طارق الشناوي يكتب:حلاوة رحل مرتين!

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

كلنا مقصرون ولا أبرئ ساحتى أبدًا من الاتهام، بقدر المستطاع وما تسمح به المساحة المتاحة حاولت وأحاول، إلا أنه هذا ليس كافيًا، مؤكد كان من الممكن أن أفعل ما هو أفضل، مع الأسف نحن أسرى قواعد صارمة فى الصحافة والإعلام وهى تلبية رغبات الجمهور، الذى يدير المؤشر لمتابعة ما يقدم عن النجوم ولا يعنيه حجم الموهبة، الأهم هو البريق والوهج، بينما لا يستوقفنا أبدًا هؤلاء الذين ننعتهم بتعبير نجوم الصف الثانى.

لا أتذكر أننى التقيت كثيرًا على المستوى الشخصى بالفنان القدير أحمد حلاوة، بين الحين والآخر كنت أكتب عنه مشيدًا بأدائه، وآخر مرة بعد مسلسل (الاختيار2) رمضان الماضى، كما استوقفنى أيضًا أداء هادى الجيار الذى سبقه للعالم الآخر، وكانا يلعبان دور صديقين مسيحى ومسلم، والعلاقة كتبها هانى سرحان وأخرجها بيتر ميمى بنعومة شديدة بعيدًا عن (الكليشيه) المحاط بتلك الحساسية المفرطة التى عادة ما تبعدنا عن التصديق، لحق حلاوة بصديقه الجيار متأثرًا أيضًا بتبعات الفيروس اللعين (كوفيد19).

كتبنا عن الجيار بعد رحيله، كما نكتب الآن عن حلاوة، وبرغم أنهما لا يتصدر اسمهما عادة (التترات) وأحيانًا يتجاهلون وضع صورهما على (الأفيش)، وعدد منهم يعلنون الغضب مثل محمود الجندى الذى صرح أكثر من مرة بإحساسه بالظلم مهددًا بالاعتزال، بسبب هذا التجاهل، وهو ما كرره مؤخرًا كمال أبورية.

حلاوة تعامل بقدر أكبر من المرونة، إلا أنه من المؤكد لم يكن راضيًا، ومع الأسف من يشكو بصوت عالٍ، يتم استبعاده من قائمة الترشيحات.

هناك فارق بين أن تعتز بموهبتك وعطائك، وبين أن تطالب بحقوق أدبية ومادية تستحقها، وأحمد حلاوة كان شديد الاعتزاز بموهبته ولكنه لم يدخل أبدًا فى معارك خارج حلبة الاستديو.

عانى العديد من المبدعين، مثل سناء جميل، الكثير من التجاهل، طلبت سناء مباشرة من عادل إمام وأحمد زكى أن تشاركهما فى الأفلام، عادل ربما لم يجد مساحة ملائمة لها، بينما أحمد زكى شاركته فيلمى (اضحك الصورة تطلع حلوة) وقبله (سواق الهانم).

نحن نتحدث عن واحدة من أيقونات فن الأداء والتى حققت مساحة جماهيرية طاغية وهى نجمة من الصف الأول، فما بالكم بمن يقفون فى الصف الثانى!، إلا أن حلاوة رحل وهو مرشح للمشاركة فى ثلاثة مسلسلات.

تظل نجومية الشباك واحدة من المعضلات العصية على التفسير، وكلمة الشباك من الممكن أن تجد لها عدة تنويعات مثل التسويق للفضائيات والمنصات، وفى العادة يصبح السؤال الأول عند تخطيط المشروع الدرامى، سينما مسرح تليفزيون إذاعة، ما اسم النجم الأول، الذى من أجله تم المشروع؟!.

أسماء مثل الراحلين أحمد راتب وأحمد خليل ومحمود الجندى وهادى الجيار وأحمد حلاوة وغيرهم وجودهم على مائدة التفاوض لا يؤدى مباشرة لارتفاع ثمن العمل، إلا أنهم يلعبون الدور الأهم فى ضمان القيمة الإبداعية، وهو ما يدركه نجوم التسويق مثل عادل إمام، الذى كان داعمًا لوجود أحمد راتب فى العديد من أعماله الدرامية، وما كرره أيضًا مع أحمد حلاوة.

فى حياتنا العديد من نجوم الصف الثانى يقدمون لنا إبداعًا يستحق أن نقول لهم وهم بيننا شكرًا. ليتنا قدمنا لهم وردة فى حياتهم بدلًا من باقات الورود التى ننثرها عادة بعد فوات الأوان على قبورهم، ليتنا!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).