اعرف نبيك (21)..علو منزلته ورفعة مكانته وذكره

إسلاميات

بوابة الفجر


قال القاضي عياض في كتاب الشفا: قال تعالى (ورفعنا لك ذكرك) قال يحيى بن آدم: بالنبوة (أي رفع اللهُ للنبي ذكرَه بالنبوة). وقيل: إذا ذكرت ذكرت معي قول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وقيل: في الأذان [ 8 ].

شريف منزلته صلى الله عليه وسلم

 قال القاضي أبو الفضل: هذا تقرير من الله جل اسمه لنبيه صلى الله عليه وسلم على عظيم نعمه لديه، وشريف منزلته عنده، وكرامته عليه، بأن شرح قلبه للإيمان والهداية، ووسعه لوعى العلم، وحمل الحكمة، ورفع عنه ثقل أمور الجاهلية عليه، وبغضه لسيرها، وما كانت عليه بظهور دينه على الدين كله، وحط عنه عهدة أعباء الرسالة والنبوة لتبليغه للناس ما نزل إليهم، وتنويهه بعظيم مكانه، وجليل رتبته، ورفعه وذكره، وقرانه مع اسمِه اسمَه. 

قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله  وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل عليه السلام،فقال: إن ربي وربك يقول: تدري كيف رفعت ذكرك ؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: إذا ذكرتُ ذكرتَ معي.

 قال ابن عطاء: جعلت تمام الإيمان بذكري معك،  وقال أيضًا: جعلتك ذكرًا من ذكرى، فمن ذكرك ذكرني، وقال جعفر بن محمد الصادق: لا يذكرك أحد بالرسالة إلا ذكرني بالربوبية، وأشار بعضهم في ذلك إلى الشفاعة،  ومن ذكره معه تعالى أن قرن طاعته بطاعته واسمه باسمه، فقال تعالى: أطيعوا الله والرسول، وآمنوا بالله ورسوله، فجمع بينهما بواو العطف المشركة. 

ولا يجوز جمع هذا الكلام في غير حقه عليه السلام.


قال الله تعالى: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون [ سورة الحجر / 15: الآية 72]. اتفق أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله جل جلاله بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم، وأصله ضم العين، من العمر، ولكنها فتحت لكثرة الاستعمال، ومعناه: وبقائك يا محمد وقيل: وعيشك  وقيل: وحياتك.

نهاية التعظيم

 وهذه نهاية التعظيم، وغاية البر والتشريف. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما خلق الله تعالى، وما ذرأ، وما برأ نفسًا ـ أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره.
وقال أبو الجوزاء: ما أقسم الله تعالى بحياة أحد غير محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه أكرم البرية عنده.
وقال جعفر بن محمد: من تمام نعمته عليه أن جعله حبيبه، وأقسم بحياته، ونسخ به شرائع غيره، وعرج به إلى المحل الأعلى، وحفظه في المعراج حتى ما زاغ البصر وما طغى، وبعثه إلى الأحمر والأسود، وأحل له ولأمته الغنائم،وجعله شفيعًا مشفعًا،وسيد ولد آدم، وقرن ذكره بذكره، ورضاه برضاه، وجعله أحد ركني التوحيد.