ننشر حيثيات "القضاء الإداري" برفض بطلان انتخابات المحامين

حوادث

مجلس الدولة
مجلس الدولة

أودعت محكمة القضاء الإداري، حيثيات حكمها برفض بطلان انتخابات نقابة المحامين والتي فاز فيها، الراحل رجائي عطية نقيبًا عاما للمحامين، والتي أجريت في غضون مارس 2020.

وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن النقابة العامة للمحامين كانت قد أعلنت عن فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النقابة العامة، وذلك على منصب النقيب، ومنصب عضوية مجلس النقابة(ثمانية وعشرين عضوًا)، وتضمن الترشح على عضوية مجلس النقابة فئتين، الأولى فئة أعضاء الإدارات القانونية (ثلاثة أعضاء)، والثانية فئة محاكم الاستئناف(خمسة وعشرين عضوًا)، على أن يتم انتخاب مجلس النقابة العامة بمعرفة الجمعية العمومية للنقابة العامة المنصوص عليها في المادة(124) من قانون المحاماة.

وقد أصدرت اللجنة المشرفة على الانتخابات القواعد المنظمة لسير العملية الانتخابية، تضمنت تلك القواعد إجراء الانتخابات في ثلاث بطاقات اقتراع، الأولى لمنصب النقيب، والثانية لأعضاء الإدارات القانونية، والثالثة لمحاكم الاستئناف، حيث قسمت البطاقة الأخيرة إلى ثمان جداول بواقع جدول لكل محكمة استئناف، خصص كل جدول للمرشحين من ذات دائرة محكمة الاستئناف، كما تضمنت القواعد أحقية الناخب في اختيار أي(25) مرشح من بطاقة محاكم الاستئناف دون التقيد بنصاب معين من كل محكمة ودون أن يعد الصوت باطلًا في تلك الحالة، وقد أجريت الانتخابات بتاريخ15/3/2020، وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات قد أعلنت فوز أكثر ثلاثة مرشحين حصولًا على الأصوات من المرشحين على مقاعد الإدارات القانونية بعضوية المجلس على المقاعد المخصصة لأعضاء الإدارات القانونية، وبفوز أكثر مرشح حصولًا على عدد الاصوات بدائرة كل محكمة استئناف ليكون فائزًا بالمقعد المخصص لدائرة كل محكمة، ثم أعلنت فوز أكثر المرشحين حصولًا على عدد الأصوات من محاكم الاستئناف – بعد استبعاد الفائزين بمقعد كل محكمة استئناف – بباقي مقاعد المجلس، وكان المدعي من المرشحين لعضوية مجلس النقابة العامة على المقاعد المخصصة لأعضاء الإدارات القانونية، حيث حصل على(15242 صوتًا) وهو عدد أقل من العدد الحاصل عليه الفائزين الثلاثة بمقاعد الإدارات القانونية، وقد أقام دعواه الماثلة بغية إلغاء قرار إعلان النتيجة.

وذلك على سند من القول أن اللجنة المشرفة على الانتخابات أخطأت في تطبيق القانون بقيامها بإعلان فوز من هم أقل منه حصولًا على عدد الأصوات من المرشحين على محاكم الاستئناف، إذ كان يتعين عليها – إعمالًا لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما في الدستور – أن تقوم بعد إعلان فوز المرشحين بالثلاثة مقاعد من أعضاء الإدارات القانونية، وبعد استبعاد الفائزين بالمقعد المخصص لدائرة كل محكمة استئناف، أن تضم المدعي والخاسرين على مقاعد الإدارات القانونية إلى باقي المرشحين من محاكم الاستئناف وتقوم بإعلان فوز أكثر سبعة عشر مرشحًا حصولًا على أصوات الناخبين دون التقيد بالفئة التي كان مرشحًا عليها. 

