فضل الإكثار من الصلاة على الرسول الأعظم يوم الجمعة

إسلاميات

بوابة الفجر

 

إن الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من أفضل العبادات، التي قد يفعلها المرء المسلم خلال يومه، لا سيما يوم الجمعة إذ تعرض صلاتك على حبيبك، فيا أيها المحب لا تضيع يوم الجمعة وأكثر من الصلاة على المحبوب صلى الله عليه وسلم.

عن أوس بن أوس: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلاةِ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ يَقُولُونَ قَدْ بَلِيتَ- قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ). رواه أبو داود (1047) وصححه ابن القيم في تعليقه على سنن أبي داود (4/273). وصححه الألباني في صحيح أبي داود (925)

قال في عون المعبود:

وَإِنَّمَا خَصَّ يَوْم الْجُمُعَة لأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَة سَيِّدُ الأَيَّام وَالْمُصْطَفَى سَيِّدُ الأَنَام، فَلِلصَّلاةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ. أهـ.

ومع هذه الفضائل والعبادات نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص يوم الجمعة أو ليلتها بعبادة لم ترد عن الشرع.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ). رواه مسلم (1144).

قال الصنعاني في سبل السلام:

"الحديث دليل على تحريم تخصيص ليلة الجمعة بالعبادة، وتلاوة غير معتادة إلا ما ورد به النص على ذلك كقراءة سورة الكهف.

وقال النووي:

"وَفِي هَذَا الْحَدِيث النَّهْي الصَّرِيح عَنْ تَخْصِيص لَيْلَة الْجُمُعَة بِصَلاةٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِيِ، وَيَوْمِهَا بِصَوْمٍ. وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهِيَته." 

 

قَالَ الْعُلَمَاء: "وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ تخصيصه بالصيام: أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ: مِنْ الْغسل وَالتَّبْكِير إِلَى الصَّلاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر بَعْدَهَا؛ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانْتَشَرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا، فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر فِيهِ، فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا، وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلا سَآمَةٍ، وَهُوَ نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر لِهَذِهِ الْحِكْمَة... فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة."

وَقِيلَ: سَبَبه خَوْف الْمُبَالَغَة فِي تَعْظِيمه، بِحَيْثُ يُفْتَتَن بِهِ كَمَا اُفْتُتِنَ قَوْمٌ بِالسَّبْتِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْتَقَضٌ بِصَلاةِ الْجُمُعَة وَغَيْرهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور مِنْ وَظَائِف يَوْم الْجُمُعَة وَتَعْظِيمه.

وَقِيلَ: سَبَب النَّهْي لِئَلا يُعْتَقَد وُجُوبُهُ، وَهَذَا ضَعِيف مُنْتَقَضٌ بِيَوْمِ الاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُهُ وَلا يُلْتَفَتُ إِلَى هَذَا الاحْتِمَال الْبَعِيد، وَبِيَوْمِ عَرَفَة وَيَوْم عَاشُورَاء وَغَيْر ذَلِكَ، فَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَا.