"مالقتش تذاكر للسفر".. قصة طالب مصري "قلبه" عالق بين مصر وأوكرانيا بسبب دراسته وأصدقائه

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

اِستيقظَ هشام الجندي، مذعُورًا من صفير إشعارات هاتفه النقال، حَدق إِليه وتسمرَ في مكانه بعدما علِم أن الحرب استعرت بين روسيا وأوكرانيا، اِرتبك شعوره ما بين الأمان بوجوده بمصر وبين أصدقائه العالقين بالعاصمة كييف- في لُب العملية العسكرية الروسية-، دَحض عن أوضاعهم وظل يرتجل كلمات وأنباء مطمئنة، محدقا ببصره إلى والده، الذي ربَط على قلوب زملائه في جامعة بوجوموليتس الطبية الوطنية (NMU)، وتزمَّت نجله وتلبّسه الخوف "كلمة رعب دي شويه عليهم. ربنا يكون في عونهم بعتولي فيديوهات حاجه مرعبة. وما حدش فاهم ايه هيحصل مش عارف أفكر في خوف اصحابي. ولا فكرة مستقبلي الضايع في آخر تيرم ليا. كان المفروض سفري من 10 أيام ومالقتش تذاكر طيران". أكثر من التأَوهِ، لا سيما عقب قرار إغلاق الجامعات بعد تطبيق حالة الطوارئ بأوكرانيا.

 

 

مُنيت جهود الطالب بالفرقة الخامسة بكلية طب الأسنان، في الوصول إلى أي معلومة من السفارة المصرية بأوكرانيا عن حال أوضاع الطلاب المصريين في العاصمة الأوكرانية، لا سيما العالقين بمصر، بالفشل. اِعتراه الخوف مجددًا بعدما بلغت ضَراوة الحرب. تكلّم دون مُوَاربة "السفارة عملت اللي عليها بس اتأخرت شوية على الطلاب. وبرضو مفيش وضوح عن حالهم في إجلاء ولا مفيش. وبالنسبة للي في مصر احنا عددنا كبير كنا راجعين نجدد جواز السفر ونرجع وده أخر تيرم لينا ونتخرج ومحدش بيطمنا". اجترَّ حديثه وغض صوته وعج إِلَى اللَّه بالدعاء "يارب ما تضيع تعب والدي طول السنين دي وتنتهي الحرب بسلام ونرجع لدراستنا كلنا ونفرح أهالينا"، في إيماءة لكلمات شقيقه الأكبر، الذي تحمل نفس الأمنية، مما جعله يقتفي الأنباء منذ الساعة الثامنة صباحًا من يوم الخميس- بعد بدء الغزو بهجومه على المطارات والمستودعات العسكرية في كييف وخاركيف ودنيبر، وكذلك على حدود الدولة مع روسيا وبيلاروسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة، بثلاث ساعات-.

 

 

 تعاضَد ابن محافظة البحيرة، مع جميع زملائه بأوكرانيا وتولى مهام التواصل مع السفارة المصرية، هو وأصدقائه بمصر "بنعمل كل جهدنا علشان صوت أصحابنا يوصل للسفارة والمسؤولين بمصر ويرجعوا. كمان عاوزين نعرف وضعنا ايه في الكليات".قدَّ حديثه لبرهةٍ ثم عاد مجددًا لكلامه عن الغزو الروسي الذي لم يخطر على باله، معللًا ذلك  بأن القلق حول منطقة دونيتسك وشبه جزيرة القرم منذ عام ٢٠١٤، متذكرًا أن آخر العام المنصرم، ازداد التكهّن بالغزو، ولم يحدث، وقبل عودته لمصر في الرابع من يناير الفائت دارت الأحاديث بأن هناك غزو روسي؛ لكنها كانت مجرد أخبار زائفة. توارت خلف كلامه، حالة من الخوف، محاولًا إخفاءها. وبسطَ لسانه معبرًا عن حال أوكرانيا " الوضع كان كويس جدا هناك ومفيش قلق ولا خوف والشرطه كويسة ومتعاونة". ضرب كفًّا بكفّ وهو يراقب الخسائر التي لحقت بأوكرانيا في اليوم الأول للهجوم الروس، وفقًا للبيانات الأولية، وللرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "فقدنا بالفعل 137 من أبطالنا - مواطنينا، بينهم 10 ضباط، جرحى316".

 

 

آزر الجندي، زملائه بنقله الأنباء المطمئنة لهم، لا سيما بعدما أعلنت نائب وزير الدفاع الروسي، حنا ماليار، على منصة "فيسبوك"، أن الخسائر في صفوف قوات العدو قرابة (800 شخص)، كما دمر الجيش الأوكراني (7) طائرات معادية و(6) مروحيات وأكثر من (30) دبابة و(130) وحدة من طراز BBM- ولا تزال المعطيات قيد التوضيح-.  بَلغ مراده بعد أن سمع ضحكات أصدقائه "بحاول اتغلب على خوفهم بالهزار"، حتى يتنسوا فكرة الحرب- التي تستمر لليوم الثاني. وأصيبت عدد من المدن بالصواريخ. القتال يدور في أجزاء مختلفة من البلاد. هاجمت القوات الروسية من دونباس وشبه جزيرة القرم والحدود البيلاروسية- ولو دقائق "أنا هنا محبوس معاهم. نتابع مع بعض ونهون على نفسنا الوضع اللي مالناش ذنب فيه غير إننا نتعلم".

 

 

انزوى الشاب الحالم بحصوله على درجة البكالوريس من جامعة أوربية، داخل غرفته، أملًا الوصول إلى خبر يشير لوضعهم بكلية الأسنان- بالجامعة  الأقدم في أوكرانيا-، حتى هذه الساعة " مش عارف هيكون في دراسة أون لاين من مصر ولا الوضع عامل ازاي. بيانات الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مع السفير أيمن الجمال، سفير مصر في أوكرانيا، كلها حاليا حول أحوال الطالبة وده طبيعي، لكن التوقيت بيمر بصعوبة علينا برضو عاوزين أي تصريح عن دراستنا". اختلطت والتبست الأمور ببعضها يرددها الجندي بين الفينة والأخرى، مُعبرًا عن قلقه، لا سيما أنه على مشارف التخرج.