البحوث الاجتماعية والجنائية: حلقة نقاشية بعنوان "أخلاقيات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية"

أخبار مصر

جانب من فاعليات اللقاء
جانب من فاعليات اللقاء


 

نظم مركز البحوث الإجتماعية والجنائية التابع لوزارة التضامن الإجتماعي، حلقة نقاشية بعنوان " أخلاقيات البحث العلمي في العلوم الاجتماعية" وذلك بقاعة ابن خلدون بمقر المركز، تحت رعاية هالة رمضان مدير المركز المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.

ترأس الحلقة النقاشية نجوى خليل أستاذ الإعلام بالمركز، ووزيرة التضامن الاجتماعي الأسبق، حيث أشارت سيادتهاإلى أن قضية أخلاقيات البحث العملي شغلت المركز كثيرًا، موضحةً أن الأوراق المقدمة هى أوراق أولية لتجديد الموضوع وطرحه للمناقشة خاصةً مع تقدم البحث العلمي والمناهج البحثية والتكنولوجيا، إضافةً إلى ما يواجهه الباحث من مشكلات أثناء التطبيق مما يتطلب الالتزامبأخلاقيات تدعم حل هذه المشكلات، وأشارت سيادتها إلى أن الأوراق المقدمة تطرح بعض التساؤلات الغرض منها تطوير المواثيق والأدلة الاسترشادية التي يجب أن يلتزم بها الباحث.

وفي إطار الحلقة النقاشية قدمت مجموعة من الأوراق العلمية التي أعدها نخبة من أساتذة المركز في تخصصات مختلفة، في البداية تناولت هبة جمال الدين أستاذ الإعلام بالمركز المواثيق الأخلاقية المنظمة للعمل البحثي في العلوم الاجتماعية للتعرف على نقاط الاتفاق والاختلاف بينهما وفقا للمجال البحثي الذي تتناوله، كما حاولت التعرف على مدى صلاحية العمل بتلك المواثيق في ضوء التغيرات والتطورات الناشئة عن تطور مناهج وآليات العمل البحثي مشيرة إلى الانتقال من البحوث التقليدية في العالم الواقعي والتي تنظمها المواثيق الأخلاقية إلى البحوث التي تتم في العالم الافتراضي والتي توجهها الأدلة الإرشادية.

وأشارت إلى بعض مسئوليات الباحث في العلوم الاجتماعية ومنها مسئوليته تجاه المجتمع البحثي الذي يخضع للدراسة، ومسئوليته إزاء الجمهور العام، وتجاه مجال التخصص، وتجاه الطلاب والمتدربين، وتجاه أصحاب المشروعات والعملاء والهيئات المشرفة على البحوث، وتجاه الحكومات.

وناقش حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز المواثيق الأخلاقية لاستطلاعات الرأي العام موضحًا  مدى تأثيرها على حرية البحث العلمي، مشيرًا إلى العلاقة الجدلية بين الحرية الأكاديمية باعتبارها أحد مكونات البحث العلمي الاجتماعي وما تنطوي عليه من مساحة للإبداع والتحليل للباحث العلمي والمسئولية الاجتماعية الملقاة على عاتق هذا الباحث تجاه المجتمع بما يضمن عدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمجتمعات.

وأكد أن استطلاعات الرأي تمثل نموذجًا مثاليًا لعلاقة الارتباط الوثيقة بين حتمية الالتزام بقواعد المنهج العلمي من ناحية والتمسك بالأسس والمبادئ الأخلاقية من ناحية أخرى. مشيرا إلى أن هذه العلاقات الارتباطية تظهر عبر مستويين أساسيين يتمثل الأول في حساسية ودقة الموضوعات التي تتناولها استطلاعات الرأي العام باعتبارها قضايا ساخنة وخلافية وتعكس مصالح متعارضة، أما الثاني فيتعلق بحرية البحث والنشر لنتائج تلك الاستطلاعات وارتباطها بالمواثيق الأخلاقية المنظمة لكافة مراحل العمل في الاستطلاع وصولا إلى النتائج.

وفي المقابل ركز عبده العشري مدرس القانون بالمركز على دور القانون في تعزيز أخلاقيات البحث العلمي، وذلك من خلال استعراض بعض القضايا المرتبطة بالمقومات الدستورية لمبدأ حرية البحث العلمي، وضوابط ممارسة العمل البحثي مع التركيز على دور القانون وأحكام القضاء في هذا الإطار بما في ذلك الضوابط الموضوعية والإجرائية. وفي هذا السياق تناول حقوق المبحوثين التي يجب مراعاتها، مبدأ النزاهة أو الأمانة العلمية، ضوابط الحق في نشر البحوث، قواعد المسئولية عن مخالفة القوانين واللوائح المتعلقة بأخلاقيات البحث العلمي.

قام بالتعقيب على الأوراق البحثية لفيف من الأكاديميين والأساتذة بالجامعات والمراكز البحثية في مصر.

وأشار أحمد مجدي حجازي– أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة – إلى أن أخلاقيات البحث العلمي للباحث ترتبط بالتنشئة الاجتماعية وأسلوب الحياة، وأنه لا بد من إعادة النظر في أخلاقيات البحوث لأنها قد تؤدي إلى نتائج مزيفة مما يؤثر بالسلب على اتجاهات صانع القرار، وأشار إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات المكتوبة على الأدوات البحثية والإلتزام بالنتائج الإحصائية، وأضاف أن التغيرات في كل من النظرية والمنهج برزت بصورة أوضح في صورة ما بعد الحداثة مثل مصادر المعلومات والمرونة في استخدام الأدوات والطرق، مؤكدًا أن تمويل البحوث من الممكن أن يؤثر على موضوعية النتائج.

