"الصراع يشتعل" هواش يرد على الشماع: لا حق قانوني لمصر باسترداد حجر رشيد

أخبار مصر

خبراء الآثار والقانون
خبراء الآثار والقانون

اشتعل الصراع خلال الساعات الماضية ما بين الدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص والدكتور عبد الرحيم ريحان المتخصص في علم الآثار، من جانب وما بين الدكتور بسام الشماع المرشدالسياحي وعضو الجمعية التاريخية واتحاد الكتاب حول مدى أحقية مصر قانونًا في استرداد لوحة رشيد الحجرية المعروفة بـ "حجر رشيد".

بداية الأمر 

وبدأ الأمر بمقالة لهواش نشرتها الفجر والتي تحدثت عن أن انجلترا تمتلك الحق القانوني في الاحتفاظ بحجر رشيد، ثم كان الرد من الشماع على المقال بآخر يستند لعدد من الدلائل التاريخية، والتي وصفها الشماع بأنها تفند وتدحض المقالة الأولى لهواش.

ورد هواش على المقال الأخير  للشماع قائلًا، “كنت أتمنى أن أرى فى رد الأستاذ بسام الشماع أي نقاط قانونية بل كان الرد مجرد سرد تاريخي يتضمن مغالطات تاريخية وفى النهاية كلنا مصريين ونتمنى عودة كل آثار مصر ومنها حجر رشيد ولكن المطالبة لها قواعد وأصول نصطدم بها حين نتعامل بشكل قانونى مع المجتمع الدولى وأنا آثارى وباحث دكتوراه فى القانون الدولى ولذا وجب الرد بالشكل القانوني”.


مصر لم يكن لها شخصية قانونية أثناء الحكم العثماني

وأضاف هواش "هناك أكثر من مغالطة قانونية يُعذر فيها الأستاذ بسام الشماع لعدم تخصصه في القانون الدولي ومنها أن السيادة العثمانية على مصر لم تكن احتلال بل كانت مصر إقليم من أقاليم الخلافة العثمانية لقرابة ثلاثة قرون في حينها وبالتالي لم تكن لمصر شخصية قانونية علي المستوى الدولي على استقلال بل كان التمثيل الدولي من قِبل الباب العالي (الإمبراطورية العثمانية) ولم تظهر لمصر شخصية مستقلة حقيقية على المستوى الدولي إلا في عام 1840م أثناء عقد معاهدة لندن وبناءً عليه وجود العثمانيين في اتفاق أغسطس1801م يعتبر ممثلًا لمصر بحكم أنها إقليم من أقاليم الدولة تم احتلاله من قبل الفرنسيين.

مصر واتفاقيات العثمانيين في فيينا

وتابع هواش، "أي تصرف تم الاتفاق عليه من قبل الإنجليز والفرنسيين والعثمانيين هو اتفاق ملزم لمصر لأنها بعد استقلالها عن الخلافةالعثمانية 1914 أصبحت دولة الخلف بالنسبة للدولة العثمانية (السلف) وطبقًا لاتفاقيات الخلافة المبرمة في فيينا 1978، 1983 وما يسبقهامن عرف دولي استقر العمل عليه، فإن مصر ملتزمة بكافة ماورد في اتفاق جلاء الفرنسين عن مصر خاصة أن خروج حجر رشيد وتسليمه للإنجليز كان في ظل الموافقة الحرة من قبل العثمانيين الممثلين لمصر (الدولة السلف).

مبدأ الصحيفة البيضاء

ومن ناحيته أشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى أن الأستاذ بسام الشماع أشار إلى فكرة  تطبيق مبدأ الصحيفة البيضاء للدول الخلف وهو مبدأ مفاده أن الدولة الخلف لا تلتزم بما اتفقت عليه الدولة السلف، ولكن هذا المبدأ واقعيًا لا يمكن تطبيقه إلّا في حدود ضيقة جدًا ويكون مع الدول المستقلة حديثًا فقط  ويستحيل أن ينطبق علي الحالة المصرية لأن الاتفاق بجلاء الفرنسيين تم منذ 1801 وانتهي تطبيقة حين الاتفاق عليه أما مبدأ الصحيفة البيضاء يكن مطبقًا كما ذكرنا علي الدولة المستقلة حديثا وتكون علي نوع من الاتفاقيات التي لا تزال سارية وتطبق مثل الاتفاقيات الاقتصادية.

