طارق الشناوي يكتب:"برلين".. كثير من الاحتراز وكثير من الدفاع عن حقوق المرأة!!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

 


يُفتتح مساء اليوم واقعيًا مهرجان (برلين) فى دورته التى تحمل رقم 72.

لا أرتاح ولا أتفاعل مع المهرجانات الفنية الافتراضية، قطعًا وبحكم المهنة أشارك أحيانًا فى مهرجان افتراضى (مجبر أخاك لا بطل)، ولكن لا أشعر أبدًا بأننى حقًا أعيش فى مهرجان.



العالم بدأ يفتح الأبواب مع كثير من الاحتراز، وألمانيا من الدول التى واربت الباب، فلا هى فتحته على مصراعيه، ولا هى أغلقته بالضبة والمفتاح، إجراءات مشددة فى الحصول على الفاكسين جرعتين كحد أدنى على ألا تنقضى ستة أشهر على الجرعة الثانية، وإلا لن يُسمح بالدخول، اختبار يومى سريع لـ«كوفيد- 19» أو «أوميكرون»، ولا تتحرك إلا ومعك دليل البراءة، دور العرض لا تسمح سوى بـ50 فى المائة فقط من سعتها، لاحظت مثلًا أن الدورة الأخيرة لمهرجان (كان) المطلوب فقط مسحة كل 48 ساعة، كما أن دور العرض اكتفت فقط بوضع الكمامة، ولم تشترط التباعد، فلا يوجد كرسى فارغ يمينك ويسارك وأمامك وخلفك، كما يحدث فى برلين.



الإجراءات هنا أشد صرامة، كما أن الانحياز للمرأة أكثر وضوحًا، فى حياتنا أشياء لا يمكن أن تخضع للكوتة النسائية، من الممكن أن أتفهم مثلًا فى دول العالم الثالث أن تتدخل الدولة من أجل ضمان نسبة معقولة للمرأة، لأن ثقافة المجتمع تقف أمام ترشح المرأة، فلا هى تجرؤ على التقدم بأوراقها ولا الناس على استعداد أن تمنحها الصوت.

كثير من المبادرات العالمية مثل (5050) التى تعنى أن النصف من النساء تلقى ترحيبًا فى العديد من الأنشطة الثقافية والفنية.



هل يجوز فى الإبداع أن تحكمنا تلك القواعد؟ أتصور أن نظرية الاختيار الطبيعى هى الأولى بالتطبيق، لا رجل ولا امرأة (الأفضل يكسب).

مهرجان (كان)، على سبيل المثال، لا تشغله كثيرًا تلك النسبة النسائية، وأكثر من مرة شاهدنا مظاهرات نسائية- يشارك فيها أيضًا بعض الرجال- تحيط قصر المهرجان، احتجاجًا على أن فى أفلام المسابقة الرسمية مثلًا لم تشارك أى مخرجة، بينما فى مهرجان برلين لاحظت أن المشاركة النسائية تقترب من حدود 40 فى المائة، والجوائز سواء الدب الذهبى (أفضل فيلم) أو (الدب الفضى) أفضل مخرج، لا تخلو من النساء، خاصة فى السنوات العشر الأخيرة، وبديهى عندما يزداد عدد النساء المبدعات بالضرورة يرتفع معدل حصولهن على الجوائز، هذا العام يشارك سبعة أفلام بتوقيع مخرجات من واقع 18 فيلمًا فى المسابقة الرسمية، وفى الأعوام الأخيرة تقريبًا تكرر نفس العدد.



وأضاف مهرجان برلين لمحة أخرى أراها منطقية جدًا فى تقييمه للإبداع الذى لا يفرق بين رجل وامرأة، إنه الأفضل، لقد توارثنا فى العالم كله جائزة أفضل دور أول رجالى وأفضل دور أول نسائى، وهو ما يتكرر أيضًا فى الدور الثانى، بينما لدينا جائزة واحدة للإخراج أو السيناريو أو التصوير، لا تفرق بين الرجل والمرأة، وهى قطعًا مفارقة غير منطقية تمامًا، وكما أن الإخراج هو الإخراج والمونتاج هو المونتاج، فلماذا يصبح فى التمثيل جائزة للرجال وأخرى للنساء؟!.

مهرجان (برلين) قرر أن يبدأ فى إلغاء هذا الفصل العنصرى، مع هذه الدورة، ليبدأ صفحة جديدة فى العلاقة مع الإبداع، ظنى أنها ستجد ترحيبًا فى العديد من المهرجانات لتصبح جائزة واحدة على مستوى العالم، فى التمثيل، وعلى الجانب الآخر ستضع لجان التحكيم فى مأزق فنى للمقارنة بين طبيعة الأداء.

عمق هذه القاعدة أنها ستمنح الجائزة قيمة أدبية أكبر، سواء أكانت من نصيب الرجل أم المرأة.

ويبقى أن أقول لكم إن درجة الحرارة تحت الصفر، ولكن الأفلام التى يعرضها المهرجان تحمل الكثير من الدفء!!.

[email protected]


المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).