عبد الله السناوى: مصر فى حاجة لحكومة سياسية لإدارة المرحلة الحالية

العدد الأسبوعي

عبدالله السناوى
عبدالله السناوى

ليس لدينا أحزاب سياسية حقيقية ونفتقد لجيل جديد من السياسيين الشباب

حديث جمال مبارك عن البراءة غير كافِ والسياسة ليس بها «عفا الله عما سلف»

 

الكاتب الصحفى والمفكر السياسى عبدالله السناوى وضع فى حواره مع «الفجر» روشتة لنجاح الحوار السياسى، تقوم بالأساس على ضرورة الوصول منه لتفعيل الدستور، فيما يخص الحريات العامة وحقوق المواطن، والإفراج عن المحبوسين فى قضايا رأى حتى لو احتاج ذلك لقرار سيادى، ما دام لم يتورطوا فى تحريض أو المشاركة فى عنف أو إرهاب، وهو ما يبعث رسالة أمل وطمأنينة أن حرية الرأى مكفولة.

 

■ هل الحوار الوطنى بداية طريق للخروج من الأزمة الراهنة بأقل خسائر؟

- أنا لا أستخدم الحوار كمنصة لمحاكمة النظام ولا أريد أن يكون منصة للدعاية السياسية والتصفيق، ولكننا نبحث عن أمل جديد، الحوار الوطنى جزء منه يعمل على وقف أى تدهور فى الملف الاجتماعى وإعطاء أمل للناس أن الأمور قد تتحسن فى المستقبل أو الأحوال المعيشية، وتعدد الأصوات ليس عيبًا بل أمر إيجابى لأننا ظللنا فترة طويلة نسبيًا نعانى من تغيب السياسة فى الإعلام، وعودتها مرة أخرى تجعل الناس تعبر عن نفسها وتطرح رؤاها فى كافة القضايا التى تخدم الوطن.

■ بين متفائل ومتشائم تنقسم المعارضة حول الحوار الوطنى.. فى تقديرك أى اتجاه سيسير فيه الحوار الوطنى؟

- الحوار هو تبادل للرؤى وتنافس سياسى وفتح المجال العام، ومسألة التفاؤل والتشاؤم مما نقبل عليه ليست موجودة فى الحوار، ويجب التحرك حتى نشعر بالتغير فيوجد مقاومة غير معلنة داخل الدولة نفسها من فكرة الرئيس فى إجراء حوار وطنى، ولكن قطاعات واسعة من الرأى العام مرحبين بفكرة الحوار ويتكلمون فى التنفس السياسى والانفتاح النسبى وما سينتج عنه.

■ وما روشتة نجاح الحوار الوطنى؟

- يجب التفرقة أولًا بين الدولة والنظام، فالنظام يمكننا أن نختلف معاه كما نريد، ولكن الدولة لا يصح الخلاف عليها لأنها تشمل الجميع ويجب الحفاظ على الدولة من أى اضطرابات، ثانيًا يجب أن يكون هناك إفراجات واسعة للمحكوم عليهم سياسيًا فى قضايا رأى وتعبير والعودة لحياتهم وأعمالهم، ما دام لم يثبت فى حقهم أنهم متورطون فى قضايا عنف أو إرهاب، سواء عن طريق العفو الرئاسى وهو حق الرئيس أو عن طريق النائب العام أو من خلال تعديل قانون الحبس الاحتياطى، وهذا نعتبره مقدمة لحوار وطنى حقيقى، بالفعل يمكن أن يكون هناك تأخير فى إجراءات الإفراج بعض الشىء ولكن الإفراج حتى وإن كان كل يوم واحد فأنا متفائل وأصدق الإجراءات فى تحسين البيئة العامة وأرى إنها خطوة مهمة وكبيرة، فنحن لا نتحاور على رفع مظالم ولكننا فى هذا الحوار نتوافق، وأنا مستعد لدعم الحوار بأقصى قوة لأجل خروج كل يوم شخص واحد على الأقل من المسجونين فى قضايا الرأى والتعبير.

■ كيف ترى الوضع الاقتصادى الحالى بعد الأزمات والاضطرابات المتكررة؟

- الحفاظ على الدولة من أى اضطرابات يحتاج إلى مناقشات وحوارات، والحوار الوطنى ضرورى ومهم جدًا لالتفاف الدولة وضخ دماء جديدة فى بنية المجتمع ويحدث نوع من أنواع التفاهم العام على مواجهة التحديات الخطيرة التى يمكن أن تترتب على الأزمة الأقتصادية أو تترتب على الأوضاع فى مصر والعالم، نحن ننظر إلى العالم بزاوية الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على الأقتصاد ودفعنا ثمن تلك الأزمة، ولكن علينا أن ننظر إلى العالم أنه يوجد ترتيبات وقوة والعلاقات الجديدة سوف يطلها حراك اقتصادى وإذا لم تكن بيئة المجتمع متماسكة سوف تحدث عواصف غير منظورة.