فكرة الحفاظ على التراث حديثة

وأوضح أن العرف الدولي هو المهيمن والمنظم لكافة علاقات الدول علي المستوى الدولي قديمًا وحديثًا ففكرة الأسلاب وغنائم الحرب كانت أمرًا طبيعيًا بين دول العالم في هذا التاريخ خاصة إذا صاحب ذلك موافقة حرة من الدولة صاحبة الحق ويقصد هنا الدولة العثمانية وأن فكرةالأقاليم المحتلة والحفاظ علي الأملاك والأعيان المادية لصالح أهل الإقليم ومنها الأملاك التراثية والثقافية هي فكرة تطورت في العرف الدولي حتى تم تقنينها باتفاقيات لاهاي لعام 1907م، واتفاقيّات جنيف لعام 1949م وهنا نجد أن الفترة التي خرج فيها حجر رشيد من مصر  1801 كان سابقًا علي الفكر الدولي المحافظ علي الأعيان التراثية والثقافية بأكثر من مائة عام.

ونوه الدكتور ريحان أنه طبقًا للدراسة القانونية للدكتور محمد هواش فإن الظروف التي خرج فيها حجر رشيد  وكانت من وجهة نظر العرف والقانون الدولي حينها مشروعة وخاصة أنها أخذت الموافقة الحرة من الدولة العثمانية الممثلة لكل أقاليمها بما فيها مصر وهنا يجب أن ننتبه إلي أن الفكر الدولي وإسباغ بعض أنواع الحماية علي الأعيان الثقافية وقت الحروب كان لاحقًا علي خروج حجر رشيد من مصر بفترةكبيرة ولا يمكن انطباق ذلك بأثر رجعي حماية لاستقرار الأوضاع الدولية وتطبيقًا لمبادئ خلافة الدول التي تدعم استقرار تلك الاوضاع.

وبخصوص ما ورد فى رد الشماع بأن مصر لديها الحق التاريخي والرسمي للمطالبة باسترداد لوحة رشيد الحجرية مستندًا في ذلك الطرحعلي أدلة لاترقى لكونها دليلًا علي الخروخ غير المشروع بل هي لا تعدو كونها سردًا لأحداث تاريخية صاحبت خروج الفرنسيين من مصر وأنالحقوق سواءً علي المستوي الوطني أو الدولي يجب أن تحمي بمشروعية الحق أولًا واستقرار الحق وعدم التعرض له ثانيًا وذلك هو المدخلللحماية أيضًا من منظور استقرار الأوضاع علي المستوي الدولي.

الختام

وفى الختام أكد هواش وريحان أننا كمصريين جميعًا نأمل دائمًا في التماس كل سبيل يؤدي للمحافظة على تراثنا العريق مؤيدين وجهةنظرنا بالسند القانوني والمنطقي المتفق مع الاتفاقيات والأعراف الدولية وطبيعة العلاقات علي المستوي الدولي ولكن يجب أن  نبتعد عن كلكلام مرسل لم يؤسس علي سند قوي من المعلومة التي ارتقت إلي مرتبة المعرفة أو علي سند من المنطق الطبيعي.

نرحب بالنقاش والنقد البناء

وأشارا إلى ترحيبهما بأي نقاش بنّاء يمكن أن نخرج منه بالوقوف علي نقاط الضعف والخلل حتي نتجنبها ونقف علي أرض صلبة بفهمموقف مصر القانوني السليم في حالة الإقدام علي دعوي استرداد لحجر رشيد وهل سيكون لتلك الدعوي أي مردود حقيقي أم أنها ستكونمضيعة للوقت، ويتوجب البحث عن وسائل أخري لارجاع حجر رشيد مثل الطرق الدبلوماسية. 

لا داعي للعنترية

واختتما كلامهما -هواش وريحان- قائلين يجب على من يتصدى للدفاع عن مقدرات مصر أن يكون مؤهلًا ويبتعد عن الكلام المرسل ويترك الحديث للمختصصاحب الدراسة، فغير المتخصص وإن صاحبه حسن النية، يعطي انطباعًا بأن كل شيء ممكن وسهل المنال وأن الدولة المصرية مقصرة من جانبها في المطالبة باسترداد آثارها ولكن الواقع مغايرًا لذلك بشكل كبير حيث أننا نعيش في عالم متشابك العلاقات بكثرة تعقيدها والحديث عن موقف مصر تجاه أي قضية يجب أن يكون مدروسًا من الناحية العلمية القانونية بعيدًا عن العاطفة والعنترية في الحديث دون سند من القانون أو المنطق.