجيل الخامس منذُ 2019 م، الأمر الذي جعل المملكة تحصل على المركز الأول عالميًا في سرعة الإنترنت بالجيل الخامـس فـي 2020م، حيث تم تأسيس أكثر 12 ألف برج للجيل الخامس، لتغطي أكثر من 60% من المدن الرئيسية، وأكثـر مـن 45% مـن مـدن المملكـة بوجـه عـام، كما كان للمملكـة الصدارة بين دول مجموعة العشـرين، فحصلت على المركـز الثانـي لمجمـوع تخصيـص النطاقات الترددية المحددة عالميا في مجال تقديـم خدمـات الاتصـالات المتنقلـة، على الرغـم مـن التحديـات الاقتصاديـة والجائحة، لتكون المملكة أكبر دولة جاذبة للاســتثمارات التقنيــة فــي الشــرق الأوسط وشــمال أفريقيــا بصفقــات تجــاوزت الـ6 مليــارات و700 مليــون دولار فــي قطــاع الحوسـبة السـحابية.

 

ولم تقف الرؤية عند ذلك بل وجاء ضمن برنامجها جودة الحياة وتطوير نمط حياة الفرد، وتحسين البنية التحتية كان السباق للإصلاحات التشريعية والتنظيمية والإدارية، والقضاء على الفساد والفاسدين مهما كانت مكانتهُ أو منزلته لتهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم في كافة مناشط الحياة ومجالاتها. 

 

◄ كيف تقدم الإقتصاد منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد؟

منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد وقيادته الرؤية الحالمة، عززت المملكة إيراداتها غير النفطية عبر عدة مصادر متنوعة، كانت بمثابة حائط صد للاقتصاد المحلي خلال أزمة الوباء وتخفيف آثارها السلبية على المجتمع وقطاعاته خاصة القطاع الخاص، لتبلغ مستوى قياسيًا عند 358 مليار ريال، تمثل 46.5 % بنهاية العام الماضي، والتي كانت قبل الرؤية 10 % في 2013، و27 % في 2015.. لنجد قفزة لمساهمة القطاع غير النفطي في الناتج لمستوى قياسي عند 59 % لأول مرة، ساهم القطاع الخاص بنسبة 41.1 % مقابل 39.3 % قبل الرؤية.

 

عقب إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس إدارة الصندوق، منذ 2016 الاستراتيجية الجديدة للصندوق، التي تستهدف رفع أصوله إلى أكثر من أربعة تريليونات ريال بنهاية 2025، أي صعودها 167 % بـ 2.5 تريليون ريال لتقفز أصول صندوق الاستثمارات العامة 163 % بما يعادل 248 مليار دولار، لتبلغ 1.5 تريليون ريال بنهاية 2020، فيما كانت أصوله 152 مليار دولار "570 مليار ريال" بنهاية 2015، ويؤمل رفع أصوله 400 % بنهاية 2030 إلى 7.5 تريليون ريال، مؤثرًا على زيادة حصة الصندوق من ثروات العالم السيادية متقدمه 23 مركزا خلال الفترة ذاتها ليحتل الصندوق المرتبة الثامنة بين أكبر صناديق الثروة السيادية حول العالم بدلًا من المركز الـ31 بنهاية 2015. بنسبة 5 % بنهاية 2020، بعدما كانت 2 % فقط بنهاية 2015، كما يستهدف الصندوق رفع أصوله إلى "تريليونا دولار" خلال الفترة من 2026 إلى 2030، ما يعني زيادتها 400 % "6 تريليونات ريال أو 1.6 تريليون دولار" خلال عشرة أعوام.

 

وبإنجاز جديد لتنويع مصادر الدخل، طرحت السعودية حصة من أسهم عملاق النفط أرامكو (ثلاثة مليارات سهم "1.5 %" بنهاية 2019، ضمن برنامج ضخم للخصخصة، جمع سيولة وصلت 110.429.44 مليار دولار، كأضخم اكتتاب عام في التاريخ، حيث خصصت الشركة 0.5 % من أسهمها "مليار سهم" للأفراد، و1 % "مليارا سهم" للمؤسسات، وتم ضخ الأموال المحصلة من الاكتتاب في استثمارات محلية وعالمية، أسهمت بدورها في تحقيق أهم أهداف رؤية السعودية 2030، وهو تنويع مصادر دخلها بعيدا عن النفط.

