خبير جيولوجي يقدم حلولا لمشكلة انخفاض منسوب المياه في بحيرة "فنطاس"

أخبار مصر

جفاف بحيرة فنطاس
جفاف بحيرة فنطاس

تعتبر بحيرة "فنطاس" بواحة سيوة واحدة من أشهر المعالم الأثرية القديمة وإحدى المزارات السياحية على مستوى العالم في الوقت الحالي وليس في مصر فقط والتي أثارت غضب الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب صور لها توضح انخفاض منسوب المياه، مما يؤكد على وجود مشاكل بالواحة أدت إلى انخفاض المنسوب بالبحيرة. 

سبب انخفاض منسوب المياه في بحيرة "فنطاس"

وكشف الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عن سبب انخفاض المياه في بحيرة "فنطاس" مؤكدًا أن السبب يتمثل في الاستهلاك الجائر للمياه من الآبار الموجودة في واحة سيوة مما تسبب في نفاذ المياه الموجودة في الطبقة الجيرية "القريبة من السطح" وبالتالي انخفاض منسوب المياه في بحيرة فنطاس، لافتا إلى أن زيادة السحب من المياه الجوفية أكثر من المطلوب يؤدي هذا إلى زيادة الملوحة في المياه موضحًا أن ملوحة المياه في الحجر الجيري تكون أعلى بسبب تأثير الحجر الجيري على المياه. 

وقال  شراقي في تصريحات خاصة لـ"الفجر" إن واحة سيوة تعتمد على المياه الجوفية فقط لعدم وجود أنهار بها كما أن نسبة الأمطار بها قليلة جدا، موضحا أن المياه الجوفية بالواحة تنقسم إلى نوعين، النوع الأول  يتواجد في "الحجر الجيري" على أعماق قريبة تحت سطح الأرض تصل إلى ١٠٠ متر تقريبًا، والنوع الثاني من المياه يتواجد في الخزان الرئيسي والذي يسمى "بحجر الرملي النوبي" ويتواجد في الصحراء الغربية مؤكدًا أن المياه بالحجر الرملي النوبي جودتها جيدة جدا كما أنه يتواجد على عمق من ١٠٠٠ إلى ١٣٠٠ متر  تحت سطح الأرض. 

     

وأضاف أستاذ الجيولوجيا أن الطبقات الجيولوجية الموجودة على السطح والقريبة منه تكون عبارة عن صخور جيرية والصخور الجيرية لا تشرب المياه ولا تعمل على تكوين مياه جوفية مثل الحجر "الرملي النوبي" المتواجد على عمق أكبر موضحًا أن من أحسن الطبقات التي تكون المياه الجوفية هي الطبقات الرملية "البعيدة عن السطح" وتتميز بسهولة سحب المياه منها، لكن الصخور الجيرية هي صخور صلبة وتكون المسام بها دقيقة وحركة المياه بها ضعيفة مما يتسبب في تواجد المياه في المناطق التي بها ثقوب أو تشققات فقط موضحا أن المياه تتواجد في هذه التشققات مشيرا إلى أن عمر المياه بهذه التشققات قصير ومعرض للنفاذ سريعا على غرار المياه الموجودة في الحجر الرملي الذي يتواجد على عمق أبعد من سطح الأرض. 

خطورة التشققات في الحجر الجيري بواحة سيوة 

ونوه شرقي إلى أن التشققات الموجودة في الحجر الجيري بالواحة أمر طبيعي جدا ولا يوجد بها خطورة موضحًا أن هذه التشققات تكونت نتيجة الزلازل أو حمل زائد  لافتا إلى أن المياه تتواجد في هذه التشققات وتكونت بها نتيجة الأمطار القديمة والسيول ودون هذه التشققات لا تتكون المياه الجوفية، مؤكدًا أن هذه التشققات ليست لها خطورة ولكن الخطورة تتمثل في السحب الجائر من هذه الآبار حيث أن المياه الموجودة في تلك الآبار غير متجددة  وكانت تعتمد على الأمطار قديما والآن لا توجد أمطار بهذه المناطق. 

جهود وزارة الموارد المائية والري في حل أزمة جفاف بحيرة فنطاس

وأشار شراقي إلى أن وزارة الري ترى الحل في حفر آبار عميقة من الخزان الرئيسي في الحجر الرملي النوبي على عمق ١٠٠٠ متر تقريبا بهدف أن يستخدمها المزارعين في الري وبالتالي يقل السحب من الآبار الموجودة في السطح ويعود منسوب المياه بالبحيرة إلى طبيعته لافتا إلى أنه يجب في جميع الأحوال الترشيد في سحب المياه من هذه الآبار سواء كانت آبار جيرية أو رملية ومراعاة المسافة بين الآبار وأن يكون حفر البئر بتصريح من الجهة المسئولة "وزارة الري"  بعد إجراء الدراسات اللازمة في تحديد أماكن حفر هذه الآبار وتحديد كمية المياه التي تسحب يوميا حتى لا يؤثر ذلك بالسلب. 

تركيب عدادات لمراقبة السحب من الآبار

 ولفت أستاذ الموارد المائية إلى أن وزارة الري قامت بتركيب عدادات لمراقبة السحب في بعض الآبار بالإضافة إلى تزويد الآبار بخاصية السحب عن طريق مواتير تعمل بالطاقة الشمسية فقط بالنهار، موضحًا أنها بذلك تجبر المزارع على ترشيد المياه وعدم إستعمال البئر على مدار ٢٤ ساعة مؤكدا على الدور العام لوزارتي الري والزراعة في توجيه وتوعية وإرشاد المزارعين.  

حلول إضافية لمواجة أسباب انخفاض منسوب المياه بالبحيرة 

وعن إمكانية وجود حلول وإجراءات إضافية لمواجهة إنخفاض منسوب المياه في بحيرة "فنطاس" أكد شراقي أنه يجب تطوير الزراعة ونوعية المحاصيل وطرق الري بالواحة، مشيرًا إلى أنه لا يجوز الري بالغمر في الواحة بسبب أن التربة رملية وجيرية وتستهلك كمية كبيرة من المياه عكس التربة الطينية في الدلتا مؤكدًا على أهمية إدخال طرق الري الحديثة بجانب نوعية المحاصيل حيث يجب الابتعاد عن زراعة الأرز والمحاصيل التي تستهلك كمية كبيرة من المياه ولا بد أن يتم ذلك في وجود رقابة وإرشاد وتوعية من وزارتي الري والزراعة بجانب التوسع في تحلية المياه.  

معالجة مياه الصرف الزراعي وإعادة إستخدامة

ولفت  شراقي إلى أنه من الحلول الجذرية أيضًا هو إدخال تقنية معالجة مياه الصرف الزراعي بالواحة وإعادة استخدامه مرة أخرى للزراعة، قائلا:  أنا أرى استخدام هذه التقنية في الصحراء أهم من استخدامها في الدلتا " مضيفا أن معالجة المياه تعمل على تقليل نسبة الأملاح بالمياه كما أن تكلفتها ليست كبيرة مقارنة بماء البحار موضحا أن نسبة الأملاح في هذه المياه من ٣٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ في المقابل تصل نسبة الأملاح بماء البحر إلى ٣٥٠٠٠ مضيفا أنه يجب أن يكون هناك رقابة في عدد الآبار والمسافة بينهما  والسحب الجائر من المياه.