من واقع الأوراق..

المحكمة في قضية رشوة "الصحة":  طليق الوزيرة استخدم نفوذه بمساعدة الابن المدلل

حوادث

وزيرة الصحة السابقة
وزيرة الصحة السابقة

أودعت محكمة جنايات القاهرة، حيثيات حكمها بمعاقبة محمد الأشهب -طليق وزيرة الصحة السابقة هالة زايد- بالسجن المشدد  10سنوات وتغريمه 500 ألف جنيه لقيامه بطلب رشوة 5 ملايين جنيه مقابل استغلال نفوذه في الوزارة ومحمد بحيري مدير عام التراخيص بالمؤسسات العلاجية غير الحكومية، بالحبس سنة مع الشغل ومصادرة الأوراق المزورة الخاصة بإجراء المعاينة التي أثبت فيها وجود غرفتي الرعاية المركزة والطوارئ بمستشفى خاص بالتجمع بالطابق السفلي البدروم حال تحريره تقرير المعاينة وذلك لإصدار ترخيص مؤقت بتشغيل المستشفى مع علمه بتزوير التقرير، وإعفاء السيد الفيومي وحسام الدين فودة من العقاب، وذلك في القضية المعروفة إعلاميا بـ " رشوة وزارة الصحة ".
 

قالت المحكمة في حيثيات حكمها برئاسة المستشار أسامة الرشيدي وعضوية المستشارين فتحي الشاوري وسامح سعيد بحضور محمد حسين وكيل النيابة بأمانة سر وائل فراج إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة تتضمن أن الشاهدين الأول والثاني وآخرين أرادوا استثمار أموالهم في مصر، فلم يجدوا أيسر وأربح من إنشاء مستشفى، فأنفقوا الملايين من الجنيهات من أجل تحقيق مرادهم ليقينهم أن الطريق إلى جني المال من مثل هذه المشروعات ممهد والعائد منه كبير، فأقاموا مستشفى أسموه دار الصحة بأحد المنتجعات السكنية الفاخرة بالقاهرة الجديدة، وبمجرد تشييد المبنى وتجهيزه بمعدات وأسرة وعدد من الكوادر الطبية والإداريين، قاموا بتشغيله واستقبال المرضى من داخل مصر وخارجها دون المبالاة بعدم حصولهم على ترخيص تشغيل المستشى من الجهة المؤتمنة على صحة المصريين وهي وزارة الصحة، واستمر الحال لسنوات- مرضى يتوافدون على المستشفى للعلاج وإجراء العمليات الجراحية في غياب الجهات المختصة المفترض أنها تشرف وتراقب وتحاسب-، حتى حدث ما لم يكن في الحسبان بوفاة أحد المرضى المحتجزين بالمستشفى جراء إصابته بفيروس كورونا، فتقدم أهله بشكوى لوزارة الصحة تضررا من إهمال الجهازالطبي بالمستشفى، ففوجئت الطبيبة جيهان فؤاد مدير إدارة العلاج الحر بالوزارة أثناء فحصها الشكوى عدم وجود مستشفى بهذا الاسم في سجلات المستشفيات، فانتقلت إلى مكان المستشفى لتفاجئ بأنه مكتظ بالمرضى والعاملين والأطباء ويدارمن الباطن دون علم الوزارة، فعادت وأخطرت رؤسائها الذين أصدروا قرارا بغلق المستشفى، وعندما حاولوا تنفيذ القرار اعترض ملاك المستشفى، كيف وقد أنفقوا ملايين الجنيهات على إنشائه أن تكون مواصفاته لا تتوافق بعضها مع المعايير الفنية الواجب اتباعها- لكن ذلك في نظرهم يسير فقد اعتاد البعض على مخالفة اللوائح والقوانين ووقر في يقينهم أن كل شئ يمكن تمريره بطرق ملتوية ومن وراء ظهر الجهات المختصة- فتفق ذهنهم إلى أنهم يمكنهم وقف تنفيذ قرار غلق المستشفى واستصدار قرار بتشغيله بالوساطة والمحسوبية أو بما يتيسر من التكلفة فهداهم أهل الشر إلى ان المتهمين الثاني السيد عطيه الفيومي والثالث حسام الدين فودة أصحاب الخبرة في النفاذ إلى أيدي وضمائر الموظفين العموميين الفاسدين، فانتهزا حاجة ملاك المستشفى الملحة إلى إنجاز مرداهم وقدما لهم المتهم الأول محمد الأشهب الأخصائي بشركة مصر للتأمين على الحياة "في حكم الموظف العام"، باعتباره المنقذ والمخلص لهم من ورطتهم وعرضا عليه الأمر فطلب لقاء أصحاب المستشفى للتفاهم معهم ثم أخبرهم بعد أن استمع إليهم أنه أمر عليه يسير وكيف لا وهو صاحب السطوة والنفوذ في وزارة الصحة لكونه زوج الوزيرة وقد اعتاد على إنجاز مثل هذه الأعمال تارة بمعرفته وتارات أخرى بواسطة ابنه سيف الذي لا يرفض له العاملون بالوزارة طلبا خشية غضب والدته الوزيرة، بيد أنهم –ملاك المستشفى ممثلين في الشاهدين الأول والثاني- بهتوا لما أخبرهم الأشهب وريبياه الثاني والثالث –وسيطي الرشوة- أن ثمن استعمال نفوذه لتحقيق مرادهم هو خمسة ملايين جنيه، منها لاستصدار ترخيص التشغيل المؤقت واثنان للحصول على شهادة الجودة – وأدركوا وقتها أنهم أضحوا في ورطة عظيمة وأنهم بين شطري الرحى وبين أمرين أحلاهما مر إما أن يدفعوا هذا المبلغ الباهظ للأشهب أو يرفضوا فيقعوا فريسة بين براثن صاحب السطوة والنفوذ في الصحة وعرضه لانتقامه منهم وتعطيل كل أعمالهم عقابا على عدم استجابتهم له، فلم يجدوا أمامهم- مكرهين- سوى سلوك طريق إبلاغ الرقابة الإدارية عن الواقعة باعتباره طريق السلامة الوحيدة من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه.