 

على الرغم من الظروف العالمية الصعبة، وإغلاقات الحدود إلا أن المملكة بحُسن إدارتها دفة الموقف الوبائي بإجراءاتها الاستباقية التي لم ولن تتوقف، أنفقت خمسة تريليونات ريال بمتوسط تريليون ريال سنويا رغم تراجع أسعار النفط، ما يعكس مُضي الدولة قدما في مشروعاتها الضخمة وبرنامجها الاقتصادي الطموح، ودعم النمو الاقتصادي والقطاع الخاص وتوفير فرص العمل للمواطنين، وهو ما تم ترجمتهُ عبر إعلان وزارة الاستثمار السعودية، ارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المُباشر في المملكة بنسبة 56 % بالربع الثاني من عام 2021 مقابل الفترة ذاتها من عام 2020، بإجمالي 15.6 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2021، ليكون أعلى مستوى فصلي لها مُنذ عام 2010، بتدفق استثماري اجنبي مباشر يزيد عن 1.4 مليار دولار؛ دون أن تشمل صفقة «أرامكو» السعودية ببيع حصة من أنابيب النفط التابعة لها بنحو 12.4 مليار دولار، ليكون الإجمالي للتدفقات الأجنبية عند احتساب صفقة «أرامكو» حوال 13.8 مليار دولار، مما يُؤكد أن المملكة وجهة استثمارية جاذبة ومحط أنظار كُبرى الشركات الخارجية، بفضل القيادة الحكيمة والرؤية القويمة، فهي واحدة من الدول ذات التصنيف "منخفض المخاطر"، وفق شركات التصنيف العالمية ومنظماتها الدولية. 

 

على الرغم من استعداد السعودية لرفع طاقتها الإنتاجية من النفط إلى نحو 13 مليون برميل يوميا، إلا أن ذلك لم يجعلها تهمل مصادر الطاقة المتجددة، فأطلقت البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، الذي يستهدف إنتاج 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2023، وفق خطط طموحة لكي تصبح المملكة أكبر مُصدر للهيدروجين في العالم، بل وتخطط أيضا لتوليد الهيدروجين من الطاقة الشمسية- ما يسمى الهيدروجين الأخضر- في مصنع بقيمة خمسة مليارات دولار في مدينة نيوم المستقبلية، التي يتم بناؤها على البحر الأحمر، بدءا من 2025.. كما أعلنت المملكة خلال مُؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أنها تعمل مع عديد من الدول في مشاريع الهيدروجين الأخضر والأزرق، وتلك التي تعمل على تقليل انبعاثات الكربون.

 

◄ ما هو مشروع نيوم؟.. وهل سيكون له دور في ارتفاع النمو الإقتصادي في المملكة؟

أطلقت المملكة، مجموعة حيوية من المبادرات تضمنت مشاريع كُبرى تُسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، أبرزها (نيوم، والقدّية، ومشاريع البحر الأحمر)، وغيرهم، معتمدة على منهجيات واستراتيجيات حديثة في إدارة اقتصاد الدولة، مما جعل لها ثقلًا إقليميًا ودوليًا، فمشروع «نيوم» مثالٌ على ما تقدمه المملكة للإنسانية بل للعالم أجمع، بما تحتويه من إنشاءات ومشاريع بمفهوم جديد للبشرية التي تسخر التقنية من أجل رفاه الإنسان وتطوره، على رأسها إطلاق نيوم مشروع (ذا لاين)، كمدينة نموذجية تكون المُشغّلة بالطاقة النظيفة لجميع المرافق في (نيوم) بنسبة 100 %، وهو ما يشكل بدوره أساسا متينا لبناء اقتصاد المعرفة لاحتضان الكفاءات، والعقول العلمية، والمهارات من مختلف المجالات، ويُحقق إضافة نوعية للناتج المحلي الإجمالي تقدر بنحو 180 مليار ريال سنويا، وخلق 380 ألف فرصة عمل. وهو ما يعني نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية ليصل إلى 17.6 مليار ريال  بنسبة إرتفاع وصلت إلى 331 % بعد أن كانت 5.321 مليار ريال قبل إطلاق الرؤية 2030.