فيما أوضح إكرام بدر الدين– أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- أن أخلاقيات البحث العلمي رغم أنها لا تستند إلى تشريع إلا أنها تُعرض مخالفها لجزاءات قد تصل إلى جزاءات قانونية،  فقد يصعب القول بوجود منظومة أخلاقية لها صفة العمومية فما يمكن أن يُتقبل في مجتمع قد يُرفض في آخر، ولا يوجد بما يسمى بالحرية المطلقة فهى لا تفهم إلا في إطار ضوابط تنظيمية معينة، فبالتالي مطلوب تحديد تلك الظوابط التي تحدد أخلاقيات البحث العلمي بما لا يقيد الباحث وهذا التوازن هو ما نطالب به، وأكد أنه لا بد من توافر إجراءات تضمن عدم التحيز وإساءة استخدام البحث العلمي بما يخدم مصلحة المجتمع ويمنع إساءة فهمه واستخدامه، والالتزام بالقواعد لعدم الوصول لنتائج زائفة، وأشار إلى ضرورة ألا تؤثر قضية التمويل على مصداقية النتائج.

كما أكدت إقبال السمالوطي– أستاذ التنمية الاجتماعية وعميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية سابقًا- على ضرورة أن يقدم البحث العلمي إنتاج معرفي ونموذج للتنمية، وفي هذا السياق أشار أ.د/ أيمن عامر– أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة-  أنه فيما يتعلق بأخلاقيات البحث العلمي فنحن لدينا مثلث ذهبي يتلخص في وجود رؤية للأخلاقيات العلمية والحرية والإمكانيات المتاحة، موضحًا أنه يجب أن يحدد العلم أهدافه من خلال مواثيق تنظيم وتطبيقات علمية.

وعلى جانب آخر؛ أوضحت سهير سند  - أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- أنه يجب علينا الاهتمام بالدور الأكاديمي الذي يعمل على محددات البحث العلمي مثل النظريات والأدوات للتطوير وإثراء النظرية والمنهج مستغلين تراثنا العلمي بالمركز.

كما أشارت سهير صفوت– أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس- إلى أن الأخلاقيات  ترتكز على الحرية الأكاديمية والضوابط الأخلاقية التي يجب أن تساعد على الأمن العلمي، كما يجب أن تكون الأدلة الاسترشادية للباحث كافية في توجيهه خاصةً في البحوث الافتراضية، مؤكدةً على ضرورة البدء من العنصر البشري ذاته، فيجب أن يكون للباحث العلمي نفسه ضمير أخلاقي ليكن لديه أمانة علمية.

ومن جانبه؛ أوضح عاطف معتمد – أستاذ الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة القاهرة – أنه من أخلاقيات البحث العلمي أن يقوم الباحث بدراسة المجتمع المصري بنفسه دون النقل من الغرب، وذلك بالاعتماد على الإخباريين الميدانيين في صحاري مصر المختلفة.

كما أكد محمود بسطامي - أستاذ فلسفة القانون بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- أن البحث العملى هو الأداة الأساسية لفهم المجتمعات، وبالتالي فلا بد من تحديد الإطار الأخلاقي الذي يحكمه، والجهة التي تقوم به وتحديد معايير جودة البحوث الاجتماعية.

كما أوضحت سعاد عبد الرحيم – أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- أن هدف البحث العلمي هو النهوض بالإنسان والمجتمع الذي يحيا فيه، وأنه لا بد أن تكون مواثيق أخلاقيات البحث العلمي محددة وملزمة لكافة المؤسسات والهيئات التي تعمل في هذا المجال.

وقد اختتمت هالة رمضان – مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية- الجلسة مشيرةً إلى أننا لسنا في حاجة للمزيد من التوثيق النظري للمواثيق والأدلة الأخلاقية للبحث العلمي، مشيرةً إلى أننا لدينا ما يكفي وأننا يجب أن ننطلق منها إلى جانب تطبيقي، مؤكدةً على ضرورة الاهتمام بتدريب الباحثين وتنشئة الشباب منهم.

وقد قدمت الحلقة النقاشية مجموعة من التوصيات تمثلت في ما يلي:

- ضرورة الاهتمام بالجانب الفلسفي لتحديد مفاهيم أخلاقيات البحث العلمي، وإعادة النظر في ضبط المصطلحات.
- ضرورة أن نكون منتجين للمعرفة مستغلين في ذلك التراث العلمي المتراكم بالمركز، من خلال استغلال التراكم العلمي للأدوات المقننة بالمركز، والتي يُمكن أن ترقى إلى مقاييس أو نماذج قابلة للتطبيق، ومع تطويرها يمكن أن نصل لوضع نظريات علمية، حتى لا نعتمد على النظريات الأجنبية التي وُضعت في سياق اجتماعي وثقافي مختلف.
- ضرورة التوازن بين اعتبارات الحرية البحثية وحقوق الإنسان وقضايا الأمن القومي.
- ضرورة وضع قواعد دقيقة لنشر نتائج البحث العلمي بما لا يخل بمضمونها.
- تدريب شباب الباحثين الميدانين وتوعيتهم بالمبادىء الأخلاقية للبحث العلمي. 
- وضع ميثاق شرف موحد يُطبق من قِبل كافة الجهات البحثية.

IMG-20220301-WA0026
IMG-20220301-WA0026
IMG-20220301-WA0025
IMG-20220301-WA0025