كيف استفاد " تُجّار الموت" من النزاعات العسكرية؟

مقالات الرأي

أحمد ياسر
أحمد ياسر

 

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الخامس، وسط خسائر اقتصادية وعسكرية وسياسية على كلا الجانبين، وسط توقعات بأن يطول أمدها في ظل غياب أي أفق لحل دبلوماسي، يقول الناس دائمًا "لا منتصر في الحرب"، لكن بالنسبة لعمالقة الصناعة العسكرية الأمريكية، تعتبر الحرب فرصة عظيمة لتحقيق أرباح ضخمة ورفع أسعار أسهمهم،   حيث أصبحت النزاعات العسكرية أو التوترات الجيوسياسية  آلات لطباعة الأموال لتجار الأسلحة الأمريكيين.

ويبدو أن شركات الصناعة العسكرية الأمريكية لديها إجماع على أن الجهود الدبلوماسية غير مربحة، ولكن وراء ذلك تكمن فرصة جني الأرباح.

وفي الوقت نفسه، وفي مواجهة التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، قامت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بتعديل سياساتها الدفاعية، وخلق فرص عمل جديدة للعمالقة العسكريين الأمريكيين، وليس هناك شك في أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا سيدفع الدول الأعضاء في الناتو إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، نظرًا لأن منظمة حلف شمال الأطلسي تستخدم عددًا كبيرًا من الأسلحة الأمريكية، فإن جزءًا كبيرًا من عقود الدفاع لأعضائها ستفوز به الشركات الأمريكية.

وبالرجوع إلي ذاكرة التاريخ، سنري نمو النفقات العسكرية الأمريكية بشكل كبير في العقدين الأولين من هذا القرن، خاصة بعد الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، مما أدى إلى زيادة تجارة الأسلحة العالمية.

فمنذ بداية الحرب في أفغانستان في أواخر عام 2001، بلغ إجمالي إنفاق البنتاغون أكثر من 14 تريليون دولار، ذهب ثلثها إلى نصفها إلى متعاقدين عسكريين، وفقًا لورقة بحثية نشرها معهد واتسون للشؤون الدولية  في جامعة براون.
حيث فاز خمسة من كبار الموردين العسكريين الأمريكيين، وهم لوكهيد مارتن، وبوينج، وجنرال دايناميكس، ورايثيون، ونورثروب جرومان، بما يتراوح بين ربع وثلث جميع عقود البنتاغون في السنوات الأخيرة، ومما  لا شك فيه أن شركات السلاح هي أكبر المستفيدين من ارتفاع النفقات العسكرية الأمريكية في حقبة ما بعد 11 سبتمبر.

ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، قال جيمس تايكليت، الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن الأمريكية العملاقة للصناعة العسكرية، في يناير، إن المنافسة بين القوى الكبرى ستؤدي إلى نمو قوي في ميزانيات الدفاع وجلب المزيد من الأعمال للشركة، بالإضافة إلي أن التوترات في أوروبا الشرقية أظهرت للشركة فرصًا تجارية جديدة.

حيث ارتفعت أسهم الشركات العسكرية الأمريكية الكبرى بشكل كبير منذ اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، ونمت أسهم شركة  لوكهيد مارتن بنحو 25٪، كما قفزت أسهم شركات نورثروب جرومان وجنرال دايناميكس، بنسبة 16.4٪ في نفس الفترة.  

فبعد اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستقدم مساعدات عسكرية يصل مجموعها إلى 350 مليون دولار إلى أوكرانيا،  وقدم الرئيس الأمريكي  جو بايدن  مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 200 مليون دولار من، في 12 مارس الماضي، بالإضافة إلي 800 مليون دولار إضافية في 16 مارس،  وتأتي تلك الأموال ضمن مشروع قانون الإنفاق الذي وقعه بايدن في 11 مارس،  ويتضمن 13.6 مليار دولار كمساعدات جديدة لأوكرانيا.

وبصرف النظر عن إثارة الحروب وخلق توترات جيوسياسية، فإن خلق قوى إستراتيجية متعارضة، ومتنافسين، ومايسمي بنظريات التهديد، هي وسائل مهمة للبنتاغون وتجار الأسلحة لزيادة الإيرادات وبسبب هذا، تم تصوير الصين على أنها "التهديد الأكبر" للولايات المتحدة،، وأثار البنتاغون مخاوف بشأن القوة العسكرية للصين، في تقرير استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2022، ووصف "منافسة القوى العظمى" بأنها أكبر تهديد لأمن الولايات المتحدة ونفوذها العالمي.

لكن تقييمات "التهديد" التي تهدف إلى زيادة النفقات العسكرية الأمريكية لا تستند إلى التحديات القائمة، مثل الإرهاب العالمي وكوريا الشمالية وإيران، بل تستند إلى بعض المخاطر المبالغ فيها.