 

فبجانب المشاريع السالفة، تعمل السعودية على مشاريع سياحية وترفيهية عملاقة بمليارات الدولارات، مثل "القدية" لتصبح بذلك "عاصمة الترفيه والرياضة والفنون" بالعاصمة الرياض، ووضع حجر الأساس لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله عام 2018، مقسمة لخمس مناطق تطويرية رئيسة وهي: (منطقة منتجع الترفيه، ومنطقة مركز المدينة، ومنطقة الطبيعة، ومنطقة الحركة والتشويق، والجولف والمنطقة السكنية)، في خطوة ضخمة يجعها معلمًا حضاريًا بارزًا، ومركزًا مهمًا لتلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل الترفيهي والثقافي والاجتماعي، محققة تجسيد مبادئ الرؤية الأساسية ودفع التنويع الاقتصادي واستحداث فرص العمل تشجيع الشباب وتمكين المرأة وجذب الإنفاق الأسري على الترفيه، توفير الفرص المتنامية وأسلوب حياة صحي فاعل.

 

◄ كيف تعافي الاقتصاد السعودي خلال السنوات الأخيرة؟

مثلت رؤية المملكة 2030 مرحلة تحول رئيسة للاقتصاد السعودي وانطلاقة جديدة نحو المستقبل، قامت الدولة خلالها بتنفيذ برامج تحقيق الرؤية والإصلاحات الهيكلية والإقتصادية والمالية وعملت عدة مبادرات لتنويع الإقتصاد، وتحفيز معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، لتتمكن الحكومة والقطاع الخاص من الإستجابة السريعة لتحول نمط العمل الحضوري إلى نمط العمل عن بعد بشكل أكثر مرونة وتمكين الحكومة من تبني سياسات تحفيزية لمواجهة تداعيات الجائحة على اقتصاد المملكة، وهو ما يؤكد عزم الحكومة السعودية على تحقيق هدفها المحوري في تحقيق التوازن المالي في ميزانيتها 2023، من خلال تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق مستهدفات الاستدامة والاستقرار المالي من خلال مواصلة تطبيق المبادرات وتنويع وتنمية الإيرادات غير النفطية لضمان استدامة واستقرار الإيرادات بما يسمح بتوفير موارد تسهم في تنفيذ خطط التحول الاقتصادي وتمويل النفقات ذات البعد الاجتماعي وتقليل حدة التأثر من التقلبات في أسواق النفط.

 

وتعكس قوة برامج الرؤية التي بدأت تؤتي ثمارها، بلوغ الإيرادات العامة إلى 248.11 مليار ريال في الربع الثاني من 2021، و204.76 مليارات ريال في الربع الأول من العام الجاري، وزادت الإيرادات بالميزانية 29 % خلال الأشهر الـ9 الأولى من 2021، على أساس سنوي، إلى 696.16 مليار ريال، مقابل 541.59 مليار ريال في 2020.

 

أما الإيرادات غير النفطية فقد بلغت في 2021 وفق احصائيات الميزانية في الربع الثالث من لوزارة المالية، 243 مليار ريال مقابل مصروفات بقيمة 237 مليار ريال، بفائض 6.7 مليارات ريال عن الربع الثالث منذ 2019، ليصل إجمالي الإيرادات في أول 9 أشهر من العام الجاري نحو 696 مليارا، بزيادة %29 على نفس الفترة من 2020.. بينما سجلت إيرادات المملكة من النفط 147.9 مليار ريال في الربع الثالث، بينما نمت إيرادات الميزانية الإجمالية بالربع الثالث %13 على أساس سنوي. كما نمت الإيرادات النفطية في الربع الثالث 60 % على أساس سنوي، و%12 مقارنة مع الربع الثاني. وجاء ارتفاع الإيرادات بالميزانية للربع الثالث من 2021 مع ارتفاع الإيرادات النفطية 60% على أساس سنوي، مسجلة 147.98 مليار ريال، مقابل 92.58 مليار ريال في الربع الثالث من 2020.