■ هل ترى السياسات الخارجية لمصر تحقق أهدافها؟

- نحن نحتاج إلى هيكلة السياسة الخارجية المصرية ومعرفة مواطن الخطر، هناك ثلاث قوة إقليمية كبرى وهى مصر وإيران وتركيا ومن مصلحة مصر تخفيف التوتر مع تركيا والحديث مع إيران ومعرفة نقاط الخلاف ونقاط الاتفاق وأين هى المصالح المشتركة، نحن الآن نحاول تخفيف التوتر مع تركيا ولكن الإجراءات لم تستكمل، ونحاول الحديث مع إيران ولكن فى الخفى وليس معلن عنها دبلوماسيًا، لو كان هناك تماسك أوسع وفى نموذج آخر فى العلاقات السياسية الخارجية، من الممكن الوصول إلى نتائج غير منظورة وأن تكون مصر قوة كبرى فى الإقليم.

■ فى رأيك ما الجمهورية الجديدة التى نحتاجها؟

- نحن أكثر دولة لا تحترم الدساتير فى صياغة القوانين والحريات العامة، لذا ملامح الجمهورية الجديدة هى الجمهورية الدستورية التى تلتزم بالدستور الذى ينص على حريات واسعة وحقوق اقتصادية واجتماعية وفصل بين السلطات الثلاث القضائية والتنفيذية والتشريعية. وأن يكون الحكم الوحيد فى الجمهورية الجديدة هو الدستور، ولا أحد يجتهد خارج الدستور، إذا كان الدستور يتحدث عن التعددية السياسية هى أساس نظام الحكم يجب أن يكون هذا واضحًا فى تشريعاته وقوانينه.

■ كيف ترى الوضع الصحفى وحرية الصحافة فى وقتنا الحالى؟

- هناك تراجع صحفى، والصحافة تحتاج إلى حرية فهى مهنة الحرية، وتحسين صورة البلد والنظام العام أمام الخارج لا يحدث إلا بحريات الصحافة والتنفس السياسى والتعبير عن الرأى، نص السياسة كلام لذا التنفس السياسى والتعبير مطلوب، ونشهد الآن تحولًا نسبيًا محدودًا فى الفضائيات.

■ ما رأيك فى الحكومة الحالية؟ وهل نحتاج إلى تغييرها؟

- عيب الحكومة الحالية إنها غير سياسية وهى حكومة «تكنوقراط» تفهم فى تخصصاتها على حساب الحياة السياسية نفسها وليس بها أى مواهب سياسية، وتعد استنساخًا لفكرة السكرتارية فى عصر جديد، ونحن نحتاج فى الوقت الحالى حكومة سياسية لأن الحكومات هى التى تدير الحوار العام.

■ فى تقديرك.. ما دور الكتلة الشبابية فى الوقت الحالى؟

- لا يوجد أحزاب سياسية حتى الآن حاضنة للشباب، ولا يوجد أحزاب بالمعنى الفعلى التى تتحرك ولها أهداف وتعقد مؤتمرات وبرامج ومخرجات مع الكتلة الجماهيرية الشعبية، والدليل على ذلك لا يوجد حتى الآن حركة طلابية تنشئ جيلًا جديدًا من السياسيين الشباب.

■ ما رأيك فى الحديث الأخير لجمال مبارك وتبرأ عائلته من قضايا امتلاك أصول خارجية؟

- الحديث الأخير لجمال يحمل رسائل موجهة لكل من طعن فى الذمة مالية له ولعائلته وإرثه السياسى، يرى أنه برىء ويستطيع مواصلة العمل السياسى وحرصه على دوره السياسى المستقبلى للعودة مرة أخرى سواء الآن أو فى أى وقت آخر، ولكن المشكلة هنا أنه لم تتم مساءلة حقيقية للرئيس الراحل مبارك خلال عهده الذى استمر ٣٠ عامًا حيث كان يوجد استخفاف بهيبة الجيش وأن الدولة يحكمها مجموعة صفقات اقتصادية.

■ نفهم من ذلك أن البراءة التى حصل عليها من الخارج تشير إلى رجوعه للعمل السياسى مرة أخرى؟

- هو كمواطن مصرى ما دام توافرت فيه الشروط القانونية والدستورية فهو من حقه أن يدخل المجال العام السياسى، ولكن المهم أن يكون فى قواعد، ومن الضرورى المساءلة عن الماضى والمحاسبة عن ثروته، وسؤاله من أين لك هذا ولماذا وضعت العائلة الأموال فى بنوك خارجية وليست بنوك مصرية، السياسة ليس بها «عفا الله عما سلف».

ومعنى دخوله فى المجال السياسى، أننا لم نتعلم شيئًا من التجربة التى حدثت نستطيع أن نعتَد بها، آخر ١٠ سنوات لمبارك، البلد كانت قد شٌلت لآن كان هناك رئيس ووريث يوازى الرئيس، والنجل الأصغر ليس له وضع دستورى ولكنه كان يطلع على تقارير سيادية ويقود أمورًا اقتصادية ويدير صفقات كاملة ما أدى إلى حدوث صراعات حينها واختلت الدولة، ولكن المشير طنطاوى وزير الدفاع السابق لم يكن يخفى رفضه للتوريث، لأن هذا يهدم ثوابت الجمهورية ومخالف دستوريًا.