هبة حسن تكتب: "باشوية طلعت حرب"

ركن القراء

هبة حسن
هبة حسن

طلعت حرب هذا الزعيم الوطني الاقتصادي الذي أجمعت القلوب على حبه، فكان اسمه يتردد على كل لسان وملئ اسمه الأسماع، ولازال يحظى باحترام الكثيرون، فهو صاحب تنفيذ فكرة الاستقلال الاقتصادي "ممثلة في إنشاء بنك مصر وشركاته الصناعية والتجارية الكبيرة" ومحاولة فك ربط الاقتصاد المصري من تبعية الاحتلال البريطاني الذي أنهك اقتصاد البلاد لفترات طويلة...
وقد مُنح الزعيم طلعت حرب لقب باشا في افتتاح أحدى وأكبر شركاته الهامة " شركة مصر للغزل والنسج بالمحلة الكبرى " حيث افتُتحت رسميًا في ٢٣ مارس عام ١٩٣١، وقد دعت إدارة الشركة "الملك أحمد فؤاد الأول" لافتتاح الشركة، ثم طاف طلعت حرب بصحبة الملك بمغازل ومناسج مصانع الشركة ومعداتها المختلفة التي تشمل مساحة مقدراها نحو مائة فدان، وبعد أن قضى الملك ساعتين كاملتين في السير على قدميه ممتعًا قلبه بهذه النهضة الصناعية العظيمة، وقد عجب وسر سرورًا كبيرًا لما رأى، فقد خاطب الملك طعلت حرب بلقب الباشوية وقال له وهو يصافحه: " أنا ممتن يا طلعت باشا " ثم صافحه مرة أخرى وقال له " أنا متشكر كتير، مبروك يا طلعت باشا "، فكان هذا النطق الملكي بمثابة إنعام عليه برتبة الباشوية. 
والجدير بالذكر أن طلعت حرب حصل على رتبة الباشوية مقابل مجهود مضني سنوات طويلة، وكان من المعروف أن الملك أحمد فؤاد كان يشعر بغيرة شديدة من شعبية طلعت حرب وأن طلعت حرب نفسه كان يشعر بالاستياء من عدم مساندة القصر الملكي لبنك مصر، بل أن طلعت حرب كان مستاءًا أيضًا من الملك أحمد فؤاد الأول لقيامه بمنح أحمد عبود باشا الباشوية قبل أن يمنحها له، بالرغم من أن دوره الاقتصادي القومي كان أكبر من عبود باشا، ولكن بالطبع طلعت حرب لم يكن يبحث على مجرد اللقب ولكن تقديرًا لجهوده العظيمة لاستقلال اقتصادنا، بدليل أن طلعت حرب كان يستطيع الحصول على الباشوية منذ زمن طويل فإذا أراد لتمكن من ذلك دون عناء، عندما عُرضت عليه وزارة المالية أكثر من مرة وفي أكثر من وزارة فكان يعتذر عن منصب الوزير الذي يقترن به لقب باشا، مما يدل على سمو طلعت حرب وهدفه الأساسي ألا وهو العمل على استقلال البلاد اقتصاديًا للتمكن من الاستقلال سياسيًا من وطأة الاحتلال.