 

وحققت الميزانية إيرادات غير نفطية بقيمة 95.41 مليار ريال في الربع الثالث من 2021، مقابل 122.99 مليار ريال في الربع نفسه من العام الماضي. مرتفعة ايرادات الميزانية 13 % خلال الربع الثالث، بـ 243.38 مليار ريال مقابل 215.577 مليار ريال في الفترة نفسها من 2020. بينما تراجعت المصروفات %8 إلى 236.69 مليار ريال مقابل 256.34 مليار ريال.. وبذلك، تسجل الميزانية فائضا بلغ 6.68 مليارات ريال في الربع الثالث، مقارنة بعجز في الفترة المماثلة عند 40.76 مليار ريال. بينما تقلص عجز الميزانية منذ بداية 2021 إلى 5.4 مليارات ريال.

 

◄ ما هي أهم المشروعات القادمة التي تساعد في نمو الاقتصاد السعودي؟

الهدف العام للإستراتيجية الوطنية للإستثمار يتمثل في زيادة جودة وحجم الإستثمارات مما يسهم في الدفع بالتنمية الإقتصادية وتنويعها في إطار الرؤية، فالمملكة تطمح إلى أن تصبح من أكبر 15 اقتصادًا في العالم ويتطلب تحقيق ذلك، وصول الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 6.4 تريليونات ريال، باستثمارات تراكمية تزيد عن 12 تريليون ريال بحلول عام 2030، منها 5 تريليونات من مبادرات ومشاريع برنامج شريك و3 تريليونات ريال من صندوق الاستثمارات العامة مخصصة للإستثمارات المحلية، و4 تريليونات ريال من استثمارات الشركات الوطنية والعالمية المتنوعة لتكوين رأس المال الثابت بأكثر من الضعفين ليصل إلى 1.65 تريليون ريال، ورفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنويًا بحلول عام 2030، بزيادة تقدر بنحو 20 ضعفًا لتصل إلى 5.7% من الناتج المحلي.

 

فالمشاريع العديدة التي يتم طرحها هامة وذات دلالات على عزم المملكة وقوتها بل وريادتها في السبق، فنرى أخر تلك المشاريع تطوير الإقتصاد الأزرق "أوكساجون" وهي نقلة نوعية للسعودية وصفها المراقبون بـ "التاريخية"، كأكبر تجمع صناعي عائم في العالم، عندما أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إنشاء مدينة نيوم الصناعية، كخطوة جديدة ضمن مخطط نيوم الرئيسي، تُقديم نموذج جديد لمراكز التصنيع المستقبلية، وإعادة تعريف التوجه العالمي في التنمية الصناعية وإسهامها في حماية البيئة وخلق فرص عمل جديدة ودعم التدفق التجاري في المملكة إقليميا وعالميا، وذلك لموقعها المثالي الركن الجنوبي الغربي من نيوم، على البحر الأحمر وقربها من قناة السويس التي يمر عبرها نحو 13 % من التجارة العالمية، تمهيدًا لأن تكون من أكثر المراكز اللوجستية تقدما بميناء متكامل ومطار، كما ستمتلك أول نظام بيئي متكامل لسلسلة التوريد والموانئ في العالم.

 

والأهم هو الهدف الرئيس للمملكة لأن تكون الانبعاثات الكربونية في المدينة الصناعية الجديدة عند مستوى الصفر net zero، كما تعتمد الذكاء الاصطناعي وتفاعل الإنسان مع الآلات، ليشهد العالم تحولا جذريا في رؤيته لمراكز التصنيع، ليُقلل تصميمها الثماني الفريد للمدينة من أي تأثيرات على البيئة مما يُلبي طموحاتنا من أجل تحقيق أهداف رؤية 2030.

