طارق الشناوي يكتب: صافع ومصفوع وبينهما أوسكار

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

مع الزمن، من الممكن أن تمحى من الذاكرة أسماء الأفلام الحائزة (أوسكار 94) مثل أفضل فيلم (كودا)، أو أفضل مخرجة جين كامبيون عن فيلم (قوة الكلب) لتصبح ثالث مخرجة فى تاريخ الأوسكار تحصل عليها، بل قد تنسى أيضا جائزة أفضل ممثل ويل سميث عن فيلمه (الملك ريتشارد)، ولكن لن تنسى أبدا تلك الصفعة التى لها مذاق اللكمة، عندما انهال بها سميث على وجه الممثل ومقدم الحفل كريس روك فى حفل توزيع الجوائز بعد أن سخر على الملأ من زوجته جادا سميث، قائلا إنه ينتظرها فى جزء جديد من فيلم (جان) الذى يتناول سيدة حليقة الرأس بعد انضمامها للجيش.. الفيلم بطولة ديمى مور، ونكتشف أن زوجته كانت بالفعل قد أصيبت بمرض الثعلبة فى مرحلة من حياتها وحلقت شعر رأسها، مداعبة ثقيلة جاءت على الجرح، قطعا لا تليق، ولكن أيضا الصفعة مهما كان لها من مبررات لا تليق.

تلك المداعبة كان من الممكن أن تِعدّى فى ظرف آخر، ويقابلها سميث حتى بالصمت، البعض من شدة المفاجأة اعتقد فى البداية أن هذا الموقف العاصف جزء من الحفل متفق عليه بين النجمين للخروج عن المألوف، إلا أن الأمر كان جادا أكثر مما ينبغى، وخرج عن حدود السيطرة بعد أن قال سميث عند عودته لمقعده (اجعل اسم زوجتى بعيدا عن فمك).

الأمر سينتهى، ولكن ستظل هناك عودة له بين الحين والآخر، تضمنت كلمة سميث عند حصوله على (أوسكار) أفضل ممثل نوعًا من الاعتذار لزميله الممثل ومقدم الحفل، وعلى الجانب الآخر فإن مقدم الحفل لن يتقدم بشكوى رغم أن شرطة (لوس أنجلوس) أكدت أنها فى الانتظار لتحقيق العدالة.. اعتذار سميث كان موجها لإدارة الأكاديمية، طالبا منهم أن يوجهوا له دعوة فى المرات القادمة مؤكدا أنه الحب، حبه لزوجته هو الذى دفعه لاستخدام قبضته فى الضرب والصفع.

هامش المزاح على الهواء (ترمومتر) دقيق جدًا، الكلمة تصبح مثل طلقة الرصاص لا يمكن استعادتها بعد خروجها من فوهة المسدس، لا يوجد قطعا تعمّد بل سوء تقدير للموقف.. ويل سميث بديهى كان متوترا ينتظر أن يسمع اسمه مقترنا بالجائزة، وهو قطعا يستحقها، إلا أنه وجد نفسه فى حالة دفاع عن كرامة زوجته.

تسامح الجميع.. مقدم الحفل شعر أنه يستحق الصفعة أو اللكمة.. ويبقى ما موقف الأكاديمية؟، يبدو لى أنها لن تُصدر بيانا لإدانة أحد، لا مقدم الحفل ولا البطل نجم الحفل، ربما تحدث مبادرة ما من أحدهما بعد قليل لتصدير صورة أخرى.

ستجد نفسك بعد مشاهدة تلك الواقعة تتذكر الذى يجرى فى عدد من الفضائيات العربية عندما شاهدنا مقدم برامج يغادر مقعده ويوجه ضربات متلاحقة من السباب والشتائم لضيفه، كما شاهدنا الضيف الذى يتوعد المذيع بأن يجعله (بلبوصا) أمام الأستوديو.

التسامح يقترن بتوافر حسن النية، وهو ما تؤكده كل الملابسات التى تابعناها على مسرح دولبى (كوداك) سابقا، كان هناك رغم العنف حسن النوايا الذى هو أيضا الطريق المفروش للجحيم.

تعوّدنا فى المهرجانات بمختلف توجهاتها أن هناك حدثًا يسرق الكاميرا من الأفلام، مثل بطانة فستان أو ديل فستان أو تسريحة شعر أو كلمة تخرج عن حدود اللياقة، هذه المرة صار لدينا أحدث صيحة (صافع ومصفوع وبينهما أوسكار)!!.

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).