إيمان كمال تكتب: أحمد كمال: الاندماج الكامل فى الشخصية كذب ودجل ومرض نفسى

مقالات الرأي

إيمان كمال
إيمان كمال

أحمد زكى وسعاد حسنى لم يستمرا بسبب الخلل النفسى عكس سميحة أيوب

تدربت على التمثيل منذ الطفولة واعتبر نفسى باحثا فى التمثيل

 

يرتبط اسم الفنان أحمد كمال بفن التمثيل، فهو ليس ممثلًا كبيرا فقط بل مدربا كبيرا أيضا للتمثيل سواء للهواة أو المحترفين، ليصل بالممثلين ومعهم إلى أفضل أداء ممكن.. علاقة كمال بفن التمثيل فى حقيقتها علاقة محبة وارتباط، منذ طفولته وهو يتدرب ويدرس ليتقن أكثر ويصقل موهبته.. الكثير من التفاصيل سنتعرف عليها من أحمد كمال الذى يقدم ورشة تمثيل على هامش المهرجان لشباب الإسماعيلية، كما يتحدث عن حياته وعلاقته المبكرة بالتمثيل.

فى البداية، كلمنا عن تفاصيل قبولك ورشة التمثيل الخاصة بمهرجان الإسماعيلية، ولماذا هى مقتصرة فقط على أبناء المحافظة؟

فكرة الورشة بدأت العام الماضى، بالاتفاق مع الناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية السابق، وعلى أن تكون الورشة فى الدورة الـ٢٣، وبعد تولى المخرج سعد هنداوى رئاسة المهرجان بدأنا ترتيب الورشة لتكون متاحة لطلبة الجامعة والثقافة الجماهيرية.

وتخصيص الورشة لأهالى الإسماعيلية فقط، لأنه من رأيى أن أى مهرجان لا بد أن يكون له علاقة وثيقة بأهالى المحافظة نفسها، فللأسف بعض المهرجانات ليس لها علاقة بأهالى المكان الذى تقام فيه، سواء الإسكندرية لدول حوض البحر المتوسط، والأقصر للسينما الإفريقية، وحتى الإسماعيلية فى الدورات السابقة، علاقة المهرجان ضعيفة بأهالى المحافظة. وهو ما جعلنى أفضل إتاحة الفرصة لأهالى الإسماعيلية، على أن يكون نصف الملتحقين من جامعة قناة السويس -حيث تقام الورشة- والنصف الآخر من الثقافة الجماهيرية.

الورشة هى خطوة مهمة للجميع، للمهرجان، والمشاركين، ولى بشكل شخصى، فأنا متحمس كثيرا أن التقى بشباب الإسماعيلية، وتقديم ما يفيدهم، لأنه نوع من العطاء، ونقل الخبرات للآخر، وهى ثقافة لا نتمتع بها بعكس المناخ الثقافى والفنى فى أوروبا وأمريكا، والذى يعتمد على نقل الخبرات للآخرين، وثقافة العطاء.

بحكم كونك مدرب تمثيل، هل ترى أن هناك كثيرا من المواهب لا تجد من يدعمها، سواء فى القاهرة والمحافظات؟ وكيف يمكن تسهيل فرص اكتشافهم ودعمهم؟

دورى يقتصر على تدريبهم، لكن اكتشافهم مسئولية ودور المؤسسات المجتمعية، والتى يجب أن تعمل على استقبال أصحاب المواهب، وتنمية مهاراتهم، مثل مسارح الدولة، ونقابة المهن التمثيلية، ومركز الإبداع، والثقافة الجماهيرية الموجودة والمتاحة فى كل المحافظات. فلدينا اجتهادات، لكنها غير كافية لاحتضان المواهب، وللأسف لا يمكن أن نكتفى بالدور الذى تقدمه فقط شركات الإنتاج.

