د. مصطفى ثابت يكتب: الحوار الوطني وطريق مصر إلى المستقبل (3)

مقالات الرأي

الدكتور مصطفى ثابت
الدكتور مصطفى ثابت

إنّ الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، لا يعتبر مجرد دعوة لتحقيق توافق بين التيارات السياسية الحالية فقط، أو إرضاءً لفئات سياسية معينة، أو منفذًا وبوابة لحلحلة متاريس الأزمة الاقتصادية، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة أو ما يطلق عليه اختصارًا "FDI"، ولكن إلى جانب كل ذلك هو فرصة ذهبية لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة، حتى لا تتعرض مصر للاختطاف مرة أخرى، ولذلك لا مناص من بذل كل الجهد لإنجاح هذا الحوار، ولكي ينجح، هناك عدة نقاط يجب الاهتمام بها، ومنها دور التكنولوجيا، وتطبيق مخرجات الحوار، وإلقاء نظرة على تجارب سابقة.

 

اقرأ أيضا..  د. مصطفى ثابت يكتب: الحوار الوطني وطريق مصر إلى المستقبل (1)

 

وعن دور التكنولوجيا في تفعيل الحوار، يجب ألا يتوقف الحوار الوطني على وقت معين، بل نقترح أن يكون مستمرًا عبر آليات تكنولوجية يتم الاتفاق عليها، وهنا نذكر بأن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، سبق وأن أدار حوارات من هذا النوع بمبادرة منه سواء على صفحات الأهرام قبل 2011، من خلال مقالات رأي كتبها قادة القوى السياسية، أو عبر ما شهدته موائد المركز من عديد اللقاءات وجلسات الحوار بين أطياف المجتمع، وكانت تلك اللقاءات المسجلة ترتبط بقانون الطوارئ وقوانين العمل السياسي المقيدة للحريات على اختلافها، وأثمر ذلك كله عن عديد المنشورات والكتب التي امتلأت بها المكتبة المصرية، وفي هذا الصدد، نؤكد أن الأكاديمية الوطنية تقوم بهذا الدور بشكل جيد، ويمكن التقديم على المشاركة في الحوار من خلال الرابط التالي اضغط هنا، ورغم هذا المجهود المشكور، إلا أننا نريد التوسع فيه أيضا.


وعن تنفيذ مخرجات الحوار، يجب أن نضع آلية زمنية يتفق عليها لتنفيذ ما اتفق عليه، والذي يجب أن يكون بالتوافق العام، وليس بالأغلبية ولا مانع من طرح كل ذلك لحوار مجتمعي عام، محدد المحدة، حتى لا تنفلت عجلة الزمن.

 

اقرأ أيضا.. د. مصطفى ثابت يكتب: الحوار الوطني وطريق مصر إلى المستقبل (2)

 

 

أما بالنسبة للنماذج الدولية السابقة للحوار الوطني، فهناك أكثر من ذولة عربية تم إجراء حوار وطني بها بهدف إعادة بناء مؤسسات الدولة وديمقراطيتها، إلا أنها جميعًا باءت بالفشل:

فلو تحدثنا عن نماذج للدول القائمة بالفعل مثل لبنان؛ فإن إجراء الحوار الوطني فشل بسبب عدم ثقة الأحزاب والطوائف بعضها بعض، ما يؤدي دائما إلى فشل أي حوار، فالطبقة السياسية التي تتحكم في لبنان منذ زمن بعيد وتحديدًا منذ اغتيال رفيق الحريري، ولا يوجد ثقة بين الأطراف السياسية.

أما في السودان، فأطلق رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق عبدالفتاح البرهان، الدعوة لحوار وطني يجمع جميع الأطراف السياسية عدا المؤتمر الوطني، مشيرًا خلال إفطار أقامه أحد أعضاء مجلس السيادة، إلى أنه سيطبق إجراءات تهدف لتهيئة المناخ للحوار الذي سيسعى لمعالجة الأزمة السياسية في السودان، بما فيها الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، فضلًا عن سعي بلاده لمراجعة حالة الطوارئ مع الإبقاء على بعض البنود الخاصة بحالة الاقتصاد.
وقد أكد في دعوته أن السودان يمر بمرحلة تقتضي الحوار والتنازل من أجل الوطن، إلا أن دعوة البرهان للحوار باءت بالفشل، فالقوى السياسية تطالب بحكم مدني خالص بعيدًا عن العسكريين، أما مجلس السيادة فيؤكد دائمًا على الحوار وأنه لن يسلم السلطة إلا بانتخابات وتوافق، ما يشير إلى انعدام الثقة وشكوك لدى المدنيين في تصريحات أعضاء مجلس السيادة وعلى رأسهم عبدالفتاح البرهان، ورغم تدخل عدة أطراف دولية وإقليمية كالأمم المتحدة والرباعية الدولية لإيجاد حلول، إلا أن الاحتجاجات والتظاهرات هي السمة البارزة في المشهد السوداني.
الفشل في الوصول إلى حوار داخلي أدى لتدخل الآلية الثلاثية المشتركة المتمثلة في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيفاد، والتي أشارت إلى التحضير لحوار سوداني سوداني، وخطوات إكمال المؤسسات الانتقالية والترتيبات الدستورية، وحددت الآلية الثلاثية الإقليمية والدولية المشتركة لحل الأزمة السياسية في السودان 4 قضايا أساسية للحوار تشميل الترتيبات الدستورية والاتفاق على معايير محددة لاختيار رئيس الوزراء، فضلًا عن بلورة برنامج للتصدي للاحتياجات العاجلة، وجدول زمني محدد بدقة لإجراء الانتخابات.

كما فشل أيضًا الحوار في تونس، الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد، والذي أشار فيه إلى أنه سيكون مع «الصادقين والشرفاء» ومع كل طرف وقف مع تونس، على حد تعبيره، في إشارة إلى إقصاء حركة النهضة الذراع السياسي للإخوان في تونس، حيث أعلن الاتحاد العام للشغل (أكبر فصيل مؤثر في البلاد)، رفضه لأي حوار بخصوص الإصلاحات، إذا كان هذا الحوار يهمش القوى السياسية والاجتماعية، ويتضمن قرارات معدة مسبقًا، في تعليق على تصريحات الرئيس قيس سعيد الأخيرة.