مي سمير تكتب: خونة أم أبطال؟

مقالات الرأي

مي سمير
مي سمير

أشهر نجوم التسريب الذين عروا عالم السياسة والبيزنس

خلال الأيام الماضية كشف تسريب بيانات تتعلق بحسابات أكثر من ٣٠ ألف عميل فى بنك «كريدى سويس» كان من بينهم «علاء وجمال» نجلى الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك كان لديهما حساب بقيمة ١٩٦ مليون دولار بسويسرا، وتلقت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية البيانات من مصدر مجهول على صندوق بريد خاص بها، فيما تمثل هذه التسريبات ضربة كبرى للعديد من السياسيين ورجال الأعمال فى مختلف دول العالم.

فى هذا السياق يصف البعض هؤلاء المسربين بالخونة بينما يعتبرهم البعض أبطالا شعبيين يعيدون تجسيد قصة روبن هود الذى كان يسرق من الأغنياء ليعطى فقراء، ولكن هذه المرة استبدل روبن هود المال والمجوهرات بالمعلومات والوثائق، المؤكد أنه فى القرن الواحد والعشرين تعد المعلومات أكثر قيمة من المال، وكما تقول الحكمة الأمريكية «من يملك المعلومة فهو يملك كل شيء».

وتضم قائمة أشهر المسربين العالميين الكثير من الأسماء التى نجح أصحابها فى تهديد أكبر الأجهزة الأمنية فى العالم وأشهر الشركات المالية.

 

انضمت فرانسيس هاوجين، الموظفة السابقة فى شركة فيسبوك، إلى قائمة أشهر المسربين للوثائق فى مختلف أنحاء العالم، بعد أن كشفت عن الجانب غير الأخلاقى لشركة التواصل الاجتماعى الشهيرة.

تبدو رحلة هاوجين إلى دائرة الضوء وكأنها قصة أخلاقية حول صناعة التكنولوجيا اليوم، كأحد العاملين فى عالم التكنولوجيا فى وادى السيليكون، انتهى بها الأمر فى الصف الأول لواحدة من أكثر المعارك إثارة للجدل فى الصناعة، محاولة فيسبوك لمنع الكراهية والمعلومات المضللة من إغراق شبكتها، على حسب وصف تقرير فايننشال تايمز.

وفقًا لموقعها على الإنترنت، نشأت «هاوجين» على حضور المؤتمرات الحزبية فى ولاية أيوا مع والديها، مما غرس شعورًا قويًا بالفخر بالديمقراطية والمسئولية وأهمية المشاركة المدنية، عندما فقدت الثقة فى صاحب عملها، أصبح اتخاذ موقف واجبًا أخلاقيًا بالنسبة لها.

وصلت هاوجين، البالغة من العمر ٣٧ عاما، إلى وادى السيليكون فى عام ٢٠٠٦، وهى مهندسة برمجيات لها سيرة ذاتية كبيرة تضمنت مناصب فى جوجل، يلب، بينترست، إلى جانب دراسة الهندسة حصلت على ماجستير إدارة الأعمال فى كلية هارفارد.

بعد أن بدأت العمل فى فيسبوك عام ٢٠١٨، اتخذت رحلة هاوجين اتجاهًا جديدًا غير حياتها بالانضمام إلى فريق النزاهة المدنية فى الشركة، بدأت تشك فى التزام صاحب العمل بأخلاقيات المهنة، وفى أعقاب الانتخابات الأمريكية التى أجريت العام الماضى، قررت هاوجين أن الوقت قد حان للكشف الحقيقة، وقد توجت كل ذلك بحملة إعلامية مخططة جيدا، والتى تضمنت فى البداية تسريبات صحفية ثم الكشف هويتها فى برنامج ٦٠ دقيقة التلفزيونى ومجموعة من الشكاوى إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات متهمة فيسبوك بتضليل مستثمريها، فى النهاية قرر الكونجرس الأمريكى بدء سلسلة من جلسات الاستماع للتحقيق فى الأمر.

دارت النقطة الأولى فى جلسة استماع فرانسيس هاوجين أمام الكونجرس حول تأثير فيسبوك وانستجرام السيئ على الأطفال والمراهقين، وأوضحت فرانسيس هاوجين أن فيسبوك يضلل المستخدمين فيما يتعلق بسلامة الأطفال وفاعلية أنظمة الذكاء الاصطناعى الخاصة به فى الحفاظ على أمن وسلامة المستخدمين، ويتعمد إخفاء نتائج بحثه الداخلية الحقيقية، فى وقت سابق تحدثت هاوجين أن هناك بحثًا داخليًا فى فيسبوك يكشف تأثير تطبيق إنستجرام السيئ على الصحة العقلية للمستخدمين الأصغر سنًا.