وعلى مدار حياتى قابلت مواهب كثيرة، فى محافظات مختلفة، لكن للأسف تقابلهم صعوبات من أجل الحصول على فرصة، خاصة أن محافظاتهم ليس بها أماكن لرعاية المواهب، فلا بد من الانتقال إلى القاهرة، وهو ما يشكل عبئا اقتصاديا، ومحاولة توفير سكن وفرصة عمل، ومواجهة اعتراض الأهل، ممن يرون الفن بنظرة متخلفة.

نحن بحاجة بالفعل لاكتشاف ودعم المواهب، ليس فى التمثيل فقط، لكن فى الكتابة التى نعانى منها لسنوات كممثلين، فنعانى من الشخصيات والموضوعات المكررة، وهو ما يدفعنى كممثل لرفض أدوار مكتوبة بشكل ردىء.

ما خططك لورشة الإسماعيلية؟

مع المبتدئين والطلاب الجدد، أفضل العمل على أساسيات الممثل، وتدريبهم على الإحساس بالجسم، والتركيز، وتدريبات النفس، ومناطق النطق الصحيح، والإحساس بالصوت، وتقديم شخصيات من الحياة، وأقوم بتكليفهم بشكل يومى بأشياء مختلفة، فنتعمد على اللعب أحيانا، والكوميديا، والتراجيديا، لكن كل ذلك فى إطار منضبط، وتعلم العمل الجماعى، وهى أمور مهمة للجميع وليس فقط لمن يرغب فى التمثيل.

نعود للبدايات، وبالتحديد فى منتصف السبعينيات، والتدريب مع الدكتور نبيل منيب فى ورشة تمثيل، كلمنا عن هذه الفترة من حياتك؟

نبيل منيب هو شيخ المدربين، وأول من أقام ورشة مستمرة، وتعلمنا منه معنى فكرة «الورشة»، فهو مؤسس الورش فى مصر، والمحاولات قبله كانت عبارة عن اجتهادات فردية. وخلال ورشته المجانية التى استمرت لسبع سنوات وبشكل مستمر، خرج من الورشة ممثلون ومدربون، مثل أحمد عبدالعزيز وعبلة كامل وأحمد بدير وإلهام شاهين، والمخرج ناصر عبدالمنعم، ومدربو التمثيل أحمد مختار ومحمد عبد الهادى.

بدأت الورشة وأنا طالب فى الجامعة، فكنت معروفا وقتها بأننى ممثل، كنا نتنقل من المسارح لأسطح البيوت، لأى مكان متاح للتجمع، حتى القهاوى من أجل التعلم.

وبالمناسبة فقد بدأت التمثيل فى الابتدائية، وحتى الإعدادى والثانوى، فكان حظى أن التقى فى الطفولة بمدرب التمثيل محمد النبوى، ولذلك اعتبر أننى تأسست كممثل بطريقة صعبة ومركبة، أمارس الفن من الطفولة بشكل علمى ومنضبط، إلى جانب الاجتهاد والدراسة والتدريب، والعمل الجماعى، وهو ما جعل اختياراتى دقيقة.

هل كونك مدرب تمثيل يقلل من فرص عملك كممثل.. أم أنك انتقائى فى أدوارك من الأساس؟

منذ ٢٠١٥ اكتفى بالتدريب فى الجامعات، ومكتبة الإسكندرية، والمهرجانات السينمائية، فلا علاقة إطلاقا للتدريب بعملى كممثل. لكنى لا أقبل دورا غير جيد، أو لا يحمل تحديا وإبداعا.

أشارك فى رمضان المقبل فى مسلسل «المشوار» مع المخرج محمد ياسين والمؤلف محمد فريد، فأنا أحب العمل مع أشخاص إبداعهم قريب منى، ورغم أن العمل اجتماعى وبسيط لكن الموضوع صعب، وبه تحد.

