خريطة التحركات النسوية لحماية نساء مصر

العدد الأسبوعي

نيرة أشرف
نيرة أشرف

بالأرقام.. “نيرة” ليست الأخيرة.. و"المذيعة" ليست الأولى

مطالب بقانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة.. و"القومى للبحوث": ٨٠٪ تعرضن للتحرش والضرب

 

حملة التوقيعات أطلقت هاشتاج بعنوان أنا الضحية القادمة، ودعت إلى محاكمة عبد الله رشدى، الذى داوم على التحريض ضد النساء من خلال كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعى

واستشهدت الحملة بأن القانون جرم التحريض على العنف سواء ضد شخص أو مجموعة من الأفراد، وطالبت النائب العام بتحقيق العدالة الناجزة، وتفعيل القانون لانقاذ النساء ضحايا العنف.

كما دعت النائب العام للتدخل لوقف ما يحدث من تحريض ضد النساء والفتيات، وتقدمت ببلاغ جماعى عن الجرائم التى تعتبر تحريضًا ضد النساء والفتيات فى مصر، وطالبت بقانون موحد يحمى نساء مصر من العنف ولا يحمى الجانى.

التحركات النسوية لم تقتصر فقط على إطلاق حملة توقيعات بهدف إصدار قانون موحد لمناهضة العنف، ولكن أطلقت عدة منظمات نسوية حملات لمواجهة ما تتعرض له النساء فى مصر من عنف، خاصة فى الآونة الأخيرة، من بين تلك المنظمات مؤسسة المرأة الجديدة - سوبر وومن - مؤسسة قضايا المرأة المصرية الذين أطلقوا حملة تدوين تحت هاشتاج #مش_هتفلت.

الحملة استهدفت مواجهة ما تم نشره من تبريرات للقتل فى جرائم رأى عام، شاهدها المصريون بالصوت والصورة، وكانت على مسمع ومرأى من الجميع، ورفضت المبادرة أية تبريرات لاستعطاف المجتمع من أجل تبرئة قاتل.

حملة #مش_هتفلت هى محاولة من المؤسسات النسوية للتعبير عن حق الضحايا فى محاكمة عادلة، دون التدخل فى تاريخهن الشخصى، ودون استخدام الرأفة لمتهمين ينتهكن النساء بوازع مجتمعى.

المبادرة طالبت أيضًا بحماية نساء مصر، خاصة أن المستقبل يشير لوقوع المزيد من الضحايا.

كما طالبت المبادرة بضرورة إصدار قانون موحد لمناهضة العنف، تقدمت به بالفعل مؤسسة قضايا المرأة، ومجموعة العمل النسوى فى الدورة التشريعية الماضية والدورة التشريعية الحالية، وتم التوقيع عليه من ٦٠ نائبًا ونائبة من أعضاء مجلس النواب، واستشهدت المؤسسة بعدة وقائع من بينها واقعة فتاة المنصورة، وواقعة الطالبة مريم، والتى عملت المؤسسة لحمايتها من عنف ذويها الذى وصل إلى ضرب يفضى إلى الموت، عبر مناشدة الجهات المعنية، إلا أن معيدة بالجامعة قامت بتسليمها للأهل.

مؤسسات المجتمع المدنى طالبت بإصدار قانون موحد لمناهضة العنف بكافة أشكاله ضد النساء، مع الالتزام بالاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر وتفعيلها من بينها «السيداو».

وطالبت بحملات توعية داخل المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام لضمان تقليل نسب العنف فى المجتمع، وكذلك التبريرات المجتمعية التى تساعد فى تفاقمه.

الحملات النسوية رصدت عدة حكايات لضحايا تعرضن لانتهاكات من بينها جريمة مقتل فتاة فى الثلاثينات من عمرها على يد شقيقها بعد طعنها بالسكين عدة طعنات فى مناطق متفرقة من جسدها، ووقعت الحادثة فى مدينة «القرنة» بالأقصر.

بصوت مرتعش تروى إحدى الناجيات قصتها للهروب من القتل بعدما تزوجت أحد أبناء عمومتها بإحدى محافظات الصعيد، وكانت قسيمة الزواج بالنسبة لها شهادة وفاة إذا تم افتضاح أمرها، فقد تعرضت للاغتصاب ولا تستطيع إخبار أسرتها ولن يقف معها أحد، فكانت تتهرب من زوجها حتى لا يكشف أمرها ووصل الأمر لتعرضها للضرب المبرح حتى استطاعت التواصل مع أحد بيوت المعنفات، وهربت من الصعيد إلى القاهرة.

وبحسب الناجية فقد تعرضت للقتل مرتين، مرة عندما تعرضت للاغتصاب ولم تستطع الحصول على حقها من المغتصب، ومرة أخرى عندما أجبرت على الزواج من ابن عمها لتعيش باقى حياتها هاربة.