تلقى رجال الرقابة الإدارية البلاغ الذي قدمه لهم الشاهدان الأول والثاني وطلبوا منهما مسايرة المتهمين الأشهب وصديقيه فيما طلبوه منهما تحقيقا لغرضهم الإجرامي فتظاهروا بالموافقة على طلب الأشهب، وإنفاذا للاتفاق وأثناء تنفيذ إدارة العلاج الحر التي يترأسها هشام زكي في تنفيذ قرار غلق المستشفى توجهت الموظفة لاتخاذ الخطوات التمهيدية للغلق فاتصل أصحاب المستشفى بالأِشهب الذي طمأنهما بأن ذلك لن يحدث وأن أحدا لايجرؤ على ذلك ما دام هو معهم، وأجرى اتصالا بالموظفة لدى تواجدها بالمستشفى صدره بأنه زوج الوزيرة وطلب منها وقف تنفيذ قرار الغلق فأخبرته بضرورة مخاطبة رئيسها رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية ففعل، فاتصل بها رئيسها طالبا منها مغادرة المستشفى ووقف تنفيذ قرار الغلق، فنفذت التعليمات التي مورست عليها تحت ضغط، وبعد أن أظهر الأشهب لملاك المستشفى سطوته ونفوذه داخل وزارة الصحة طالبهم بالحصول على جزء من ثمرة استغلال نفوذه التذي مارسه على المسئولين بها فقدما له مبلغ 200 ألف جنيه حولت لحسابه في أحد البنوك ومبلغ 400 ألف جنيه تم تحويلها لشركة تطوير عقاري كجزء من مقدم ثمن فيلا.

أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها، أن الأشهب المتهم الأول حتى يضمن تحقيق النتيجة التي وعد ملاك المستشفى بها استخدم كل أوراقه فاستعمل ابنه سيف النافذة كلمته لدى المسئولين بالوزارة وأوعز إليه أن يتصل بمدير مكتب والدته الوزيرة – الصادر منها تعليمات إليه بأن لا يرد لابنها قولا- ففعل الابن المطيع وأوصى الموظف أن يصدر تعليماته لمن بيدهم الحل والعقد بدواليب الوزارة أن يسهلوا لملاك المستشفى أمورهم وينهوا إجراءات ترخيص التشغيل مهما كانت العقبات، فاستجاب الموظف وأصدر التعليمات للمسئولين مؤكدا لهم أنها توجيهات الابن المدلل للوزيرة، فأذعنوا خشية أن ينزل بهم غضب صاحبة السلطان، فصدرت تعليمات للمتهم الرابع أن يترأس لجنة لإعادة معاينة المستشفى وكتابة تقرير بعدم وجود مخالفات يكون مسوغا لإصدار ترخيص التشغيل فلبى الرجل التعليمات الصاصدرة إليه ودون تقريرا انتهى فيه إلى أن قسمي الطوارئ والرعاية المركزة تم نقلهما من الطابق أسفل الأرضي "البدروم" إلى الطابق العلوي على خلاف الحقيقة وأنه تم إزالة جميع المخالفات التي كانت تشكل عائقا لإصدار ترخيص التشغيل وعرض التقرير على مرؤوسيه الذين رفعوه إلى اللجنة المختصة لإصدار ترخيص التشغيل، إلا أن هيئة الرقابة الإدارية كانت تتابع وترصد كافة التحركات وتفاصيل الجريمة التي حاكها المتهمون وتمكنت من إحباطها وألقت القبض على الجناة متلبسين بالصوت والصورة وقدمتهم النيابة إلى المحاكمة عما ارتكبوه من إثم.
 

قرار إحالة المتهمين للمحاكمة العاجلة 
 

كان قد أمر المستشار حمادة الصاوي النائب العام بإحالة أربعة متهمين للمحاكمة الجنائية؛ لاتهام أولهم بطلبه لنفسه مبلغ خمسة ملايين جنيه وأخذه منه ستمائة ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالكَيْ مستشفى خاص بوساطة متهمَيْنِ آخرَيْنِ مقابل استعمال نفوذه للحصول من مسئولين بوزارة الصحة على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق المستشفى لإدارتها بغير ترخيص، وإعداد تقرير مزور يُثبِت -على خلاف الحقيقة- عدم وجود أي مخالفات بها، وقد أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير. 

وقد أقامت النيابة العامة الدليل بالدعوى من أقوال ثلاثة عشر شاهدًا من بينهم مالِكَا المستشفى اللذان أبلغا هيئة الرقابة الإدارية بواقعة الرشوة فور طلبها وسايرا المرتشي بإذن من النيابة العامة حتى تمام ضبطه، فضلًا عن إقرارات المتهمَيْن الاثنيْن اللذين توسطا في الرشوة، وفحص هواتف المتهمين المحمولة المضبوطة وما ثبت بها من مراسلات أكدت ارتكاب الواقعة، وكذا اطلاع النيابة العامة على جميع تقارير المعاينة الخاصة بالمستشفى الصحيحة منها والمزورة، والاطلاع على مستندات بنكية تُثبت واقعة تقديم مبلغ الرشوة، علاوة على ما تأيَّد في ذلك من مشاهدة واستماع النيابة العامة لقاء ومحادثات أذنت بتسجيلها.
 

وكشفت أوراق القضية عن أن المتهم الأول طلب لنفسه مبلغ 5 ملايين جنيه وأخذه 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة من مالكَي مستشفى خاص بوساطة متهمَيْنِ آخرَيْنِ، مقابل استعمال نفوذه للحصول من مسئولين بوزارة الصحة على قرارات ومزايا متعلقة بعدم تنفيذ قرار غلق المستشفى لإدارته بغير ترخيص.