عملت أيضا لفترة كمذيع.. هل هناك علاقة وثيقة بين ملكات المذيع وملكات الممثل؟

بالتأكيد، فهى فترة استفدت منها كثيرًا فى حياتى، واعتبرها مرحلة ثرية، فكنت أقوم بتدريب المذيعين والمذيعات فى ART فى إيطاليا، إلى جانب تقديمى لبعض البرامج، وهى مهارات استفدت منها كثيرًا، بجانب الورش ومشاهدة المسرح والسينما، فاستفدت كثيرا بوجودى فى أوروبا.

أدوارك متنوعة، والشخصيات أداؤها يختلف من عمل لآخر، ما خطوات تحضيرك للشخصية من بعد قبولك العمل وحتى بداية التصوير؟

اقرأ السيناريو أكثر من مرة، وكل مرة بهدف مختلف، فأول مرة اقرأ السيناريو بالكامل، وفى القراءة الثانية وما بعدها أركز على الشخصية، وبعدها اقرأ دورى بشكل منفصل وأجهز له كشكولا للملاحظات والأفكار والخيال والارتجال، فاعتبر نفسى «ممثلا باحثا»، أحب التفكير والبحث عن إجابات. فالموضوع بالنسبة لى عبارة عن رحلة بحث ومذاكرة، لأن ٩٠٪ من عمل الممثل تحضير، و١٠٪ أمام الكاميرا، فالشخصية عندما تظهر يكون لها معالم بداخلنا نحتفظ بها لفترات طويلة وحتى بعد التصوير، حتى تختمر بداخلنا وتنمو وتظهر بطريقتها أمام الكاميرا.

لكنك ضد أن الفنان يتقمص الشخصية بالكامل، فكيف تحتفظ بها خارج التصوير؟

هناك ممثل فرنسى عظيم اسمه «كوكلان الأكبر» قال إن الممثل يكون لديه نوع من المراقبة للشخصية التى يمثلها، وهى مراقبة تحتاج لتيار من الوعى بداخل الممثل، تراقب كل شىء، كالجمهور لو كنت على المسرح، وتفكر فى الحوار، وتعليمات المخرج ومدير التصوير، لتقديم الشخصية بشكل صحيح كروح ومشاعر، ولذلك لا بد أن تكون الشخصية تحت سيطرة ووعى الممثل.

أما مقولة التقمص الكامل فهى كذب ودجل ومرض نفسى، حتى الكبار والعظماء يعتبرون أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة. وإلا لو تقمصت شخصا يرغب فى الانتحار سألقى بنفسى من الدور العاشر بحجة الاندماج.

مثلا فى فيلم «بداية ونهاية» عمر الشريف ضرب الفنانة سناء جميل بالقلم على وجهها، حتى فقدت السمع فى أذنها اليمنى، وعاشت بأذن واحدة. وفى حالة الخلل النفسى للفنان، هو ليس بحاجة لتدريبات ممثل، لكنه بحاجة لعلاج نفسى، مع الاحترام بالتأكيد للمرض النفسى. فأحمد زكى وسعاد حسنى لم يستمرا بسبب الخلل النفسى، فلو لجآ للعلاج لكانا استمرا، بعكس مثلا ممثلة مثل سميحة أيوب.

أعمالك ربطتك بأسماء عشرات من الممثلين وصناع السينما من مختلف الأجيال والخبرات.. هل تتذكر موقفا معينا جمعك بأى ممثل كبير فى وقت بدايتك وكان فاصلا فى مسيرتك المهنية؟

لا أتذكر موقفا محددا، لكن كل الأساتذة الذين عملت معهم كان لهم حضور وثقافة، فمثلا محمود عبد العزيز كان بسيطا وشعبيا وروحه جميلة، وله طريقة فى التعبير عن نفسه، والمخرج داوود عبد السيد إنسان مثقف ولديه حكمة وهو تاريخ كبير. أما الفنانة الكبيرة فاتن حمامة فهى تاريخ عظيم، وكنا وقت التصوير نسعى لمعرفة رأيها فى أغلب الأشياء، فكل شخصية تركت أثرها، والمتعة الحقيقية فى مقابلة شخصيات عظيمة ولها تاريخ كبير ومهم.