وقالت هاوجين فى حديثها إن فيسبوك لا يخضع للمساءلة أو يمتثل لقانون، ووصفت الشركة بأنها كيان مغلق، مطالبة الكونجرس بأن يتخذ إجراءات تنظيمية تجعل موقع فيسبوك خاضعًا لقوانين ويتم محاسبة الشركة فى حالة انتشار محتوى سيئ دون السيطرة عليه.

وكشفت هاوجين أن شركات التواصل الاجتماعى تتمتع بنسبة ١٠٠ فى المئة من السيطرة على الخوارزميات الخاصة بها، وأوضحت أن الشركة تعطى أولوية فقط لزيادة التفاعل والأرباح على حساب سلامة مستخدميها والسلامة العامة.

 

إدوارد جوزيف سنودن، مستشار سابق فى استخبارات الكمبيوتر قام بتسريب معلومات سرية للغاية من وكالة الأمن القومى (NSA) فى عام ٢٠١٣ عندما كان موظفًا ومقاولًا من الباطن بوكالة المخابرات المركزية، أوضحت عمليات الكشف التى قام بها عن العديد من برامج المراقبة العالمية، الكثير منها تديره وكالة الأمن القومى وما عرف فيما بعد باسم تحالف العيون الخمس الذكى الذى يتضمن تعاون ما بين شركات الاتصالات والحكومات الأوروبية، وأثار جدل عالمى حول الأمن القومى والخصوصية الفردية.

فى عام ٢٠١٣، تم تعيين «سنودن» من قبل مقاول وكالة الأمن القومى، بوز ألن هاملتون، وخلال تلك الفترة اكتشف عالم من السلوكيات غير الأخلاقية، ففى ٢٠ مايو ٢٠١٣، سافر سنودن إلى هونج كونج بعد ترك وظيفته بمنشأة تابعة لوكالة الأمن القومى فى هاواى، وفى أوائل يونيو كشف آلاف الوثائق السرية لوكالة الأمن القومى لعدد من الصحفيين، واحتل «سنودن» دائرة الاهتمام العالمى مع نشر العديد من التقارير الصحفية التى تعتمد على المعلومات المسربة فى صحف الجارديان وواشنطن بوست وعدد آخر من الصحف العالمية.

فى ٢١ يونيو ٢٠١٣، اتهمت وزارة العدل الأمريكية «سنودن» بانتهاك قانون التجسس لعام ١٩١٧ وسرقة ممتلكات حكومية، وبعد ذلك ألغت وزارة الخارجية جواز سفره، فيما بعد منحت روسيا «سنودن» حق اللجوء مع تأشيرة أولية للإقامة لمدة عام، تم تمديدها بعد ذلك بشكل متكرر، فى أكتوبر ٢٠٢٠، مُنح الإقامة الدائمة فى روسيا.

فى أوائل عام ٢٠١٦، أصبح «سنودن» رئيسًا لمؤسسة حرية الصحافة، وهى منظمة غير ربحية مقرها سان فرانسيسكو تهدف إلى حماية الصحفيين من القرصنة والمراقبة الحكومية، لديه أيضا وظيفة فى شركة تكنولوجيا معلومات روسية غير معروفة، فى ١٧ سبتمبر ٢٠١٩، نشر مذكراته تحت عنوان «السجل الدائم» فيما يعد انتصارا له، وفى ٢ سبتمبر ٢٠٢٠، قضت محكمة فيدرالية أمريكية بأن برنامج المراقبة الجماعية للمخابرات الأمريكية الذى كشفه «سنودن» غير قانونى وربما يكون أيضا غير دستورى.

 

جوليان بول أسانج محرر وناشر وناشط أسترالى أسس موقع ويكيليكس فى عام ٢٠٠٦، حظى موقع ويكيليكس باهتمام دولى فى عام ٢٠١٠ عندما نشر سلسلة من التسريبات التى قدمها محلل استخبارات الجيش الأمريكى تشيلسى مانينج، وشملت هذه التسريبات شريط فيديو يكشف عملية القتل الجماعى لغارة جوية أمريكية فى بغداد أبريل ٢٠١٠، سجلات حرب أفغانستان، وسجلات حرب العراق، بعد تسريبات ٢٠١٠، بدأت حكومة الولايات المتحدة تحقيقًا جنائيًا فى أنشطة ويكيليكس.

