طارق الشناوي يكتب: «زومبى».. هل يكسب التهريج؟

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي

جمهور العيد هم شريحة طارئة على دور العرض، لا يتجاوز حضورها أكثر من أسبوع حتى تتبدد (العيدية) ويعاودون الحضور مجددا مع أقرب (عيدية)، هؤلاء هم رهان المنتج أحمد السبكي عندما جمع بين من أطلقت عليهم (الميديا) «نجوم مسرح مصر» وأضاف إليهم المطرب الشعبي (رضا البحراوي)، الذى أصبح يحقق رواجا في الشارع، ولم ينس كعادته أن يضيف قليلا من محمود الليثي (تميمة) أفلام السبكي.



نجوم مسرح مصر هم مشروع أشرف عبد الباقي قبل نحو 8 سنوات، ما يقدمونه حالة أقرب للاسكتش الارتجالي.. أتيحت لهم فرص متعددة في كل المجالات: مسرح، سينما، تليفزيون، إذاعة.. كما أنهم قدموا عروضهم في أكثر من دولة عربية. في آخر عامين، بدأ الرهان على عدد منهم فرادى، والأكثر تواجدا حمدي الميرغني، ومصطفى خاطر، ومحمد ثروت، رغم أن البداية كانت مع على ربيع، ولم يسفر الأمر عن تقديم فنان كوميدي يحقق قفزة جماهيرية مثل تلك التي شاهدناها في الماضي مع محمد هنيدي ومحمد سعد وأحمد حلمي، بينما لا يزال رقم (نجوم مسرح مصر) مترنحًا بعيدًا بمسافات شاسعة عن وصفه بالقفزة، رغم أنهم لا يزالون في الميدان.

كان ينبغي أن أشاهد فيلم العيد الثالث (زومبي)، ولم أجد سوى كرسي في الصف الأول، ومع بداية (التترات) شعرت بصف الكراسي ينتفض بعدد متصاعد من الاهتزازات معدل مقياس (ريختر).. اعتقدت في البداية أنها أعراض زلزال، دققت النظر، فاكتشفت أن من يجلس بجواري هم عدد من الأطفال استبد بهم الضحك الهستيري الذى دفعهم إلى ضربات متلاحقة على أرض السينما، رهان صُناع الفيلم على جمهور (العيدية).. وكما يفجرون (البُمب) في وجوهنا يفجرون العيدية.

حتى الآن وعلى مدى أربعين عاما، أعتبر أن من الشروط الأساسية للمهنة عدم التعالي على ذوق الناس، وترقب وتأمل الجمهور.. وعندما أطلب من تلاميذي في كلية الإعلام مشاهدة الأفلام، وأستمع إلى أحدهم يقول لي (لم أستطع إكمال الفيلم بسبب ضعف مستواه)، أعتبره قد فشل في (سنة أولى صحافة).. أول شروط هذه المهنة الجَلَد والصبر على كل مكروه.

أضع هذا الفيلم في إطار سينما (قليلة التكلفة)، أول ملامحها يتطلب البُعد عن الاستعانة بنجوم الملايين، وإذا حدثت في بعض التجارب الاستعانة بنجم أجره يقع في دائرة الأصفار الستة، فإنه يتعاقد في إطار شخصية درامية محددة بعدد قليل من أيام التصوير طبقا لسيناريو بطبيعة تكوينه لا يستند إلى مساحات طويلة للأبطال.

فى دور العرض لا توجد عدالة مطلقة في توزيع الأفلام على الشاشات.. كان نصيب فيلم (زومبي) العدد الأقل، الترقب للنجاح كان محدودا، ومع بداية العروض تابعنا تغيرا في المواقف على أرض الواقع، صار للموزع بالاتفاق مع صاحب دور العرض إمكانية إعادة (تفنيط) الأفلام على مدار اليوم، والمؤشر هو الإيرادات، بمجرد الإحساس بأن السهم يرتفع مع أحد الأفلام تفتح له شاشات أكثر.

كان فيلم (زومبى) يحل ثالثا وبمسافة شاسعة عن فيلمى حلمى (واحد تانى) وأحمد السقا ومنى زكى (العنكبوت).. في معركة العيد، لا يوجد فيلم يملك حق البقاء طويلا، وهكذا تتحرك خريطة دور العرض تبعا لتوجه الناس، ومنحت السينما التي تعودت الذهاب إليها عددا من الحفلات الإضافية لـ(زومبى) لم تكن في البداية ضمن الخطة المقررة سلفا.

أفلام ومسلسلات الزومبى بها الكثير من الدماء، حاول المخرج عمرو صلاح أن يخفف من وطأة العنف وألغى أي مشاهد بها وحشية، واستعان بعدد من فناني (مسرح مصر): على ربيع وحمدي الميرغنى وكريم عفيفي وويزو، وأضاف لهم الوجه الجديد هاجر أحمد مع المخضرمين محمد محمود وسامى مغاورى وعارفة عبدالرسول وعلاء مرسى، وأيضا عمرو عبدالجليل، الذى صار وجوده أحد شروط الاعتراف بالفيلم الكوميدى.. يشعرك عمرو أنه لا يلتزم بحوار مكتوب، ودائما ما يرتجل، على اعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها، وهو من أهل مكة.

(اللعب ع المكشوف) أحد شروط هذه الأفلام، نقدم لك الأغنية الشعبية والنكتة وشوية رعب، إلا أنه في واقع الأمر منزوع الرعب.. وهكذا صار اسمهم (عضاضين) وليسوا مصاصي دماء.

لا أعتقد أن هناك من سيصمد من الأفلام الثلاثة بعد العيد، وتباعا سوف تتبدد.. يبقى أن هذا هو أول موسم سينمائي بعد كورونا، دبّت الحياة مجددًا في السينما وأخرجت دور العرض لسانها لكورونا في تحدٍّ سافر، بينما أخرجت الأفلام الثلاثة لسانها للجمهور في تحدٍّ أكثر سفورًا!!.

ويبقى السؤال: هل يتم تعميد على ربيع نجمًا للشباك؟.. كل الفرص التي حصل عليها لم يتجاوز فيها النجاح الرقمي درجة ع (الحُرُكرُك)، فهو لم يفشل تماما بدليل تكرار الرهان عليه، إلا أنه أيضا لم يحقق النجاح الطاغي الذى تشهد به الجماهير.. وهكذا سيظل وحتى إشعار آخر فى تلك المنطقة الهلامية (ع الحُرُكرك)!!.

[email protected]

المقال: نقلًا عن (المصري اليوم).