وسط التهديد الروسي.. هل ينظم الأوكرانيون مقاومة شعبية لمجابهة الحرب؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من غزو عسكري روسي محتمل لأوكرانيا، يتعين على الأوكرانيين مواصلة حياتهم اليومية، وأكد الكثير من الأوكرانيين، وجود حالة قلق شعبي لكنها لا تصل إلى حد الذعر، لا سيما أن الأزمة ليست جديدة، بل هي امتداد لأزمة الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق البلاد منذ عام 2014.

 

فالأزمة الروسية الأوكرانية هي استمرار للأزمة التي بدأت في عام 2014، لكن التطورات السياسية الأخيرة داخل أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا وروسيا تساعد في تفسير السبب الذي قد يجعل بوتين يشعر الآن أن الوقت قد حان للتحرك.

 

ومن بين تلك التطورات انتخاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعام 2019، وهو ممثل كوميدي لعب دور الرئيس على التلفزيون ثم أصبح الرئيس الفعلي. بالإضافة إلى الشيء الآخر الذي قد تتذكره من أجل زيلينسكي، فقد وعد خلال حملته بأنه "سيعيد تشغيل" محادثات السلام لإنهاء الصراع في شرق أوكرانيا، بما في ذلك التعامل مع بوتين مباشرةً لحل النزاع. ربما اعتقدت روسيا أيضًا أنها يمكن أن تحصل على شيء من هذا: فقد رأت أن زيلينسكي، وهو مبتدئ سياسي، كشخص قد يكون أكثر انفتاحًا على وجهة نظر روسيا.

 

والمعروف أن الغزو ليس نتيجة مفروغ منها، تواصل موسكو إنكار أن لديها أي خطط للغزو، ولكن الحرب، إذا حدثت، يمكن أن تكون مدمرة لأوكرانيا، مع تداعيات غير متوقعة لبقية أوروبا والغرب. وهذا هو السبب في أن العالم على حافة الهاوية، وشيكة أم لا.

 ومن جهته، حذر البيت الأبيض وقوع غزو فعلي لأوكرانيا، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بإننا لا نزال نرى مؤشرات على تصعيد روسي، ويشمل ذلك وصول قوات روسية إلى حدود أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى بلوغ حلفاء أوكرانيا مستويات عالية من الوحدة.

 

وفي 24 يناير، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية بإجلاء عائلات موظفيها الدبلوماسيين في أوكرانيا من البلاد. كما أعلنت المملكة المتحدة عن خفض بعثاتها الدبلوماسية بمقدار النصف. لكن هذه ليست الدول الوحيدة التي خفضت عدد موظفيها الدبلوماسيين والقنصليين: وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، سحبت روسيا أيضًا نحو 50 شخصًا من كييف، مما قد يشير إلى نهاية الدبلوماسية وزيادة مماثلة في الأعمال العدائية.

 

ودعت العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك الكويت والعراق والسعودية والأردن والإمارات، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبلجيكا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى، مواطنيها في أوكرانيا إلى مغادرة البلاد مع تصاعد التوترات بين روسيا وأوكرانيا. كما انضمت أستراليا ونيوزيلندا وألمانيا وهولندا يوم السبت إلى الدول التي حثت مواطنيها على مغادرة أوكرانيا

 

 

عدم الارتياح

من جهته، علم خبير الكمبيوتر دانيلو كوفزون أطفاله كيفية استخدام المسدس، ودرب صانع الحلويات رومان نبوشنيك زملاءه على إدارة أعماله حتى يتمكن من التركيز على محاربة الروس، كما يحتفظ صاحب البار فيتالي كيريشينكو بخزان الغاز ممتلئًا في حالة احتياجه، ذلك أن أوكرانيا تكافح منذ تأسست للشعور بالاستقرار، لكن مع وجود 100 ألف جندي روسي على حدودها، يشعر الناس بأحاسيس مختلف هذه المرة.

