«عم محمد»: «نفسي أوفرلها احتياجاتها ومش هسيبها»

120 يومًا ينام بجوارها دون غطاء «في عز البرد».. مسن يضرب الأمثال في حب زوجته المريضة

تقارير وحوارات

عم محمد المسن وزوجته
عم محمد المسن وزوجته الخمسينية المريضة

«الحب يحب البساطة، قلبي وعقلي وعيني يُشهدا على عشقي لك، حتى إذا طال العمر بنا لم أرد غيرك حبيب»، كلمات بسيطة في الحب وحكم قوية ومؤثرة تثبت قوة العلاقة التي هزمت العلاقات الشبابية.

 

«محمد» و«مروة» قصة حب كسرت حواجز اليأس وجعلت للغرام والعشق معنى، فهو حب لا ينتهي عبر سنوات أذبلت وجهيهما وقوّت علاقتهما.

 

فعلى الرغم من انشغال أبنائهم في أمورهم الخاصة وحياتهم، ولم يبق لـ محمد مشرف، 61 عامًا، سوى زوجته الخمسينية المريضة، التي يجوب بها المشوار من شارع لحارة، أو يذهب بها من البيت للمستشفى، السير يرهق صحتها، فاشترى لها كرسيا متحركا ليدفعها إلى المكان الذي تريده، ورحل من عمل لآخر، وظلت زوجته مروة عوض، 50 عامًا، بجانبه طوال 25 سنة زواج، وحان الوقت ليقف بجانبها باقِ حياتها.

 

البداية المؤلمة لمرض «مروة»

 

«الفجر» تواصلت مع «محمد» زوج «مروة» لمعرفة كواليس مرضها والمعاناة التي تسير معه يوميًا.

 

منذ شهر أكتوبر الماضي، أصيبت «مروة» بمشكلات في التنفس بسبب حنجرتها بعد إصابتها بغيبوبة سكر، دخلت على إثرها لمستشفى طنطا الجامعي، وظلت هناك حتى الآن، أجرت خلالها عمليتين بالحنجرة، وتنتظر العملية الثالثة، حسب ما قاله زوجها لـ«الفجر».

عم محمد وزوجته

«وضعناها على جهاز تنفس صناعي، وبعد فترة حدث لها اختناق في صدرها، والأطباء تحدثوا معي بأنه لا بد من إجراء عملية في الحنجرة، وإحنا موجودين في المستشفى من شهر ديسمبر 2021»، هكذا حكى «محمد» معاناة زوجته الخمسينية، وفتح قلبه في محاولة لتدبير ما يحتاجه من مستلزمات لإجراء الجراحة الأخيرة لها.

 

فبعد إجراء زوجته العمليتين الأولى والثانية، من أجل توسيع الحنجرة، تحتاج الآن إلى «أنبوبة» يتم تركيبها بالحنجرة، لتستطيع التنفس من خلالها، وسعرها 5500 جنيه، وهو مبلغ لا يملكه، حسب ما أكده زوجها «محمد».

 

120 يومًا يعيشها «محمد» بين أرجاء المستشفى وطوال هذه الفترة لم يترك زوجته الخمسينية لحظة، على الرغم من كبر عمره، ولكن ما باليد حيلة ولم أقدر على توفير المبلغ المطلوب لشراء الأنبوبة لها، وفقًا لما أوضحه زوجها المسن، الذي يمتلك حب لها يجعله يضحي من أجلها.

 

«محمد» من موظف إلى نجار مسلح

 

ليس من السهل أن تتحول من موظف، إلى عامل باليومية، هكذا وقع في هذه المحنة، ولكن لم يكن لديه خيار آخر، لجلب كل ما تحتاجه زوجته وتوفير كافة المستلزمات اللازمة لها، ولكن مع كبر سنه إلا أنه أصبح ضعيفًا مع الأعمال الشاقة وأصبح لا يقدر على العمل، وتغيرت أحواله عدة مرات، فهو تحول من موظف بالإدارة الزراعية الموجودة بمدينة كوم حمادة بالبحيرة، إلى نجار مسلح، حسب ما قاله «محمد».

 

«عندي 4 أولاد، اثنين منهم على دراعهم شغالين يوم أه ويوم لا، وبنتي تعمل في حضانة، والظروف على قدها»، ولكن الآن مع كبر سني لا أقدر على العمل، خاصة أنني منشغلًا بزوجتي، وفاء وإخلاص تحدث عنهم الرجل الستيني الذي أصبح ضعيفًا أمام الأعمال الشاقة، إلا أنه لم يضعف يومًا واحدًا وأصبح إصراره يزيد يومًا يلو الآخر لتوفير كافة المستلزمات لزوجته المريضة.

عم محمد وزوجته الخمسينية المريضة

طوال عدة أشهر، كان «محمد» وزوجته يمران من أمام عبدالرحمن جمال، أحد البائعين الموجودين بالقرب من المستشفى، يوضح لـ«الفجر»، أنه في فصل الشتاء يرى الرجل الستيني، يجلس على الكرسي منتظرًا زوجته الموجودة بالغرفة، وأحيانًا كان ينام دون غطاء: «هم فعلا محتاجين المساعدة ودخلهم تقريبا منعدم».