 

◄ كيف ترى الاقتصاد الخليجي خلال الفترة الماضية، وكيف تراه مُستقبلًا؟

يُعد مجلس التعاون لدول الخليج العربية "الست" أحد أكبر التجمعات الإقتصادية في العالم بناتج محلي، يبلغ 1.6 تريليون دولار، وسادس أكبر مصدر سلعي في العالم بإجمالي صادرات بلغ 609.5 مليار دولار، ليكون التفاؤل حليفهم للعام المقبل 2022، حيث بلغت التجارة البينية بين دول الخليج في عام الجائحة بنهاية 2019، 91.3 مليار دولار، تتصدرها الإمارات بـ53 % ثم السعودية 26 % من إجمالي التجارة، بينما الاحتياطيات الأجنبية كانت 620.5 مليار دولار "2.33 تريليون ريال، وجاءت توقعات صندوق النقد الدولي أكتوبر الماضي في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، نمو الناتج المحلي السعودي لأكبر معدلاته في اقتصاديات دول الخليج للعامين الجاري والمقبل، لحُسن الإدارة السعودية للجائحة، وتأثيرها في حال استمرت لمدة أطول، حيث من شأنه أن يخفض إجمالي الناتج المحلي العالمي بمقدار تراكمي 5.3 تريليون دولار على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، وسيشهد الاقتصاد السعودي الأكبر في الشرق الأوسط معدلات نمو 2.8 % للعام الجاري ونحو 4.8 % للعام المقبل. وكان تفاؤل الصندوق للعام القادم أكثر تفاؤلا لدول الخليج مع توقعات استمرار ارتفاع السلع الأساسية المصدرة، حيث تأتي السعودية في الصدارة بنمو متوقع عند 4.8 %.

 

ويشكل التكامل الاقتصادي الخليجي عاملًا مهما في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، كونّ السعودية، أكبر منتج للنفط الخام في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، بمتوسط إنتاج يومي في الظروف الطبيعية، 10 ملايين برميل، وأكبر مصدّر عالمي بمتوسط 7.5 ملايين برميل يوميا، بينما الإمارات العربية المتحدة، ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك بعد كل من السعودية والعراق، بمتوسط إنتاج يومي 3 ملايين برميل يوميا في الظروف الطبيعية، ولديها قدرة فورية على زيادة الإنتاج إلى 3.5 ملايين برميل يوميا.

 

ولعل إجتماعات المجلس وأفرعها التي كان أخرها اجتماع وزراء التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي، دور في تعزيز انسيابية العمل الخليجي والتجارة البينية بينهم وإزالة العقبات والتحديات الكبيرة في التعاملات وغيرها، واعتماد اللائحة التنفيذية للقانون (للنظام) الموحد لحماية المستهلك ودعم ريادة الأعمال للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بدول المجلس، ومناقشة موضوعات التجارة الدولية والمفاوضات.

 

◄ ما هو تقييمك للاقتصاد المصري مُنذ تولي الرئيس السيسي؟

تمكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من استعادة النمو الإقتصادي في البلاد ومعالجة القضايا المتعلقة فيها، حيث ورث الرئيس السيسي اقتصادا متداعيا منذ توليه رئاسة الجمهورية عام 2014، وهو ما استلزم إصلاحات عميقة أوقفت نزيف الإقتصاد المترهل، لتسير مصر على المسار الصحيح عبر التشريعات التنظيمية والبيئة الإصلاحية لكافة الخدمات والقطاعات وصولًا لتحويل مصر إلى بيئة استثمارية كُبرى بمعنى الكلمة، مما عزز من زيادة فرص النمو والتشغيل وانعكس ذلك على الارتقاء بحياة المواطن المصري في كل ربوع البلاد.

 

وقد شهد العالم ذلك على المشاريع العملاقة سواء في العاصمة الإدارية أو إنشاء 14 مدينة ذكية ومليون وحدة سكنية والقضاء على العشوائيات وآلاف المشروعات الإنتاجية وإرتفاع التصدير وإصلاح البنية التحتية والأساسية وتقويتها لتخدم الدولة لسنوات طويلة ومشروعات إنتاجية في كافة القطاعات.

