خبراء ..تراجع الجنيه أمام "الدولار" طبيعي مثل باقي عملات الأسواق الناشئة

"الدولار" يضغط على الجنيه.. و"المركزي" يفرض ضوابط صارمة للحد من استنزاف العملة

الاقتصاد

بوابة الفجر

عاد الدولار الأمريكي للضغط على الجنيه،  مسجلا  ارتفاعات جديدة خلال الأيام الماضية، بعدما انحسرت مكاسبه عقب قرار تصحيح قيمة العملة في مارس الماضي؛ على اثر ارتفاع الضغوط عليها كباقي عملات الأسواق الناشئة.

 

وارتفع سعر “الدولار” أمام الجنيه فى منتصف مارس الماضي  15% إلى مستويات 18.54 جنيه عقب زيادة البنك المركزي أسعار الفائدة 100 نقطة أساس، ثم تراجع بعدها للهبوط إلى مستويات 18.31 جنيه.

 

وبدأ  الدولار الدخول  فى موجة ارتفاعات منذ تعاملات الأسبوع الماضي وحتى الأمس الاثنين  بقيمة  بلغت 14 قرشا؛  ليصل  فى أكبر بنكا حكوميين الاهلي ومصر إلى 18.37 جنيه للشراء، و18.45 جنيه للبيع، وتجاوز في بعض البنوك تلك المستويات مثل بنك القاهرة الذي سجل فيه أعلى أسعار  للبيع عند 18.48 جنيه.

 

تراجعات طبيعية تتعرض لها عملات الاسواق الناشئة 

 

وقال محمد حسن العضو المنتدب لـ "بلوم مصر لإدارة الأصول"، إن التراجعات التي يتعرض لها الجنيه أمام الدولار طبيعية في مثل هذا التوقيت الذي تعاني فيه جميع عملات الأسواق الناشئة من هبوط نتيجة للحرب الروسية الاوكرانية وتشديد الفيدرالي الأمريكي السياسية النقدية التي دفعت  الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين نحو موجة نزوح غير مسبوقة من تلك الأسواق.

 

وزاد الضغط على الجنيه المصري، منذ تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت من تكلفة استيراد السلع  مع ارتفاع اسعارها عالميا، وتراجع ايرادات الدولة من بعض مصادر النقد الأجنبي مثل القطاع السياحي. 

 

و ينظر عدد من بنوك الاستثمار العالمية إلى ان قيمة الجنيه أمام الدولار حاليا لا تعكس قيمته الحقيقة، وبمجرد تخفيف الضغط عليه بتراجع الطلب على الدولار، وزيادة حصيلة الدولة الدولارية ستنخفض تدريجيا.

تراجعات لن تستمر 

 

وتابع محسن، " قيمة الجنيه لن تستمر في التراجع، لدينا احتياطات نقدية قوية قادرة على دعم قيمة العملة، بالإضافة إلى  ضخ استثمارات عربية مرتقبة  تعزز مواردنا من العملة الصعبة وتحافظ على استقرارها."

 

وأعلن صندوق أبوظبي السيادي اعتزامه ضخ استثمارات لشراء شركات مدرجة بالبورصة المصرية بقيمة 2 مليار دولار، وجددت السعودية وديعة بقيمة 5 مليار دولار لدى البنك المركزي،  ووقع صندوق الاستثمارات العامة السعودي  اتفاقية باستثمار 10 مليار دولار،  واتفقت قطر على ضخ استثمارات بقيمة  5 مليار دولار.

 

وأشار "حسن"، إلى أن أهم ما يميز تلك الاستثمارات  أنها ستوفر دولار للاقتصاد، دون أن  تحمله بأعباء مالية يستلزم سدادها مستقبلا.

 

وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس، إن القيمة الحقيقة للدولار مقابل الجنيه عند 17.50 وليس أعلى من ذلك.

 

وتعتزم مصر إتمام اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولى؛ دون فرض أي أعباء اقتصادية على المواطنين، بعد سلسلة ناجحة من الاتفاقات السابقة خلال مختلف الأزمات.

 

قيود لمنع استنزاف “ الدولار” 

وقد لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي في عام 2016 لاقتراض 12 مليار دولار، ضمن برنامج إصلاح اقتصادي  نجح البرنامج في  الحفاظ على توحيد سعر العملة أمام الدولار والقضاء على السوق السوداء، وجذب الاستثمارات الأجنبية الغير مباشرة، ثم عادت في عام 2020 لاقتراض 8 مليار دولار لدعم اقتصاد البلاد في أزمة كورونا ونجحت في استعادة ثقة الاستثمار الأجنبي، وتعافى معدلات نمو الاقتصاد لتسجل 8.2% خلال الربع الثاني من العام المالي الجاري مستعيدا معدلات نموه قبل الأزمة.

 

 

وقال محرم هلال رئيس  اتحاد المستثمرين،  إن انخفاضات التي تشهدها قيمة العملة نتيجة لضغوط خارجية على الاقتصاد المصري، وليست لأسباب خارجية، ما يجعلنا نتفائل  بأن مجرد إنتهاء  الأزمة سيعاود الدولار الانخفاض.

 

 

وأضاف " هلال" لـ" الفجر"، " عندما تشهد تخارجات استثمارات في يوم واحد من قبل الأجانب بقيمة 15 مليار دولار، من الطبيعي أن يهتز الاقتصاد، وكان على البنك المركزي التحرك لمواجهة تلك الأزمة باتخاذ إجراءات جريئة لتصحيح قيمة العملة بخفض قيمتها لجذب ثقة الاستثمار الأجنبي من جديد، وتوقيع قرض جديد مع صندوق النقد الدولي.

 

وأشار "هلال" إلى أن من الطبيعي في التوقيت الحالي أن يرشد البنك المركزي عمليات الاستيراد،  بالتركيز على استيراد السلع الاساسية فقط، وتجنب استنزاف احتياطيات البلاد النقدية في تمويل عمليات استيراد الكماليات والسلع الرفاهية.

 

وفرض البنك المركزي  إجراءات  للحد من استنزاف الدولار،  مثل إنهاء الاستيراد بواسطة مستندات التحصيل، وتنفيذها عن طريق الاعتمادات المستندية، والتى تفرض رقابة صارمة على البضائع المستوردة من قبل البنوك، وتطلب توفير 100% من قيمة الشحن قبل استيرادها.

 

 وكان البنك المركزي اعلن انخفاض الاحتياطي النقدي خلال مارس الماضي من 45 مليار دولار إلى 37 مليار دولار، وأرجع السحب من الاحتياطي النقدي لتغطية عمليات الاستيراد وسداد الديون.