 

و تقول ربة البيت الأوكرانية جوليا كروبيفنيتسكي: ذهبت الأسبوع المنصرم إلى السوبر ماركت لتخزين بعض المواد الغذائية الأساسية التي تمتد صلاحيتها لمدة طويلة، مثل المعكرونة وزيت الزيتون والمعلبات والأرز، لكن القلق يجعلني أتناول الأدوية المنومة لتساعدني على النوم، ورغم أني أمتلك جواز سفر أجنبي نظرًا لأن زوجي فرنسي لكن لا يمكنني ترك والديّ ورائي.

 

القتال وتعليم الأبناء الدفاع عن حالهم

يصر ديميتري، 27 عامًا، الذي يعمل في مكتب محاماة، على عدم مغادرة بلاده بل يرغب في البقاء والقتال، والانضمام للجيش حال غزو بلاده، لأن التهديدات العسكرية من روسيا باتت عملًا متواصلًا على مدار الثماني سنوات الماضية، ذلك أن الجيش الأوكراني تبادل نيران المدفعية مع الانفصاليين المدعومين من روسيا.

 

الأوكرانيون إخوة

حث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في تصريحات أبرزتها جريدة وول ستريت جورنال، المواطنين على مواصلة حياتهم كالمعتاد، لأن التهديد بغزو واسع النطاق ليس بالأمر الجديد، وقال، في خطاب متلفز يوم الأربعاء، إن مثل هذا الكلام “مجرد شائعات”، كما حث المسؤولون الأوكرانيون الناس على التزام الهدوء خوفًا من محاولة روسيا استغلال حالة الذعر.

 

من جهة أخرى، ينشر المواطنون المؤثرون نصائحهم على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر على هاشتاج باللغة الأوكرانية #weareready يعني #نحن_مستعدون، منهم طبيب نفساني للأطفال يصف كيفية إعداد الأطفال لحالات الطوارئ مثل القصف والحرائق وكيفية شرح الموضوع دون إيذاء الصغار.

يقول العالم الروسي السابق فيكتور، إنه وُلد في سان بطرسبرج بروسيا لكنه عاش في كييف منذ عام 1950، ومن المؤلم رؤية العداء بين الناس في الدولتين، فابنتي من زواجي الأول روسية تعيش في موسكو، وأنا أقف إلى جانب أوكرانيا في هذه الأزمة رغم أني روسي حتى النخاع.

 

مقاومة شعبية

يضع مهندس الكمبيوتر كوفزون خطة عمل في حالة وقوع الحرب، ويقول إنه يهدف إلى تسخير مهاراته في الكمبيوتر مع شركاء الأعمال في لاتفيا لصنع أسلحة يمكن للجيش الأوكراني استخدامها، منها أجهزة المراقبة والطائرات دون طيار وأبراج البنادق التي يتحكم فيها عن بعد، ونتيجة لذلك، تحوّل العديد من الأوكرانيين إلى التحدث بلغتهم بدلًا من الروسية، وهدم الأوكرانيون معظم تماثيل لينين المنتشرة في البلاد

 

وقال كوفزون: إن روسيا قد تكون قادرة على شنّ حرب بواسطة الضربات الجوية والدبابات، لكنها لن تتمكن من السيطرة على أوكرانيا بأكملها، وأوضح أن الروس هم السبب في تأزم الوضع، لأن الأوكرانيين كان لهم موقف إيجابي بشكل عام تجاه روسيا حتى عام 2014، عندما استولت موسكو على القرم، وأرسلت مقاتلين وأسلحة لإثارة انتفاضة انفصالية في الشرق.

 

أزمة اقتصادية

في سوق زيتني الذي يعود تاريخه إلى قرون، يتخوف أصحاب الأكشاك بشأن الانكماش الاقتصادي والموجة الجديدة من فيروس كورونا، فتقول بائعة الجبن فالنتينا ميخايليفنا، وتبلغ من العمر 69 عامًا، إن الزبائن الذين اعتادوا شراء كيلوجرام واحد من الجبن، يأخذون الآن 200 أو 300 جرام، الناس ليس لديهم أي أموال.