 

وقد كانت المؤشرات الإقتصادية قبل 2014 أسوأ فكانت معدلات النمو ضعيفة جدا وصلت 3.7 % تقريبا في 2013 لكن حتى منتصف هذا العام وصلت إلى 5.6 % منذ بدء برنامج الإصلاح وتوفير عملة صعبة ومحاربة وجود سعرين للدولار إلى جانب بعض الإصلاحات الهيكلية لمواجهة الترهل والبيروقراطية في جهاز الدول الاقتصادي.

 

وارتفعت الصادرات والصناعة الوطنية لـ 25 مليار دولار، وإعادة المكانة الطبيعية للقطن المصري مؤخرًا، بجانب تحول مصر إلى مركز إقليمي للغاز واكتشافات بترولية بالجملة، لينعكس ذلك على تنمويًا على حياة المواطن، بمخصصات تخطت 89 مليار لدعم السلع 37 مليار للأجور و20 مليارًا لتكافل وكرامة وغيرها من المخصصات، وهو ما يعني أن الاقتصاد قد سجل عدة قفزات حققت فائض أولى في الموازنة العامة للدولة.

 

◄ ما هو رأيك في التعافي الاقتصادي الذي يحدث في مصر؟

استطاع الإقتصاد المصري بمكانته الدولية والعربية التغلب على إرثه المتداعي قبل تولي الرئيس السيسي ليحقق ارتفاعا فى مؤشر التعافي المصري بمقدار 3 نقاط ليسجل 106 نقاط خلال الربع الرابع من العام المالي 20/2021، مقارنة بـ103 نقاط فى الربع السابق فى ذات العام، وهو ما يشير إلى استمرار تعافى الاقتصاد المصري.. حيث حققت مصر حاليًا معدل نمو بلغ 9.8% خلال الربع الأول من العام المالي 2021، وهو أعلى معدل نمو ربع سنوي على امتداد العقدين الماضيين، رغم تحديات جائحة كورونا، بالإضافة إلى تحقيق مختلف الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو موجبة خلال الربع الأول، و-بإذن الله- يواصل الاقتصاد المصري تحقيق معدل النمو السنوي ما بين 5.5% و5.7% بنهاية العام المالي 2021، بفضل استقرار الأوضاع المالية للدولة، ووجود احتياطيات دولية كبيرة مطمئنة، والإصلاحات المالية والاقتصادية والهيكلية التي ساعدت على تحسين بيئة الأعمال للشركات وضمان استدامة المؤشرات الاقتصادية، وهو أمر يحسب للحكومة المصرية، مما كان له مردود في تحقيق أعلى معدل نمو، حيث تستهدف الحكومة المصرية تحقيق معدلات نمو مرتفعة خلال السنوات الثلاث والأربع القادمة، بنسبة 7%، وفق إشادة كبرى المؤسسات الدولية ببرنامج الإصلاح الاقتصادي وإنشاء مشروعات بنية أساسية وجذب استثمارات أجنبية مباشرة.

 

◄ ما تقييمك لشكل التعاون المصري السعودي خلال الفترة القادمة؟

التعاون المصري السعودي من شأنه أن يفرض العرب كقوة عالمية يعمل الجميع لها مليون حساب، لامتدادها التاريخي، ودورهم الإستراتيجي ولعل المجتمع الدولي أدرك ذلك منذ حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وقرار الملك فصيل في 19 أكتوبر بوقف إمدادات البترول عن الدول التي تدعم إسرائيل، أن للعرب قوة وجيش يحميهم بل ولهم القرار الإقتصادي المؤثر في الإقتصاد العالمي. 

