حكم نهائي ينصف عاملا أصيب بعجز ففصلته الإدارة ورفضت علاجه

حوادث

المدعى والقاضي
المدعى والقاضي

قضت المحكمة الإدارية العليا فحص بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من الجهة الإدارية ضد العامل محمد رجب أحمد وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة القاضى المصرى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغًا مقداره خمسين ألف جنيه  تعويضًا ماديًا وأدبيًا عن الأضرار التي أصابته من جراء قرارها بإنهاء خدمته لعدم اللياقة الطبية بسبب إصابته بالعجز أثناء العمل ورفضها علاجه على نفقتها، وامتناعها عن تنفيذ حكم لصالحه، وحقه في المعاش والحقوق التأمينية الأخري وألزمتها المصروفات.


‎وفى جلسة اكتظت بالمتقاضين تقدم المدعى محمد رجب أمام القاضى المصرى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وقال:" سيدى القاضى جهة الإدارة أنهت خدمتى لعجزى عن العمل بسبب عدم اللياقة الطبية لإصابتى إصابة عمل  بعد أن سقطت من على سلم الإدارة واُصيبت في العامود الفقرى وكسر أسفل عظمتي الساعد الأيمن، وضعف في قبضة اليد اليمنى واختناق أعصاب نفس اليد، والتهاب عظمة غضروف بالرسغ  دون أى حقوق مالية ولا أى علاج على نفقتها، وامتنعت عن تنفيذ حكم سابق لصالحى وبقيت زى خيل الحكومة أعدمونى وظيفيًا، وأنا رجل فقير بستلف أجرة السكة " ثم نطق القاضى بالحكم لصالحه وألزم الإدارة بتعويضه بمبلغ 50 ألف جنيه، وبعد النطق بالحكم   قال العامل وهو يبكى للقاضى " نفسى أبوس التراب اللى بتمشى عليه لأنك شيلت وجيعة من جسمى ودى كبيرة ورديت كرامتى المعنوية بعد ما كنت مدفون من الحياة عشان أعرف أعيش وبعد ما خدوني سليم ورمونى مكسر".


قالت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أنه نظرًا لقدسية الأحكام القضائية فقد تضمن الدستور أن الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائى أو تعطيل تنفيذه من جانب الموظف المختص بمثابة جريمة جنائية يعاقب عليها بالحبس والعزل وفقًا لحكم المادة (123) من قانون العقوبات، بحسبان أن الحكم القضائى هو عنوان الحقيقة، ويتعين على جهة الإدارة المبادرة إلى تنفيذه، احترامًا للحجية القضائية المقررة له، فإن امتنعت الإدارة عن تنفيذ الحكم دون وجه حق أو تعمدت تعطيل تنفيذه، كان مسلكها مخالفًا للقانون، واُعتبر ذلك بمثابة قرار سلبى يمس الحجية القضائية المقررة للحكم، مما يحق معه لذوى الشأن الالتجاء إلى القضاء الإدارى لإلغائه والتعويض عنه، ذلك أنه عندما يحسم القضاء موقفًا ويصدر حكمه القاطع فلا يجوز لجهات الإدارة التراخى فى تنفيذه، ولا يجوز أن يكون تنفيذه معلقًا على مشيئتها، بل يجب أن تلتزم باحترامه خضوعًا وامتثالًا، بحسبان أن تنفيذ الاحكام هى التمكين للعدل والأمن والاستقرار. 


وأضافت المحكمة أن  ما حسمه القضاء هو الحق والعدل والانصاف، لذا وضعت كافة الشرائع قاعدة تعلو على كافة القواعد القانونية وتسمو عليها هى قاعدة " حجية الأمر المقضى " وتعنى أن ما نطق به الحكم القضائى هو عنوان الحقيقة،وهو أصل من الأصول القانونية تمليه الطمأنينة العامة وتقضى به ضرورة استقرار الحقوق والروابط الاجتماعية والرغبة فى وضع حد للخصومات، وأن امتناع الإدارة عن تنفيذ الحكم يزعزع الثقة فيها من جانب المواطنين وبهذه المثابة فإنه من المصلحة العليا للبلاد أن تخضع جهات الإدارة لأحكام القضاء وتصدع لحجيته، حتى تظل سيادة القانون إحدى القيم التى تحكم مسيرة المجتمع نحو التقدم والتطور.
وأشارت المحكمة أن المدعى كلفته الإدارة بالإسكندرية أثناء خدمته بأداء بعض الأعمال إلا أنه أثناء العمل سقط من علي سلمها واُصيب بالعمود الفقري وعجز بذراعه الأيمن، ولحقت به أضرار مادية وأدبية نتيجة اصابته أثناء الخدمة، حيث تمثل الضرر المادي في حرمانه من البطاقة العلاجية ومن ثم حرمانه من تلقي الخدمات الطبية والعلاجية اللازمة لعلاج اصابته بسبب الخدمة خاصة وأنه يعاني من أثار عملية قديمة بالساعد الأيمن أدي إلى اصابته بكسر أسفل عظمتي الساعد الأيمن، وأنه يعاني من ضعف في قبضة اليد اليمني وكذلك اختناق أعصاب نفس اليد، ويعاني من التهاب عظمة غضروف بالرسغ  وهي الاصابات التي لحقته أثناء خدمته بالجهة الإدارية، وكان يتوجب علي تلك الإدارة أن ترد الجميل لمن أحسن عملًا في خدمتها وهو في حاجة دائمة إلي علاج دوائي وعلاج طبيعي، وفقًا للتقارير الطبية الحكومية المرفقة،وهو ما يشكل ركن الخطأ فى جانبها فى أبشع صوره وأنكى معانيه.


وانتهت المحكمة أن المدعي أجرى العديد من التحاليل والأشعة وشراء الأدوية رغم ضيق ذات اليد،وما تكبده من جهد ومشقة وما أنفقه من مصروفات في سبيل متابعة دعواه والحصول على حكم قضائي إلا أن الإدارة مضت فى غيها وامتنعت عن تنفيذ حكم قضائى سابق لصالحه فأصبح بيديه هشيمًا تذروه الرياح وهى تملك من وسائل التنفيذ مقتدرًا مما حاق به ضررًا ماديًا، وأما الضرر الأدبي فتمثل فيما علق بنفسه من شعور بالظلم وبيده حكم قضائي وترفض الإدارة تنفيذه وكأنها قد أهلكته بريحٍ صرصرٍ عاتية بعد عناء ومشقة وهو الضعيف المجرد من كل ذى سلطان فاعتصم بالحق وهرول لباب العدالة الذى لا يوصد فى وجهه طارق، وقد تكاملت مسئولية الإدارة وألزمتها المحكمة  بأن تؤدي للمدعي تعويضًا ماديًا عما لحقه من أضرار مادية وأدبية جراء ذلك وتقدره المحكمة بمبلغ خمسين ألف جنيه.