رجاء فكرى تكتب : أوروبا من الظلام إلى الحداثة (ثورة العلم) (2).

ركن القراء

رجاء فكرى تكتب :
رجاء فكرى تكتب : أوروبا من الظلام إلى الحداثة (ثورة العلم)

الملخص:

هل أوربا التى عانت قرونا طويلة من تسلط رجال الكنيسة ومحاكم التفتيش ،وحروبهم الطويلة التى أعلنوها على رجال العلم والفكر والثقافة،أفضل من مصر التى كانت وقتها قبلة الحضارة والتاريخ؟!..لذا علينا أن نجمع شتات أفكارنا من جديد..وأن نطرح سؤالا واحدا لازال بالإمكان ألا وهو لم لا؟!

المقال:

فى عام 1889 اكتشف الفيزيائى الألمانى هيزيش هرتز موجات الراديو..والفيزيائى الألمانى وليام رونتجن اكتشف أشعة x عام 1895..وتوالت اكتشافات جوزيف طومسون للإلكترون..ثم اختراع توماس إديسون للفونوغراف وآلة التصوير السينمائى والمصباح الكهربائى.وهناك الكثير من التحولات والطفرات العلمية فى شتى المجالات التى طفت على سطح الحياة الأوربية،وبدأت معها نهضة علمية وتكنولوجية حقيقية..

وامتدت هذه الغزوات العلمية إلى القرن العشرين،لنجد أن هناك مهندس إيطالى يدعى ماركونى قد أرسل أول إشارات الراديو عبر محيط الأطلسى عام 1901م فكان يوما عظيما فى تاريخ الإتصالات اللاسلكية..ثم المخترع الأمريكى لى دى فورست الذى كان له الفضل فى اختراع كاشف يقوم بتكبير الإشارات محولا موجات الإذاعة إلى موجات صوتية يمكن سماعها وذلك عام 1906م واستخدم ذلك ف تطبيقات كالمذياع والتليفزيون والحاسب..وفى بداية عام 1929م كان الأمريكى فلاديمير كوزما زوركين يتمتع بكامل نظام التليفزيون الحديث وذلك عقب إختراعه لأيقونات الصوت والصورة للتليفزيون، ولقب بأب التليفزيون الحديث.

إلى أن حلت سنة 1940م ليقوم عالم الفيزياء البريطانى روبرت واتسون،بإختراع جهاز لمراقبة الطائرات وتحديد مكانها قبل إقترابها بمسافة كافية وأطلق عليه اسم الرادار،والذى ساعد فى إنتصار قوات الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية.. وفى عام 1947 اخترع علماء أمريكان الترانزستور الذى يقوم بتكبير الإشارات الإلكترونية وتكمن أهميته فى أن بعض الهواتف المحمولة والتلفاز وعديد من المنتجات،يدخل فيها الترانزستور كمكبر مثل مكبرات الصوت أو معالجة الإشارات.

أما بين عامى 1950و1960،ظهرت الكمبيوترات الصغيرة بإستعمال الترانزستورات،فصغر حجمها ووفرت الطاقة.وفى عام 1973 ظهر أول كمبيوتر شخصى محمول على يد العالم الأمريكى مارتن كوبر..

السؤال الذى يفرض نفسه علينا الآن هو: هل تستطيع مصر فى هذه الآونة أن تصنع طفرة علمية وتكنولوجية فى شتى المجالات،كتلك الطفرة التى صنعتها أوربا فى القرن 18 واستمرت حتى وقتنا هذا؟! أو بالأحرى،هل يمكن لمصر أن تقوم بثورة علمية وصناعية فى عصرنا الحديث، كتلك التى قامت فى أوربا منذ قديم الأزل؟.

والإجابة بكل بساطة وثقة: نعم..ان أوربا قد عانت قرونا طويلة من مجافاة حكامها للعلم والمنهج العلمى وعدم مبالاتهم بعلمائها ومفكريها بل ومحاكمتهم فى بعض الأحيان محاكمات جائرة قد تصل إلى القضاء عليهم بالموت حرقا..ومع ذلك واصلت الطريق،وتقدمت شيئا فشيئا،حتى تحولت من عصور الظلام إلى عصور الحداثة بحكم الفطرة الطبيعية لتقدم البشرية والمجتمعات الإنسانية..

هل أوربا التى عانت قرونا طويلة من تسلط رجال الكنيسة ومحاكم التفتيش ،وحروبهم الطويلة التى أعلنوها على رجال العلم والفكر والثقافة،أفضل من مصر التى كانت وقتها قبلة الحضارة والتاريخ؟!..لذا علينا أن نجمع شتات أفكارنا من جديد..وأن نطرح سؤالا واحدا لازال بالإمكان ألا وهو لم لا؟!

وفى هذا الصدد يحدثنا د.لويس عوض فى كتابه(ثورة الفكر فى عصر النهضة الأوربية) قائلا: كل هذه البشاعات التى إرتكبتها السلطة الروحية والدنيوية فى العصور الوسطى كانت الثمن الذى دفعته الإنسانية فى سبيل حرية الفكر والتعبير وفى سبيل إقرار حق الإختلاف بين الناس.وفى سبيل حل المتناقضات بالحوار بدلا من القهر وسفك الدماء..

ويواصل مؤلف الكتاب حديثه الممتع والذى يرى فيه:أنه لولا ما وجده جوردانو برونو ، كوبرنيك، كبلر، جاليليو، من عنت نحو عام 1600م، لما أمكن تحقيق شىء من فتوحات العلم الحديث..وعليه أستطيع القول أن الطرق نحو التقدم والرفاهية لم تكن ممهدة وسهلة أمام أوربا..لقد تمخض النور عن الظلام، وانفجرت ينابيع الأمل من صحارى اليأس المقفرة..وهذه هى النتيجة الحتمية الطبيعية التى جبلت عليها الطبيعة البشرية.

إن قيام ثورة علمية فى مصر لازال بالإمكان..وخصوصا أن مصر فى المرحلة الحالية،تستشرف المستقبل من جديد بعدسات جديدة وبميكروسكوب جديد..إن لم يكن هذا الميكروسكوب هو ميكروسكوب رباعى الأبعاد.

الآن فقط نستطيع..