وجاء من بين المخالفات إعداد تقرير مزور يثبت- على خلاف الحقيقة- عدم وجود أي مخالفات بذلك المستشفى، وقد أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير، فى القضية المعروفة بـ "رشوة وزارة الصحة" التي حملت رقم 14320 السنة 2021 جنايات قسم التجمع الخامس المقيدة برقم 1718 لسنة 2021 كلي القاهرة الجديدة والمقيدة برقم 2284 لسنة 2021 حصر أمن الدولة العليا المقيدة برقم 334 لسنة 2021 جنايات أمن الدولة العليا.

نص قرار إحالة المتهمين في قضية رشوة وزارة الصحة للجنايات
 

وجاء في نص قرار إحالة المتهمين الصادر من نيابة أمن الدولة العليا إلى محكمة الجنايات:" بعد مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات تتهم النيابة العامة، " محمد.ع"، 58 سنة- أخصائي أول بشركة مصر للتأمين عن الحياة، و"السيد ع" 69 سنة، طبيب  ومالك مستشفى الفيومي " حسام  ع" السن 59، موظف عمومي سابق و"محمد أ" السن 50. طبيب؛ مدير عام الإدارة العامة للتراخيص بالإدارة العامة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية "العلاج الحر" لأنهم خلال الفترة من التاسع عشر من سبتمبر 2021 حتى الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 بدائرة قسم التجمع الخامس محافظة القاهرة أولًا: المتهم الأول: طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرارات ومزايا؛ حال كونه في حكم الموظف العمومي، بأنه طلب من "ص.م"، وأحمد م"- بوساطة المتهمين الثاني والثالث مبلغ خمسة ملايين جنيه على سبيل الرشوة، أخذ منه ستمائة ألف جنيه مقابل استعمال نفوذه بالتدخل لدى المختصين بوزارة الصحة والسكان للحصول لهما على مزية بعدم تنفيذ القرار الصادر بغلق مستشفى دار الصحة، ملكيتهما- لإدارتها بغير ترخيص، وقرار بتشكيل لجنة من الإدارة العامة للمؤسسات العلاجية الغير حكومية العلاج الحر" لإعادة معاينة المستشفى؛ وإعداد تقرير يتضمن عدم وجود ملاحظات فنية بها؛ تمهيدًا لإصدار التراخيص اللازمة لتشغيلها؛ وشهادة جودة لها، وكان ذلك حال كونه أخصائي جودة أول بالإدارة العامة للجودة بشركة مصر لتأمينات الحياة، على النحو المبين بالتحقيقات.

وأضاف قرار الإحالة أن المتهمين الثاني والثالث توسطا في رشوة من في حكم الموظف العمومي لاستعمال نفوذه للحصول من سلطة عامة على قرارات ومزايا، بأن توسطا في جريمة الرشوة موضوع الاتهام الوارد بالبند أولًا على النحو المبين بالتحقيقات.

وأشار قرار الإحالة إلى أن المتهم الرابع بصفته موظفًا عموميًا- مدير عام الإدارة العامة للتراخيص الطبية بالإدارة العامة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية- ارتكب تزويرًا في محرر رسمي، هو تقرير المعاينة المورخ 19/10/2021؛ الخاص بمعايير منح الموافقة المبدئية للتشغيل للمستشفيات الخاصة، الصادر من الإدارة العامة للمؤسسات العلاجية غير الحكومية، حال تحريره المختص بوظيفته، وذلك بجيل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة، بأن ترك عمدًا إثبات وجود غرفتي الرعاية المركزة والطوارئ بالطابق السفلي "البدروم" لمستشفى دار الصحة حال تحريره تقرير معاينته، وانتهى التقرير لعدم وجود ملاحظات تحول دون منح الموافقة على تشغيل المستشفى، ليحتج به أمام اللجنة المختصة؛ تمهيدًا لإصدار ترخيص مؤقت بتشغيلها؛ مع علمه بتزويره، على النحو المبين بالتحقيقات.