اعرف نبيك (18).. الرحمة المهداة للبشرية

إسلاميات

بوابة الفجر

 

الرحمة المهداة


قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )الأنبياء 107 لولاه لنزل العذاب بالأمة ولاستحققنا الخلود بالنار ولضعنا في مهاوي الرذيلة والفساد والانحطاط ( وما كان الله معذبهم وأنت فيهو وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فوجوده أمان لنا من النار ومن العذاب. 

قال ابن القيم في جلاء الأفهام: إنّ عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته:
أمّا أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة.
وأمّا أعداؤه المحاربون له: فالذين عجّل قتلهم وموتهم خيرٌ لهم من حياتهم لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر.
وأمّا المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظلّه وعهده وذمته، وهم أقل شرًّا بذلك العهد من المحاربين لهم.
وأمّا المنافقون: فحصل لهم بإظهار الإيمان حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم.
وأمّا الأمم النائية عنه: فإن الله سبحانه وتعالى رفع برسالته العذاب العامّ عن أهل الأرض.
فأصاب كل العالمين النفع برسالته. انتهى
قال أبو بكر بن طاهر: زين الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة، فكان كونه رحمة، وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق، فمن أصابه شيء من رحمته فهو الناجي في الدارين من كل مكروه، والواصل فيهما إلى كل محبوب، ألا ترى أن الله يقول: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )، فكانت حياته رحمة، ومماته رحمة، كما قال عليه السلام: حياتي خير لكم وموتي خير لكم وكما قال عليه الصلاة والسلام: إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطًا وسلفًا. وقال السمرقندي: رحمة للعالمين: يعني للجن والإنس. وقيل: لجميع الخلق، للمؤمن رحمة بالهداية، ورحمة للمنافق بالأمان من القتل، ورحمة للكافر بتأخير العذاب. قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو رحمة للمؤمنين وللكافرين، إذ عوفوا مما أصاب غيرهم من الأمم المكذبة.
وحكى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: هل أصابك من هذه الرحمة شيء ؟ قال: نعم، كنت أخشى العاقبة فأمنت لثناء الله عز وجل علي بقوله: ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين [ سورة التكوير / 81: الآية 20 ـ21].
و روي عن جعفر بن محمد الصادق ـ في قوله تعالى: فسلام لك من أصحاب اليمين. أي بك، إنما وقعت سلامتهم من أجل كرامة محمد صلى الله عليه وسلم.
عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل الله علي أمانين لأمتي، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار. وقال عليه السلام: أنا أمان لأصحابي. قيل: من البدع. وقيل: من الاختلاف والفتن. قال بعضهم: الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأمان الأعظم ما عاش، وما دامت سنته باقية فهو باق، فإذا أميتت سنته فانتظر البلاء والفتن.