ونتيجة للإدراك السياسي لكل من القاهرة والرياض لأهمية الدولة الأخرى في ضرورة إقامة كيان يجمع العرب فكونا تأسيس الجامعة العربية، وتم صياغة أسس إستراتيجية لعلاقات الدولتين في عهد الرئيس السادات باعتبارهما ركيزة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وتوطدت العلاقات المصرية السعودية عقب ثورة "30 يونيو"، أخذت منحى أخوي في قيادة السعودية لتحالف عربي لمواجهة الضغوط التي حاولت بعض القوى أن تمارسها على الدولة المصرية لعدم الإطاحة بحكم جماعة الإخوان، لقناعتها أن سقوط مصر سقوط للشرق الأوسط بأكمله، حيث قال وزير الخارجية السعودي حينها: "السعودية تساند نفسها في دعمها ومساندتها لمصر" وقد تعمقت العلاقات اقتصاديًا وتبادل مصالح مشتركة، فقد وصل حجم التبادل التجاري بين الدولتين أكثر من 5 ونصف مليار دولار من المتوقع زيادتها خلال المرحلة المقبلة بعد الأفاق الجديدة التي فتحتها القمة بين الرئيس السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فنجحت في فتح قنوات جديدة لتعظيم التعاون فيما بينها وعدم تأثير الخلافات على المصالح المشتركة، ونرى تأثيرها في التوافق والوصل إلى صيغة مشتركة بشأن التعامل مع الأزمة القطرية، وصياغة وثيقة مبادرة "العلا"، والتي أنهت الخلاف بين الرباعي العربي والدوحة، وأن تكون قيادة العمل العربي المشترك قيادة جماعية وتعمل حاليًا الدولتين على صياغة رؤية اقتصادية متكاملة بين الجانبين ومع باقي الدول العربية، أخرها أ، أنفقت اللجنة المصرية السعودية خلال اجتماعات انعقدت في مصر الاثنين 14 يونيو 2021 على تعزيز التعاون بين البلدين في عدد من القطاعات الاقتصادية، ثُم توقيع برنامج تعاون في مجال الإسكان التعاوني، بحضور كبار المسؤولين ومعالي السفير السعودي بالقاهرة وقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين 2.6 مليار دولار منها 1.6 مليار دولار صادرات مصرية، كما أن الاستثمارات السعودية في مصر تحتل المرتبة الأولى عربيا بأكثر من 6 مليارات دولار في أكثر من "3400" مشروع استثماري بينما بلغت الاستثمارات المصرية في السعودية "2.5" مليار دولار، وتحتل المركز الثاني عربيا من حيث التدفق السياحي العربي، والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية.

 

فقد جعل ولي العهد من مجلس التنسيق الحكومي المشترك بين البلدين طريق موازٍ لتعزيز التعاون بين البلدين، خاصة أن صندوق الاستثمارات السعودية سيكون الجواد الرابح للقطاع الخاص السعودي في الاستثمارات السعودية في مجالات "الطاقة – التعدين – الصحة – الخدمات اللوجستية"، خاصة في ظل التغيرات الإيجابية التي لحقت بمناخ الأعمال والاستثمار في مصر عقب السياسات الإصلاحية التي اتبعتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية.

 

◄ ما هو رأيك في رؤية مصر 2030، ودلالتها على الاقتصاد ككل؟

تستند رؤية مصر 2030 على مبادئ "التنمية المستدامة الشاملة" و"التنمية الإقليمية المتوازنة"، وتعكس أبعاد ثُلاثية للتنمية المستدامة (البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي). لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلى والإقليمي والعالمي وأن تصبح رؤية ملهمة شاملة ومتسقة تتكون من استراتيجيات قطاعية تركز على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة مع تحقيق نمو اقتصادي مرتفع بسبب الإصلاح الإداري وترسيخ الشفافية، ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الإدارات المحلية وإتاحة الخدمات الأساسية، وتحسين البنية التحتية، والارتقاء بالمظهر الحضاري، وتطوير البنية التحتية الرقمية القائمة على المعرفة كما تعمل على تحقيق التحول الرقمي ورفع درجة مرونة وتنافسية الاقتصاد، وزيادة معدلات التشغيل وفرص العمل اللائق وتحسين بيئة الأعمال وتعزيز ثقافة ريادة الأعمال، كما تسعى إلى تحقيق الشمول المالي وإدراج البعد البيئي والاجتماعي في التنمية الاقتصادية، لا سيما تماشيها مع أجندة إفريقيا 2063 فبعد النجاح في استعادة الاستقرار أصبح هدف تعزيز مكانة مصر وريادتها على المستويين الإقليمي والدولي ضرورة لدفع عجلة التنمية الشاملة ويتحقق ذلك من خلال العديد من الآليات من ضمنها دعم تعزيز الشراكات إقليميا ودوليا.