  ولما كان البين من نصوص قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم17لسنة1983 وتعديلاته، أن المشرع أنشأ نقابة المحامين جاعلًا لها الشخصية الاعتبارية وتضم جميع المحامين المقيدين بجداولها، وقد أناط المشرع بالجمعية العمومية ومجلس النقابة تسيير أمور النقابة وممارسة أنشطتها من خلالهما، وقد نظم المشرع في قانون المحاماة اختيار مجلس النقابة عن طريق الجمعية العمومية، إذ يقوم أعضاء الجمعية العمومية للنقابة العامة والمكونة من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ومحكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية باختيار مجلس النقابة العامة عن طريق الاقتراع السري المباشر، وكان البين من نص المادة(131) بعد استبدالها بالقانون رقم147لسنة2019، أن مجلس النقابة العامة يتكون من منصبين، الأول منصب النقيب، والثاني عضوية المجلس (ثمانية وعشرين عضوًا)، علي أن يراعي في انتخابهم أن يكون نصف عدد الأعضاء على الأقل من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض أو محاكم الاستئناف، وأن يمثل المحامون في دائرة كل محكمة استئناف بعضو واحد، وأن يمثل المحامون بالهيئات العامة والوحدات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال بثلاثة أعضاء، وقد حظرالمشرع الجمع بين الترشح لمنصب النقيب والترشح لعضوية مجلس النقابة، كما حظر الترشح لتمثيل أكثر من فئة من الفئات المذكورة في هذه المادة 
ويتم انتخاب النقيب وجميع أعضاء النقابة من الجمعية العمومية للنقابة، وقد أراد المشرع بهذا التنظيم ضمان أن يكون تشكيل مجلس نقابة المحامين متوازنا ممثلا لجميع المحامين باختلاف أطيافهم – سواء علي المستوي الإقليمي أودرجة القيد بالنقابة أو الجهات التي يعملون بها  - بأن يكون لكل فئة صوت داخل مجلس النقابة العامة يكون قادر على عرض مشاكلهم ومتابعة حلها بالنظر إلى الوضع العام للنقابة ولمصلحة كافة المحامين ودون تغليب لمصلحة فئاتهم الخاصة على مصلحة جموع المحامين، فجعل انتخابهم من خلال الجمعية العمومية للنقابة العامة حتى يكونوا ممثلين لجموع المحامين، وإذ قررالمشرع تخصيص ثلاثة أعضاء في مجلس النقابة لتمثيل فئة المحامين بالهيئات العامة والوحدات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال وحظر الترشح لتمثيل أكثر من فئة من الفئات المذكورة في  المادة (131) من قانون المحاماة، إنما جاء ذلك ضمانا لاستقلال المقاعد المحجوزة للمرشحين لهذه الفئة، دون أن يزاحموا المرشحين عن أي فئة أخري، ودون أن يزاحمهم غيرهم في فئتهم ويكون التنافس علي مقاعد العضوية المخصصة داخل كل فئة علي استقلال ؛ ذلك أن كل فئة قائمة بذاتها بين مرشحيها ؛ صونا للحكمة التي تغياها المشرع من وراء هذا التنظيم الدقيق في تشكيل مجلس النقابة العامة حتي لا يخرج مشوهًا غير معبرعن جموع المحامين باختلاف أطيافهم، ولا يعد ذلك من قبيل الإخلال بمبد المساواه وتكافؤ الفرص بين المحامين، إذ لا تكون المساواة وتكافؤ الفرص إلا بين أصحاب المراكز القانونية المتكافئة،بالنظرإلي قلة أعداد المحامين العاملين بالإدارات القانونية بالجهات المشار إليها بالمقارنة بباقي المحامين الذين لا يرتبطون بعلاقة عمل بتلك الجهات، ومن ثم فإن مسلك المشرع علي هذا النحو إنما ينطوي علي تنظيم لإستعمال حق الترشح دون مصادرته أوتقويض لأركانه أو إرهاقه بقيود تنال من فحواه ومضمونه ‘التزاما منه بالضوابط الدستورية  في تنظيم مباشرته،ذلك أن الأصل وفقا لما استقر عليه القضاء الدستوري أن سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها وتكون تخومًا لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، بما مؤداه:أن السلطة التشريعية تباشر اختصاصاتها التقديرية _ فيما خلا القيود التى يفرضها الدستور عليها – بعيدًا عن الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التى انتهجها المشرع فى موضوع معين، ولا أن تناقشها أو تخوض فى ملاءمة تطبيقها عملًا، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التى رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل المشرع ما دام تحقق لدى هذه المحكمة أن السلطة التشريعية قد باشرت اختصاصاتها تلك مستلهمة فى ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام فى شأن الموضوع محل التنظيم التشريعى، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التى حددتها، مرتبطة عقلًا بها.

وبناء علي ماتقدم  فإنه وإذ قامت اللجنة المشرفة على انتحابات النقابة العامة بإجراء الانتخابات وإعلان النتيجة في ضوء الإجراءات سالفة البيان، وكان المدعي لم يكن من بين أعلي ثلاثة مرشحين حاصلين علي أصوات الجمعية العمومية لنقابة المحامين في فئة المحامين بالهيئات العامة والوحدات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال، وإذ تمت الأنتخابات تحت  إشراف قضائي كامل من أعضاء هيئة قضائية – النيابة الإدارية –وخلت الأوراق من أي دليل يقدح في صحة إجراءات التصويت والفرز ورصد الأصوات الحاصل عليها كل مرشح، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه  بعدم اعلان فوزه عضوا بمجلس نقابة المحامين يكون قد جاء متفقًا وصحيح حكم القانون بمنأى عن الإلغاء، الأمر الذي تقضي معه المحكمة برفض الدعوي