التعنيف المستمر دفعها للهروب من منزل أسرتها الفتاة الجامعية التى تعرضت للصعق بالكهرباء لرفضها الزواج من أحد أقاربها، كونها تدرس بكلية الطب، ويريد أهلها إجبارها على الزواج من أحد أبناء عمومتها، وهو لم يحصل سوى على الشهادة الإعدادية، حتى تواصلت مع أحد الخطوط الساخنة لبيوت المعنفات، وبالفعل استطاعت الهروب من أهلها، واضطررت للعمل لاستكمال دراستها، والهرب من فخ الزواج، إلا أن أهلها استطاعوا الوصول إليها ووعدوها بحسن المعاملة، ولكن بعد رجوعها تعرضت لكل أنواع العنف والتعذيب حتى أقدمت على الانتحار.

العقاب على الهروب من المنزل كانت الضريبة التى لا تزال تدفعها «عفاف» طيلة عام كامل فكرت خلاله فى الانتحار، وتبدأ القصة عندما حاولت أسرتها إجبارها على الزواج من أحد أقاربها، خاصة أنها من بيئة صعيدية متحفظة، وعندما رفضت قاموا بتعنيفها وضربها، فهربت إلى القاهرة للبحث عن عمل حتى لا تجبر على زيجة لا تريدها، وبعد فترة قامت أسرتها بالبحث عنها حتى وجدوها، عندها قاموا بحبسها ومنعوا عنها الأكل، وأخبرها والدها أنه سيجرى عليها كشف عذرية للتأكد من عدم تفريطها فى شرفها، ولخوفها منه ألقت بنفسها من «بلكونة» الطابق الثالث لتصاب بكسور مضاعفة لا تزال تعالج منها حتى الآن.

الممارسات الشاذة فى العلاقة الزوجية دفعت «ناهد» للتواصل مع إحدى الحقوقيات بعد تعرضها للعنف والإهانة من قبل زوجها، ومن ثم الذهاب لأحد بيوت المعنفات لإقامة دعوى على الزوج، خوفًا من إقامة هذه الدعوى وهى لا تزال فى منزله فقد لا تتعرض للقتل على حد قولها، لكونه من خلفية محافظة، ولأنه غير مسموح لها بطلب الطلاق طبقًا لعاداتهم وتقاليدهم، مهما كانت الأسباب.

تروى إحدى الناجيات من العنف، أن زوجها كان يعاملها معاملة قاسية، وأحيانا يضربها ويطردها من البيت، حتى إنه حبسها فى المنزل مرة ولم يسمح لها بالخروج من الغرفة أو تناول الطعام والاستحمام، وكان يقوم بتعذيبها وحرقها فى أماكن حساسة بجسدها، وعندما ذهبت إلى بيت أمها لم تتقبل فكرة هجرها لبيت زوجها وقامت بطردها، وإلقاء جميع متعلقاتها الشخصية فى الشارع، فما كان منها سوى اللجوء لأحد بيوت المعنفات، هربًا من تعذيب زوجها لها.

العديد من المشاكل تعيق النساء عند اللجوء لبيوت المعنفات، منها التشريعات الخاصة بجرائم العنف الجنسى، سواء من الأزواج أو الأسرة، بدافع أن الصلح مع الجانى هو الحل الوحيد، والأمثل فى أغلب الحالات، وقد يصل الأمر فى بعض الحالات لتعرض الناجية من العنف لأشكال مختلفة من التعذيب، تصل للطعن بآلات حادة، وينتهى الأمر بعقوبة مخففة على الجانى، الزوج أو الأب، لمدة لا تزيد عن ٦ أشهر، على اعتبار أنها عقوبة تأديبية.

عدد جرائم قتل النساء والفتيات تصل إلى ٢٩٦ جريمة فى عام ٢٠٢١ وكانت الجيزة أعلى معدل بين المحافظات بواقع ٥٦ حالة قتل فى عام ٢٠٢١، بينما سجلت القاهرة ٢٣ حالة قتل للسيدات على أيدى أزواجهن.

وكانت نسب قتل النساء من قبل الأزواج، أقل فى محافظات وجه قبلى، حيث بلغت ٥٩ واقعة، بينما سجلت محافظات وجه بحرى ٥٧ حالة قتل.

ويرصد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن هناك نسبة تتجاوز ٨٠٪ من النساء والفتيات تعرضن للعنف والتحرش فى الشوارع خلال العام الجارى، وترتفع هذه النسبة فى الحضر، وبين الذكور والشباب الأصغر سنًا.

فيما يرصد المركز القومى للبحوث العديد من جرائم القتل، التى استهدفت النساء والفتيات خلال النصف الأول من العام، والتى وصلت حتى الآن إلى ٧٢ جريمة منها ٥٤ جريمة تمت على يد أحد من الأسرة، و١٢ جريمة على يد شخص غريب.