طارق الشناوي يكتب: نجوم في انتظار "السوشيال ميديا"

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

يختلط الأمر فى الكثير من الأحيان بين الفنى والسياسى، أصبحنا نحطم الخط الفاصل بين الفنان والزعيم، وهكذا مثلًا صار الاسم الحركى لعادل إمام (الزعيم) بكل ما تعنيه الكلمة من زخم وما تلقيه علينا من ظلال. المؤكد أن الفنان يستملح هذا التوصيف، من مريديه وهم على الجانب الآخر يحمِّلونه لا شعوريًّا تبعاتها، إلا أنها مثل النحلة إذا أردت عسلها فلن تسلم من لسعاتها، والفنانون عادة يريدون فقط العسل.

أم كلثوم لم تحصل على لقب (زعيمة) الغناء العربى، أطلقوه عليها بعد رحيلها حيث كانت هى (سيدة الغناء العربى) أو (كوكب الشرق) أو يكتفى معجبوها وهم على امتداد عالمنا العربى بلقب (السـت).



كانت صفة الزعيم مقترنة فقط بجمال عبدالناصر، ولا يمكن أن يفكر أحد فى زمنه منح الزعامة لأحد آخر.

المقصود بالزعامة الفنية (الألفة) من يقف فى أول الصف، المشكلة أن الناس ينتظرون من الزعيم الكثير من المواقف التى تتجاوز دائرته الفنية، فهم يترقبون آراءه وخاصة السياسية والاجتماعية باعتبارها إحدى علامات أحقيته باللقب، وإلا أسقطوا عنه كرسى الزعامة. عادل إمام، مثلًا، لم تقيده تلك الصفة، فهو لا يدلى برأيه إلا فقط فيما يتوافق مع قناعاته، وقد يمارسون عليه الضغوط من كل جانب لكى يسارع بالرأى، إلا أنه كان حريصًا على ألا يتورط، إلا قليلًا.



الناس تنتظر من المطرب محمد منير موقفًا سياسيًّا وهو فى الحقيقة قدم عددًا من الأغنيات التى حملت تحريضًا سياسيًّا ومواقف وطنية قبل ثورتى 25 و30 يونيو، مثل (علِّى صوتك بالغنا) التى لحنها كمال الطويل ضمن أحداث فيلم (المصير) أو فى فيلم (حدوتة مصرية) يوسف شاهين، أيضًا عندما غنى (يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان) تلحين النوبى أحمد منيب أو (لو بطلنا نحلم نموت) تلحين مصطفى إسماعيل، وغيرها، ولكن ماذا بعد؟ وهل ينبغى أن يدلى بدلوه مثلًا فى كل ما يحدث فى الحياة، أم يختار فقط ما هو مؤهل لكى يلم كل تفاصيله؟! البعض يدفع الفنان أو الشخصية العامة للحافة، وقد يتورط فى رأى، ثم يجد نفسه لا يدرى كيف يتراجع فيتورط أكثر وأكثر.



أغلب ما تابعته فى ردود الأفعال للكثير من القضايا، كنت أجد الفنان حتى فى أبسط الأمور لا يدرى كيف يختار!.

عندما قررت إحدى النجمات إقامة حفل زفافها بعد نحو أسبوع من رحيل دلال عبدالعزيز، سألتنى فنانة صديقة: هل أذهب للحفل؟ قلت لها: طبعًا، قالت ولكنهم هاجمونى قبل شهرين، عندما ذهبت لحفل بعد رحيل سمير غانم!.

أجبتها: لماذا نحدد مواقفنا على حساب الخطاب الشعبوى الذى تصدره لنا (السوشيال ميديا)؟، فهم فى العادة ينحازون للآراء المتطرفة، وجاءت إجابتها: رغم رجاحة رأيك ولكن لن أذهب. الغريب أننى بالصدفة وجدت صورتها وهى تهنئ العروسين ولم تنتفض ضدها (السوشيال ميديا)!.

أغلبنا يضع معيارًا ذاتيًّا جدًّا وشخصيًّا، ودائمًا لديه قناعة مسبقة بأن الوسط الفنى والإعلامى لا تعنيه إلا مصالحه، وهم بلا قلب ولا موقف، يمثلون على الناس 24 ساعة فى اليوم، يصدرون لهم صورة زائفة.

وهنا يصبح الأمر مضاعفًا على الشخصية العامة بأن تختار الموقف الصائب، الذى يدعمه العقل، لا تتحرك بناء على طلب الجماهير أو ما تتصوره أنه كذلك، الجماهير قد تغير قناعتها مرتين كل (فيمتو ثانية).


المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).