فى نوفمبر ٢٠١٠، أصدرت السويد مذكرة توقيف دولية لـ«أسانج» على خلفية اتهامات ارتكابه جريمة اغتصاب، وقال «أسانج» إن المزاعم كانت ذريعة لتسليمه من السويد إلى الولايات المتحدة بسبب دوره فى نشر وثائق أمريكية سرية، بعد خسارته معركته ضد التسليم إلى السويد، انتهك الإفراج عنه بكفالة ولجأ إلى سفارة الإكوادور بلندن فى يونيو ٢٠١٢، حصل على حق اللجوء من الإكوادور فى أغسطس ٢٠١٢ على أساس الاضطهاد السياسى، بافتراض أنه إذا تم تسليمه إلى السويد، فسيتم تسليمه فى النهاية إلى الولايات المتحدة، أسقط المدعون السويديون تحقيقهم فى ٢٠١٩، قائلين إن أدلتهم «ضعفت إلى حد كبير بسبب الفترة الطويلة التى انقضت منذ الأحداث المعنية».

خلال الحملة الانتخابية الأمريكية لعام ٢٠١٦، نشرت ويكيليكس رسائل بريد إلكترونى سرية للحزب الديمقراطى، تظهر أن اللجنة الوطنية للحزب فضلت هيلارى كلينتون على منافسها بيرنى ساندرز فى الانتخابات التمهيدية.

فى ١١ أبريل ٢٠١٩، تم إلغاء لجوء «أسانج» بعد سلسلة من الخلافات مع السلطات الإكوادورية، تمت دعوة الشرطة إلى السفارة واعتقاله، وأدين بخرق قانون الكفالة وحكم عليه بالسجن ٥٠ أسبوعًا، فى ٢٣ مايو ٢٠١٩، اتهمت حكومة الولايات المتحدة «أسانج» بانتهاك قانون التجسس لعام ١٩١٧، وانتقد محررو الصحف، بما فى ذلك الواشنطن بوست ونيويورك تايمز، وكذلك منظمات حرية الصحافة، قرار الحكومة الأمريكية بتوجيه الاتهام إلى «أسانج» بموجب قانون التجسس لعام ١٩١٧، ووصفوا ما حدث بأنه هجوم على التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، والذى يضمن حرية الصحافة.

فى يناير ٢٠٢١، حكمت القاضية فانيسا باريتسر ضد طلب الولايات المتحدة بتسليمه وقالت إن القيام بذلك سيكون «قمعى» نظرا لصحته العقلية، وفى ٦ يناير ٢٠٢١، تم رفض إطلاق سراح «أسانج» بكفالة، فى انتظار استئناف من قبل الولايات المتحدة، وتم احتجاز «أسانج» فى سجن بلمارش المشدد الحراسة بلندن منذ أبريل ٢٠١٩.

 

كاثرين تيريزا جان هى متخصصة فى اللغات عملت مترجمة فى مقر الاتصالات الحكومية ببريطانيا، فى عام ٢٠٠٣، سربت معلومات سرية للغاية إلى صحيفة الأوبزرفر، تتعلق بطلب الولايات المتحدة تقديم معلومات عن الدبلوماسيين من الدول الأعضاء فى مجلس الأمن لعام ٢٠٠٣، الذين كان من المقرر أن يصوتوا على قرار ثان للأمم المتحدة بشأن الغزو المرتقب للعراق عام ٢٠٠٣، خلال عملها قرأت جان رسالة بريد إلكترونى من فرانك كوزا، رئيس الأركان فى قسم «الأهداف الإقليمية» بوكالة الأمن القومى الأمريكية، وفى الخطاب طلب كوزا المساعدة فى عملية سرية للتنصت على مكاتب الأمم المتحدة فى ست دول: أنجولا وبلغاريا والكاميرون وتشيلى وغينيا وباكستان، كانت هذه الدول «المتأرجحة» فى مجلس الأمن الدولى التى يمكنها تحديد ما إذا كانت الأمم المتحدة سوف توافق على غزو العراق، ربما تكون الخطة قد انتهكت المادتين ٢٢ و٢٧ من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التى تنظم الدبلوماسية العالمية. اعترفت «جان» لمديرها المباشر بأنها سربت البريد الإلكترونى، وتم القبض عليها، فى مقابلة مع بى بى سى مع جيريمى باكسمان، قالت إنها لم تثر الأمر مع مستشارى الموظفين لأنها «بصراحة لم تكن تعتقد أن ذلك سيكون له أى تأثير عملى»، وقضت جان ليلة فى حجز الشرطة، وبعد ثمانية أشهر تم اتهامها بخرق قانون الأسرار الرسمية.

 

تضم قائمة أشهر المسربين، دانيال إلسبيرج وهو اقتصادى أمريكى وناشط سياسى ومحلل عسكرى أمريكى سابق، أثناء عمله لدى مؤسسة راند للأبحاث السياسية، أثار «إلسبيرج» جدلًا كبيرًا فى عام ١٩٧١ عندما أرسل «أوراق البنتاجون»، وهى دراسة سرية للغاية للبنتاجون حول عملية صنع القرار فى حكومة الولايات المتحدة فيما يتعلق بحرب فيتنام، إلى نيويورك تايمز، وواشنطن بوست والصحف الأخرى.